الرئيسية » مقالات » هل يدرك حكام إيران خطورة مواقفهم على الشعوب الإيرانية؟

هل يدرك حكام إيران خطورة مواقفهم على الشعوب الإيرانية؟

تسعفنا الذاكرة في بعض الأحيان للعودة إلى الماضي غير البعيد لكي نوازن الأحداث المأساوية التي قد تتشابه أو تقترب من بعضها في الأسباب والنتائج وبذلك نحصل على فوائد جمّة في مقدمتها تجنب تكرار الأخطاء و النتائج المأساوية الجديدة .

كل الذين عاصروا الفترة ما بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية واحتلال دولة الكويت يتذكرون جيداً الحملة الاعلامية الغربية وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية حول القوة العسكرية الهائلة للنظام العراقي حتى بات التشبيه أن الجيش العراقي مجهز ليكون في مقدمة جيوش العالم وانه سيكون السبب الرئيسي في اندلاع الحرب العالمية الثالثة!! وبقى الأعلام الغربي الموجه نحو تحقيق الهدف يجدول عناصر القوة ولا يترك فرصة في تعداد جوانب هذه القوة العسكرية ولا سيما ما قيل بأن النظام العراقي خلال سنين قليلة سوق ينتج القنبلة الذرية الخطرة على السلم في المنطقة والعالم، كما كان الحديث عن أسلحة الدمار الشامل والقوة الصاروخية وأعداد الطائرات والدبابات والمدرعات والمدافع وكلها مستورد أما من الاتحاد السوفيتي السابق أو من فرنسا وغيرها من الدول ما عدا الأعداد البشرية التي كانت لوحدها من إنتاج الأمهات العراقيات المسكينات، وعندما بدأت الحرب الخليجية الثانية وجدنا جميعنا وبخاصة المعاصرين للحدث أن القوة العسكرية الثالثة في العالم ما هي إلا كذبة ( فاشوشية ) اشد سخرية من كذبة نيسان ساهم فيها النظام الشمولي بحماقة وغباء فكانت النتائج عشرات الآلاف من الضحايا العراقية وتدمير واسع للجيش ومعداته التي كانت تساوي المليارات من الدولارات والمنزوعة من فم الشعب الجائع وتقسيم البلاد.. وقد تعود بنا الذاكرة إلى الحصار الاقتصادي والتهديدات الأمريكية والذين معها بحجة أسلحة الدمار الشامل وحماقة النظام الشمولي وعنجهياته ثم قيام الولايات المتحدة الأمريكية والبريطانية بشن حرب شاملة على العراق واحتلال برمته في التاسع من نيسان 2003 وبحجة أسلحة الدمار الشامل لكن الأيام أثبتت لنا أن حماقة ذلك النظام وتصرفاته غير المسؤولة وتشبث قادتة بكراسي الحكم وتغليب مصلحتهم الشخصية والحزبية الضيقة على مصالح الشعب واستقلال البلاد كانت في مقدمة الأسباب التي أدت إلى هذه الحرب والنتائج المأساوية التي رافقتها وما زالت مستمرة لحد هذه الساعة.. نسوق هذا الحديث الذي قد يبدو قد كرره غيرنا وبطرق مختلفة للوصول إلى تفسير منطقي للحماقة الإيرانية الحالية وما يترتب عليها من فواجع ستضر الشعوب الإيرانية بأشد الأضرار إذا لم تهدد استقلال إيران وسيادتها الوطنية بشكل سريع ومباشر مثلما حدث في العراق ومن باب الجيرة وشعورنا بالدفاع عن الشعوب الإيرانية الصديقة وفي مقدمتها شعب الاحواز العربي التي ترزح تحت نير من الطغيان الطائفي بحجة الدين الإسلامي بينما والحقيقة تقال أنها بعيدة كل البعد عن التعاليم الإسلامية وقيمها الايجابية .

إن التصرفات اللامسؤولة من قبل حكام إيران تجعل المرء يحتار بماذا يفسرها وهي تصرفات اقل ما فيها خلق بؤرة من العداء ضدها ودفع المنطقة إلى أتوت حرب جديدة وخلق مناخ من الشك والريبة في العلاقات مع دول الجوار ودول العالم وما يترتب عليه من التوجه العدواني لتصعيد سباق التسلح وخلق المبررات للعدوان الخارجي والسعي لامتلاك السلاح النووي والأسلحة المحرمة دولياً والمبالغ الهائلة التي تصرف على شراء أو تصنيع السلاح الذي كان من المفروض أن تصرف مبالغه الطائلة للقضاء على الفقر والبطالة وإصلاح المجتمع وخلق الظروف الطبيعية للشعوب الإيرانية كي تعيش بسلام وأمان بدلاً من الخوف من المستقبل المنتظر والذي اقل ما فيه رؤية ما حصل للعراق بسبب السياسة الطائشة التي تتبعها الدولة الإيرانية، ومثلما هو حال الماضي القريب نتطلع باستغراب نحو العنجهية الإيرانية والتعنت أمام المجتمع الدولي والتظاهر بأنها قوة عسكرية كبيرة تهدد امن واستقرار المنطقة وتنشر التهديدات الفضفاضة والتصرفات البائسة التي كان آخرها احتجاز( 15 ) جندي بريطاني من قوات البحرية في المياه الإقليمية العراقية وكأنها ردة فعل على كشف التوجهات الإيرانية بخصوص تهريب الأسلحة والمخدرات ومساعدة المليشيات غير القانونية وتدريبها في إيران وعلى اعتقال الجواسيس الإيرانيين الذين يعملون في العراق تحت أسماء ومسميات باتت معروفة .

لقد دأبت وسائل الإعلام الغربية والأمريكية منذ فترة إلى تصعيد الدعاية عن قوة إيران العسكرية وسعيها من اجل امتلاك السلاح النووي وتهديداتها بمحو إسرائيل من الوجود وتهديد دول المنطقة وسعيها من اجل الهيمنة والسيطرة وتهديد المصالح الدولية وقد ساعدها في هذا المضمار تصرفات وتصريحات المسؤولين الإيرانيين وفي مقدمتهم خامنئي مرشد الدولة ورئيس الجمهورية نجاد وإن هذه التصرفات أقل ما فيها أنها تشبه تصرفات النظام العراقي السابق ورئيسه صدام حسين، وهي سوف تؤدي ليس لانتصارات مزعومة ولا حظوة عند الشعوب الإيرانية وبخاصة أن هذه الشعوب تعرف نتائج الحرب العراقية الإيرانية وما خلفتها من مآسي على كافة الصعد ، وما زالت تعاني منها على الرغم من مرور السنين.

إن قلقنا نابع من حرصنا على مصلحة إيران والشعوب الإيرانية كي لا تقاسي مثلما قاسينا ، من الجور والظلم والاحتلال والاحتقان الطائفي ،وعلى حكام إيران المعممين وغير المعممين أن ينتبهوا لمصالح الشعوب الإيرانية ومصلحة إيران وعدم خلط الأوراق والنفخ في القرب الفارغة وكأنها مملوءة، فلا مناوراتها الحربية وإطلاق صواريخها وبث أفلامها في الفضائيات وغيرها من مظاهر القوة التي تحاول تخويف الآخرين بها تستطيع منع الكارثة المحيطة بها بل العكس لأنها تكون السبب المباشر لحدوثها، بينما الذي يدفع الكارثة هذه هو صوت العقل والسياسة الواقعية النابعة من مصالح المجتمع والركون إلى خلق أجواء للحوار والتفاهم ومنح الحريات وإحقاق حقوق الإنسان والاعتراف بحقوق القوميات التي تعيش جنباً إلى جنب منذ عشرات السنين في إيران، وصوت العقل يؤكد أن السير ضد التيار عبارة عن حماقة وان الحرب لم ولن تكون لمصلحة الشعوب إلا اللهم حروب التحرير من الاستعمار لأنها حروب مقدسة تدافع عن الاستقلال وحرية الشعب فهل يدرك حكام إيران هذه الحقيقة؟ ونحن بكل صراحة نود من أعماق قلوبنا أن يدركوها ، ونتطلع إليهم ليكونوا أكثر واقعية بالكف عن نهج العنجهيات والتهديدات وعن تدخلهم في الشؤون العراقية بحجة محاربة الاحتلال لأنها في الوقت نفسه عامل من عوامل إثارة الفتنة التي لا يمكن أن تبقى محصورة في حدود بلد معين إذا سمحت الظروف وتوسعت وانتصرت فسوف يجدها حكام إيران بين ظهرانيهم تمتد إليهم والى البلدان المجاورة.. والاحتقان الاجتماعي والفتنة الطائفية والقومية مهيأة عندهم وتحتاج فقط إلى الوقت للتحريك وللأدوات والمساندة وعند ذلك سيرون حجم الجريمة التي اقترفوها بحق العراق وشعبه وبتدخلهم في الشؤون الداخلية.