لا أريد ونحن على أعتاب الذكرى الثالثة والسبعين لحزب الطبقة العراقية العاملة الشيوعي أن اختار الكلم المعسول والعبارات الرنانة التي لا يحتاجها حزب مثل حزبنا الشيوعي العراقي الذي يرتبط تاريخه بتاريخ العراق الحديث ونضالات الطبقة العاملة العراقية وحليفتها الطبقة الفلاحية وباقي شرائح المجتمع العراقي الذي وجدت فيه الطريق الوحيد لرفع مطالبها المعيشية والسياسية منذ أول لحظة ظهوره على الساحة السياسية العراقية يوم 31 آذار 1934 . وقد أوفى الحزب بكل ما تعهد به من رفع مطالب العراقيين في التحرر وإقامة حياة حرة سعيدة والدفاع عن كافة النسيج العراقي الذي يتألق لوحده كحزب عراقي في ضم كافة النسيج العراقي الجميل تحت خيمته من دون تمييز بين أي منهم إن كان في الدين أو المذهب أو القومية . وقدم التضحيات الجسام بدءا من شهادة قادته الأبطال فهد ورفاقه ، مرورا بكل الشهداء الأبرار الذين وقفوا بوجه الطغاة على مر تاريخ العراق الحديث الحافل بالجرائم التي اقترفت بحق خيرة أبناء الشعب العراقي من الشيوعيين الأبطال وخاصة يوم وقف رفاقه وأصدقائه بوجه الردة السوداء يوم 8 شباط الأسود عام 1963 وتصدوا بشجاعة وقوة لمن ترجلوا من القطار الأمريكي من البعثيين وحلفائهم القوميين الشوفينيين ، الذين عرفوا وقتها قوة وصلابة الحزب في شخص شهدائه سلام عادل ورفاقه الأبطال ، وكان درسا في الوطنية سجله الحزب بوجه شراذم الفاشست القتلة من ( ثوار رمضان ) الأسود .
وها هو حزب الطبقة العاملة العراقية يقف شامخا أبيا بتصميم وقوة إرادة مسجلا للجميع حب الشيوعيين لوطنهم وشعبهم وتمسكهم بالحياة التي استمرت في أجيالهم منذ ثلاث وسبعين عاما ، بينما لم يحصل كل من ناوئهم إلا على الخزي و العار ، ولم تتقبلهم حتى مزابل التاريخ ، وأصبحوا كما المثل ( شذر مذر ) ، هائمين على وجوههم في فلوات صحارى بلدان ( العروبة ) التي لم ترحب بهم لوجه الله بل لسواد ( عيون دولاراتهم الخضراء ) التي نهبوها من خزينة شعبنا المظلوم .
وقد أضافت هذه السنين الكثير من الخبرة السياسية والالتصاق الحميمي بين الحزب وبين الشعب العراقي ، وأظهرت صفحته السياسية البيضاء الناصعة مقابل صفحات سياسية واجتماعية واقتصادية لأعدائه الطبقيين الذين أرادوا به شرا فوقعوا في شر أعمالهم . لذلك فالمطلوب في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها شعبنا والعالم وحدوث العديد من المتغيرات أن يراجع الحزب الكثير من النقاط المطروحة على البحث ، أو ما يختزنه وجدان أنصاره ومحبيه وأصدقائه ، وخاصة إعادة النظر في تسمية الحزب لان العديد من أعدائه يخوفون الناس متعمدين من التسمية الحالية لغاية دنيئة في نفوسهم ، مضافا لذلك ما ينشرونه من قصص ودعايات ملفقة بالضد من توجهاته الوطنية والسياسية والاجتماعية والإنسانية ، ومسألة تغيير الاسم لا تدخل ضمن ايديولوجيته ومبادئه الأساسية ، علما إن هناك العديد من الأحزاب الشيوعية لا تحمل نفس الاسم ، أو جرى تغيير أسمائها وفق مرحلة ما بعد فشل تجربة العالم الاشتراكي السابقة . كذلك يدخل في باب التغيير المطلوب تغيير التحالفات الموجودة في الوقت الحالي وفك الارتباط مع تجار السياسة ومن تلطخت أيادي البعض منهم بدماء الشعب العراقي الزكية ، والذين يحاولون استغلال المرحلة الحالية بوجود التحالف الحكومي المحكوم بالمحاصصة القومية والطائفية للاستيلاء على السلطة عن طريق التآمر السياسي مع بعض القوى المضادة للتوجه الديمقراطي في وطننا الحبيب ، ووفق اللعبة البرلمانية في طريقة للقفز على الديمقراطية وتسخيرها لمآربهم الشخصية . علما إن الساحة السياسية مليئة بالوجوه الديمقراطية ذات الصفحات النظيفة والنفس الوطني ، والحزب معروف عنه طريقة إقناعه للقوى الوطنية للدخول في تحالفات سياسية وطنية تخدم قضية الديمقراطية دون اللجوء كما يفعل البعض من داخل القائمة العراقية للتآمر والمناورات السياسية المكشوفة لوأد العملية الديمقراطية الوليدة والعودة بالقضية العراقية لنقطة الصفر التي يحسب الحزب الآن عليها وعلى كل تصرفاتها السياسية رضي الحزب أو لم يرضى .
لذا فالمطلوب جماهيريا أن يراجع الحزب في ذكراه العزيزة على نفوس كل الوطنيين العراقيين المخلصين العديد من مواقفه وآرائه والتخلص من الكثير منها مما لا يتناسب مع المرحلة الوطنية وما جرى من تغيير ويجري في العالم اجمع بكل جرأة وصراحة من دون تخوين أو تقريع من قبل البعض ممن لا زال يعيش للآن أجواء الحرب الباردة وسنوات ما قبل التسعينات من القرن الماضي .
فيينا – النمسا
الرئيسية » مقالات » الذكرى الثالثة والسبعين لحزب الطبقة العاملة العراقية وضرورة الخروج من قمقم الماضي