في هذه الايام العصيبة والحرجة ليس للعراقيين سوى خيارين اما عراق ديمقراطي اتحادي باختيار الشعب او ان الارهاب والارهابيين بكل اشكالهم وصورهم سيختار شكل العراق والعودة الى الوراء وهذا ما لايريده المواطنون.
العراق الديمقراطي الفدرالي الاتحادي متعدد القوميات والاديان والمذاهب عاشوا معا منذ الاف ومئات السنين، ليس باستشارة المواطنين بل بشكل قسري، لكنهم تآخوا بروح انسانية بعيدا عن الحكومات والعسكرة والطغاة.
اننا نعيش في عالم متنوع ومتشابك الفعاليات والافكار والمبادئ عصر السرعة والتطور التكنولوجي المتجدد.
والزمن له قدسيته احيانا ويحسب له الف حساب، فيجب ان تكون لنا دولة واضحة المعالم تعكس طبيعة الشعب العراقي وما سيكون في المستقبل. دستور ونظام حكم يدلنا الى ما لنا وما علينا وما لغيرنا من حقوق وحريات.
فهل نبدأ من حيث بدأت الامم والشعوب في وضع نظام وشكل الدولة ام اخر ما توصلت اليه تجاربهم ونستفيد من اخطاء وهفوات وكبوات الشعوب الاخرى ونختزل الطريقة.
اليوم يجب ان نعمل ونرسم هيكلية دولة ونشرع دستور يطيعه الكل بلا اكراه. ان النظام الدستوري الديمقراطي البرلماني هو الضمان الوحيد للانسان وسيادة القانون ووضع العدالة الاجتماعية لعلاقات سليمة بين سلطة المؤسسات والمواطنين. دستور دائم يكفل الحرية العامة والاساسية ويصون حقوق المواطنين دون تمييز ولا تسلب فيه ارادة الشعوب والامم وفق منطق سيادة القانون دون قهر وتسلط وارهاب.
تعريف الفدرالية الاصطلاحي واصلها اللغوي
هو اتحاد طوعي اختياري متعدد الاشكال. وتوزيع او تقسيم للسلطات بين المركز (الحكومة المركزية) وبين الاقاليم او الولايات واصل الكلمة يونانية وتعني (الاتحاد).
الاشكال التاريخية
الحضارة اليونانية –مجلس الشيوخ ونظام نقل السلطات الى المركز
الحضارة الاسلامية (نظام الولايات والعمال وحكام الولايات) وتطورت الفيدرالية في الولايات التابعة للامبراطورية الاسلامية والسلطة المحلية الكاملة عند الولادة او العاملين على الولايات.
والفدرالية هي شكل من اشكال الديمقراطية (حكم الشعب) ويفشل هذا النظام في انظمة وحكم الفردية او التسلط القومي المنفرد او الانظمة العسكرية.
بنية النظام الفدرالي:
الفدرالية هي احدى اشكال الديمقراطية. ويقوم على اساس المساواة والمهادنات والاتفاقات ويتخذ شكل حكومة دستورية تعبر عن الوحدة الوطنية بوجود القوميات المتعددة في اطار قانوني موحد.
والاتحاد الفدرالي يبرز اللامركزية والادارية في نطاق الهيكل السياسي والدستوري الموحد. وترفض القيود المتعلقة بحقوق الانسان الطبيعية.
وتحدد الفدرالية بعلاقة الحكومة المركزية مع الاقاليم او المقاطعات او الولايات دستوريا.
القومية هي الشكل المتعرف عليه، وهذا الشكل غالبا ما يكون في اسيا وافريقيا وبعض من دول امريكا اللاتينية.
اما في امريكا وكندا واستراليا، يقوم على اساس اقتصادي وفي الهند على اساس اللغة والقومية. اذن فالفدرالية هي نظام عالمي طبيعي يقوم على اساس متعدد الاشكال والتغييرات التاريخية (اليونان قديما) وهناك نوعان في العالم:
حدودي 174 دولة (دولة ذات قوميات وطوائف متعددة في ظل نظام اتحادي مركزي).
اتحادي 25 دولة (دولة ذات سيادة تتحد في ظل اتحادي مركزي واقدم فدرالية بالمعنى الحديث والمعاصر في سويسرا في عام 1256).
والملاحظ في هذا النظام، وهو اجمل ما فيه هو الاختلاف في الشكل والاتفاق في الجوهر والاساس والدستور.
فالخدمة الاجتماعية واعلان الحرب والاقتصاد العام تدفع هذه الاتحادات الى تقوية المركزية (هو عكس ما يتصوره بعض المواطنين والكتل السياسية في العراق) وهذه الناحية تنطبق على استراليا.
اما الاتحاد الفدرالي (التعاوني) يحل محل الفدرالية (الثنائية) كما هو الحال في الولايات الامريكية. حيث ان الدافع الاقتصادي قد دفع ادارات الولايات لتقوية المركزية اكثر من الادارة المحلية، مع بقاء حقوق الولايات الخصوصية، ومن صفات الفدرالية هي ازدياد تبعيتها للحكومة المركزية واضطرارها الى التعاون معها سبب تحكمها في المال و(الاقتصاد)، والدستور والسياسة الخارجية والدفاعية.
ويسأل معارضو الفدرالية ما الفائدة من دساتير الاتحادية الثابتة مادامت ستتحول في النهاية الى شكل معقد من اشكال الادارات الحكومية الموحدة؟!
فهذا النظام يحفظ ولاء المواطنين نحو الحكومة المركزية كذلك خصوصية الانسان والمواطن في اللغة او القومية في الوطن الواحد.
وهذا حق طبيعي لكل انسان يؤكده القانون الدولي لحقوق الانسان والكتب السماوية والاديان ذات الهدف الانساني العالمي (وخاصة القرآن الكريم) هذه الخصوصية واضحة بعيدة عن الجدل المناقشة العقيمة.
ومنطقية الفدراليين تقول ان وسائل التحايل على الدساتير الثابتة في الحكومات الفردية والدكتاتورية كثيرة واثبتت التجارب والنماذج تلك الحجة فاغلب حكومات الدول النامية والعالم الثالث هي دكتاتوريات فردية عشائرية في واقع الحال فالزعيم او رئيس الدولة يبقى في الحكم مدى الحياة، هذا بسبب عدم وجود تعددية وحرية سياسية على ارض الواقع وكذلك عدم وجود مؤسسات دستورية مستقلة قضائيا.
انواع الفدرالية:
1-وحدوي: الدول ذات القوميات والطوائف المتعددة.
2-اتحادي: دول ذات سيادة تتحد في ظل نظام اتحادي مركزي.
3-سياسي:امة مقسمة الى عدة دول ذات سيادة تتحد فيما بعد مثل المانيا، الامارات العربية المتحدة، استراليا.
4-قومي: عدة قوميات تتحد في دولة واحدة مثل بلجيكا، اسبانيا.
5-تاريخي-اداري: لاسباب ادارية وضرورة تاريخية تتحد عدة ولايات لاقامة دولة ذات سيادة-الولايات المتحدة الامريكية.
6-الدستورية: تحديد سلطة المركز وفق قوانين دستورية امريكية-الهند –استراليا.
او تحديد سلطة الاقاليم وهو نوع نادر.
او تحديد سلطة الاقاليم والمركز (دولة القانون) –(دولة المواطن) مثل كندا-وسويسرا.
والفرق بين الفدرالية والكونفدرالية هو ان الاول فيه صلاحيات المركز (الحكومة المركزية) اقوى من الاقاليم والولايات.
اما الكونفدرالية: فان صلاحيات الاقاليم او الدول اوسع واقوى من صلاحيات المركز مثل (دول السوق الاوربية المشتركة والجامعة العربية وهيئة الامم المتحدة).
تركيبة النظام الفدرالي:
ثنائية القومية او اكثر من قومية: اعتمادا على العامل التاريخي وعلاقة الاقاليم فيما بينهما مثل سويسرا-اسبانيا.
تنافسية: من علاقة الاقاليم على ضوء الثروة الطبيعية لدى كل منها من حيث التوزيع الجغرافي الطبيعي.
اداري سياسي: مثل الولايات المتحدة الامريكية.
العامل الاثني: مثل بلجيكا والعامل الاثني هو الغالب وتم الاتفاق على ضوء هذا العامل من خلال مبدأ التوافق القومي واللغوي.
الدساتير الفدرالية:
تفصيلي-بلجيكا-اسبانيا.
وغير تفصيلي-امريكا-سويسرا.
والسبب الوعي السياسي والثقافي للمواطن بولاء مكونات الشعب كله للوطن الواحد. ففي العالم تطبق 77 دولة ذلك النظام اي 40% من دول العالم.
ونظام العولمة هي فدرالية اقتصادية-تجارية. والتقارب العالمي اقتصاديا واجتماعيا نحو الوحدة العالمية لاعطاء صلاحيات الامم المتحدة بشكل تدريجي لتشكيل وحدة عالمية او حكومة عالمية بالتقارب السياسي.
صلاحيات ووظائف السلطات المركزية:
تحتفظ السلطات المركزية لنفسها بسلطات ووظائف حصرية مثل الامن الوطني والدفاع الخارجي والعلاقات الخارجية الوطنية العملة المتداولة، والنظام النقدي، التبادلات التجارية الخارجية للصالح العام (الوطني) والمواطنة وتتمثل بالدفاع والخارجية والمالية والدستور.
اذ هناك سلطات ثابتة تختص بها الحكومة المركزية-الاتحادية منها:
1- سلطة دستورية مركزية موحدة.
2- سلطة تشريعية عليا مركزية موحدة.
3- سلطة تنفيذية عليا مركزية موحدة.
4- سلطة قضائية مركزية موحدة.
5- هيئة دفاعية (وزارة) واحدة.
6- هيئة خارجية (وزارة) واحدة.
وهناك هيئات واختصاصات محلية ضمن الولاية –الاقليم تعمل بصيغة ادارية لها سلطات محدودة ضمن السلطة المركزية العليا.
وهناك مشكلة الاقلية والاغلبية في بعض الاتحادات، فتمت معالجة هذه المشكلة على اساس مبدأ التوافق (مبدأ التوافق هو انشاء مجلس تشريعي ويكون التمثيل به على اساس صوت-عضو واحد لكل فئة مهما كانت قليلة او كثيرة).
وهذا المبدأ يسمى احيانا (مبدأ القانون) في الحقوق الدستورية وهو حديث على بعض الانظمة الاتحادية لحفظ حقوق الاقليات من سلطة الاغلبية.
طرق الادارة المباشرة
هو انشاء حكومات محلية ادارية خاصة تابعة للحكومة المركزية، وتكون ادارة هذه الحكومات المحلية عن طريق هيئة تشريعية وتنفيذية وقضائية عليا لتخضع لها جميع سلطات الحكومات المحلية مع حفظ حقوق جميع الاقليات الاثنية والدينية والسياسية.
طرق الادارة غير المباشرة:
هو ان الحكومة المركزية تعهد الى الحكومات المحلية بتنفيذ الدستور وقراراتها وفق صلاحيات واسعة الية ومرنة الى حد ما، وتوجد هذه الانظمة في المجتمعات الواعية سياسيا واجتماعيا وثقافيا في ظل الحقوق الطبيعية للانسان وغالبا ما تكون في الدول المتقدمة والديمقراطية الحرة.
نماذج الاتحادات
الولايات المتحدة: نظام اتحادي رئاسي.
سويسرا: نظام اتحادي مجلسيا وبرلمانيا.
الاتحاد السوفيتي سابقا: نظام اتحادي اشتراكيا (نموذج خاص).
الامارا العربية المتحدة: نظام اتحادي رئاسيا دوريا.
اين يصلح النظام الفدرالي:
عندما يتوفر الميل نحو التجمع السياسي على اساس المصالح المشتركة العامة وكذلك الوطنية التاريخية، مثال ذلك الوحدة الافريقية والوحدة العربية والاتحاد الاوربي، فيضع القادة والمشرعو ن قوانين تحفظ مصالح وحقوق جميع الفئات من اهم النقاط التي تحمي الاتحاد هي:
1-الشعور بعدم الاطمئنان من دول الجوار.
2-وجود ترابط تاريخي جغرافي بين المقاطعات والولايات.
3-الحصول على امتيازات ادارية اقتصادية.
4-اللغة او الدين او المذهب هو احدى قوى الترابط بين المقاطعات والاقاليم.
5-وجود قيادات كفوءة على ادارة دفة الحكومة المحلية.
الاتحاد الفدرالي يقوي الشعور الوطني العام ويقيم حكومة مركزية قوية من خلال بث روح المحافظة على القانون وتطبيقاته ويحرك نشاط الدولة داخليا وخارجيا.
ومن الملاحظ ان اي تنظيم سياسي-اقتصادي لايستطيع منع الدول والقانون من التدخل في الشؤون الخاصة والعامة للمواطنين، فبدون هذا التدخل لاتتحقق الخدمات العامة الاجتماعية وترسيخ حقوق الانسان من خلال دستور عادل يحفظ للمواطن حقوقه الطبيعية والاساسية الخاصة.
ومن الملاحظ ان النظام الاتحادي يقف امام الدساتير الظالمة نتيجة التعددية في اشكال الحكومات المحلية ويظهر اللامركزية في اطار الهيكل السياسي الموحد والهيئات الوطنية العليا تعتبر وسيلة لضمان التعاون الجماعي في نطاق الدولة الموحدة.
اسباب نشوء الاتحادات الفدرالية
الشعور بعدم الاطمئنان بسبب التهديد او الضغط الخارجي، الرغبة في الاستقلال الاداري نتيجة ظلم سابق، الامل في الحصول على بعض المزايا الاقتصادية، وجود ترابط سياسي سابق بين الولايات-الاقاليم المجاورة التاريخية، تشابه النظم السياسية من حيث الاهداف العامة، طغيان الانظمة الفردية والدكتاتورية، فالتعددية الاتحادية تمنع الاستفراد بالسلطة على فئة او فرد او كتلة سياسية، اختلاف اقتصاديات الاقاليم والولايات، عوامل جغرافية وسياسية من الدول المجاورة، اختلاف اللغة والتراث والتاريخ والطبيعة الاجتماعية.
عوامل نجاح الفدرالية
توحيد التبادل النفعي الوطني بالاقتصاديات والموارد الطبيعية، نهاية الانظمة العنصرية والفردية والاحزاب الطاغية، تقارب وجهات النظر والافكار بين الاديان والمذاهب والقوميات، قدرة حكومات الولايات في الادارة الذاتية بوجود قادة سياسيين وخبراء واداريين وفنيين كفوئين.
العوامل التي تقف ضد الاتحاد
الفقر الاقتصادي والجهل الثقافي والعلمي، طرق المواصلات السيئة الطبيعية والاصطناعية، التمسك بالاراء والمبادئ الفردية والقسرية، عدم وجود الثقة المتبادلة بين القوميات او الوحدات السياسية والتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية وخاصة من دول الجوار، وجود انظمة دكتاتورية وطاغية مجاورة، المصالح الشخصية لبعض الزعماء وفرضها على الغالبية بالعنف الدموي، استغلال السطحية المعلوماتية والثقافية للشعوب ومجتمعات الولايات والاقاليم.
النظام الفدرالي يرتكز على ثلاثة اسس:
1-السيادة الذاتية للاقاليم.
2-المساواة بين الاقاليم.
3-المشاركة والتعاون بين الاقاليم.
لم يتوقف الجدل ومناقشة النظام الفدرالي في العراق بل تدخلت فيه دول الجوار الجغرافي في محاولة لزعزعته او التقليل من فحواه وتفريغ محتواه خوفا على انظمتها الشمولية والدكتاتورية الطاغية، فشعوب الشرق سحقت من ظلم هذه الانظمة الفاشية قادة بصورة شوفينية قومية او طائفية مذهبية وتفرض وتنتهك حقوق كيفية والحكم بمركزية عشائرية او قومية وتهدر الثروات بحجة حماية الوطن من الاستعمار.
والاعلام المعادي يجند اقلام رخيصة وافواه تصدر منها كلمات تزكم العقول والانوف، علما انها تجهل المعنى الاصطلاحي واللغوي للكلمة ومصدرها وتاريخها.
وهذا الاعلام المعادي يصدر من دول عربية تدعي الديمقراطية وحقوق الانسان وللاسف هي لاتخدم سوى قوى الظلام والنازية الجديدة والفاشية المذهبية.
فالبشرية تتجه نحو نظام الفدرالية والنظم اللامركزية، لانها تلبي رغبات واحتياجات المواطنين دون تمييز، ويعتقد علماء والاجتماع والسياسة والقانون بانه سوف ينتشر في العالم نتيجة التطور التكنولوجي السريع لنظام الاتصالات الحديثة، ومن المعروف ان الدولة الاتحادية تضم اشكالا حكومية ونظما وكيانات دستورية متعددة لكل منها نظام قانوني خاص ولها ادارة ذاتية وتخضع في مجموعها للدستور الفدرالي للحكومة المركزية، باعتبارها المنشيء لها والمنظم لبنائها القانوني والسياسي.
وبما ان الفدرالية جزء من الديمقراطية فعليه لايمكن تطبيقها في الانظمة الشمولية والمركزية على ارض واحدة.
ويدور النظام الاتحادي حول شكل نظام الحكم والسلطة فهو فلسفة الشرق الثابت عن الدولة يفسر كيفية ان المجتمعات وشعوب الشرق خضعت للدولة ورغبات الفرد الحاكم والزعيم الملهم وسلبتهم الارادة وحولتهم دون ان يعوا الى مناهضين لبناء مجتمع مدني وانساني متطور.
فالدولة الحديثة والديمقراطية الانساني هي وحدها القادرة على خدمة الشعوب وتوفير احتياجاتها الطبيعية والخدمية وتوظف قدرة الانسان لتاسيس دولة المواطن، يؤهله للاستغناء عنها بالمستقبل عن كثير من صلاحيات الدولة وهذا ما نسميه تربية واخلاق المجتمع المدني.
بعد زوال الاستعمار وخروجه صار الجيش وضباطه يمارسون الحكم الفردي باساليب همجية باسم الشوفينية مخلفا كومة من الكوارث والمآسي وتارة باسم الوطنية الوهمية. شهد الشرق حكومات فردية ودكتاتورية الاحزاب والمذاهب والقوميات والعشائر والاسر المتسلطة باسم حماية الوطن والشعب من الاستعمار والصهيونة واخرى باسم فلسطين التي باعوها منذ عقود ويفسر هؤلاء العدالة والقانون وحقوق المواطن والانسان على اهوائهم دون العودة الى الشعب والجماهير المسحوقة في السجون والمعتقلات ودهاليز (قصر النهاية) و(ابو غريب) و(نكرة السلمان) وغيرها من نتاجات الافكار الظلامية المقيتة فانعكس هذا الوضع على ايقاف عجلة التطور وتقليص صلاحيات الحكومة (حاميها حراميها) ونتجت عنها الفقر والتخلف والجهل والخوف والازمات المزمنة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وجاء هذا من خلال الرفض المستمر لكل مشروع يدعو الى تقوية المجتمع والشعب واضعاف صلاحية الحكومة لبناء مجتمع مدني انساني واعي.
الفدرالية نتاج حوادث وازمات وتطورات تاريخية وليست فكرة فلسفية او ايديولوجية، لذا نراها مختلفة الاشكال ومتنوعة التطبيقات في صورة المكان والزمان.
لاوجود لشكل جاهز ينطبق على جميع المجتمعات والشعوب، وهذا لايعني غياب الجوهر الواحد الذي يهدف اليه النظام الاتحادي هو تقسيم او توزيع السلطات بين المركز والاطراف المرتبطة به من ولايات واقاليم، يهدف في النهاية الى ادارة ناجحة ترضي الجميع وحل جميع المشكلات الجغرافية الاثنية والادارية واستحضار اليات تطبيقها على احسن وجه، فتقريب وجهات النظر بين المواطن ومؤسسات الدولة العليا ومنح المواطن صلاحيات اوسع من صلاحيات الحكومة، وهذا نظام يعترف بالتطلعات المختلفة ويكرس مبدأ التوافق والحوار وتقريب وجهات النظر ويعمل على ازالة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، واجمل ما فيه هو التعايش الوحدوي والسلمي في التعددية وعلى ارض واحدة وعلى اساس خيار المواطنين ويعترف بالخصوصيات المحلية والخاصة. يبدو ان القوى المناهضة للفدرالية او عبر الاتكاء على تصريحات الدول الاقليمية المناهضة له. مازالت لاتدرك حجم التغييرات في المنطقة، فهذه القوى مازالت تصر على مواقفها حتى لو تمزق العراق ونشبت الحرب الاهلية، لكي تعود تبكي على اطلال غرناطة بدموع التماسيح.
التآخي