قضية مدينة زرباطية اكبر من ان تحتويها سطور قليلة او وريقات صغيرة.. ففي زمن الطاغية صدم تحولت هذه المدينة الى منفى لسكانها بعد حملات التهجير والتعريب التي بدأت فيها منذ عام 1971 ولغاية 1980.
منذ ذلك التاريخ لم تشهد المدينة مشروعا خدميا واحدا.. حتى لمجرد الدعاية بعد ان تم تهميش سكانها وابعادهم عن الوظائف الحكومية.
حيث غدت الامور وكأن المدينة قد الغيت من خارطة العراق وعندما ذبحت بشظايا المدفعية ومزقت قامات النخيل، وابادت ارتال صدام ما بقي منها وعاملتها كعدو.
وسرعان ما دخلت آلات التدمير من شفلات وحادلات لتغيير معالم المدينة ووضع معالم جديدة للحرب من اجل امتناع لجان كشف الحقائق التابعة للامم المتحدة انها طوبوغرافية الحرب.
وبعد سيطرة قوات النظام البائد على المدينة والتلال المحيطة بها.. طلب ازلام النظام من اهالي المنطقة التعاون مع السلطة البعثية ضد الكورد فلم يفلحوا في كسب ود المتبقين من ابناء هذه
المدينة الكوردية.
وكرد فعل على ذلك دفعت السلطة باتخاذ مواقف معادية، الهدف منها تعريب المدينة بعد ان قامت بتوطين عوائل ائر عربية من محافظتي ذي قار وواسط واسكانهم في ناحية زرباطية والقرى المحيطة بها عشائر آل السعدون لصفة حرس حدود وتم توزيع الاراضي الزراعية عليهم بعد اغتصابها من مالكيها الاصليين دون وجه حق او اي مسوغ قانوني، لأنهم من القومية الكوردية أولا ومن المذهب الشيعي ثانياً.. وبعد تنصل الحكومة البعثية من تنفيذ بنود اتفاقية آذار عام 1970 التحقت مجموعة كبيرة من شباب المدينة بالثورة الكوردية تلبية لنداء الزعيم الخالد مصطفى البارزاني في كوردستان العراق لمحاربة النظام العفلقي المقبور.
وكرر فعل على ذلك.. بدأت السلطات البعثية بحملات التسفير والتهجير منهم الجماعية للعوائل الى جمهورية ايران الاسلامية واعتقال الشباب منهم وزجهم في المعتقلات في محاولة من النظام البائد لتشريد اهالي المدينة بأجمعهم الى مناطق اخرى.
كذلك تم منعهم من التحدث بلغتهم الكوردية واجبارهم على تغيير قوميتهم الى العربية وانضمامهم الى حزب البعث المنحل قسراً وبشكل خاص الموظفون منهم.
هذا ما جرى فعلا عام 1977 للبعض من الكورد في المدينة.
وفي عام 1979 بدأت حملات المضايقات والاعتقالات بشكل
اوسع لتشمل جميع من بقي من سكان المدينة وتم استغلال اراضيهم وبساتينهم وجعلها مواضع عسكرية فضلا عن استغلال مخابرات النظام المقبور للبعض من ذوي النفوس الضعيفة من ابناء المناطق المحيطة بالمدينة الذين قاموا بنهب الفسائل والشتلات وتصديرها لدول الخليج لقاء مغانم مادية كثيرة.
في عام 1980 لم يبق في ناحية زرباطية الا النزر اليسير جدا من ابنائها تاركين وراءهم منازلهم وجميع ما يمتلكون لديمومة حياتهم بعد تحويل المدينة الى ثكنة عسكرية 100% .
وبعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية في 8/8 / 1988 حاول اهالي المدينة العودة الى مدينتهم الام، لكن النظام البعثي منعهم بحجة ان المنطقة عسكرية ومحرمة لوجود مجاميع كبيرة من الالغام فيها مما حدا بأهالي المدينة الى تحدي تلك الادعاءات بتآزرهم وصلابتهم في دخول المدينة وطرد الوافدين عليها من آل السعدون والعشائر الاخرى من اراضيهم المغتصبة قسراً.
وبجهود الخيرين من اهالي هذه المدينة المنكوبة وتماسكهم جرت اعادة المدينة وقراها واراضيها الى اهاليها الاصليين.. وبدأ وجهاؤها بمراجعة محافظة واسط لغرض اعادة بناء مدينتهم المهدمة ليعود اليها ابناؤها وكانت فرحتنا كبيرة باحلال الديمقراطية ومجيء نظام فدرالي تعددي يحترم الرأي والرأي الاخر ويحفظ حقوق الانسان.
وتأملنا خيرا في السنوات الماضية لاعادة بناء المدينة وقراها ولكن دون ية جدوى.. بعد لقد مللنا الوعود الكاذبة بدعوى ان اهالي المدينة يرومون تغيير جغرافية المدينة والحاقها باقليم كوردستان العراق.
لكن ستبقى زرباطية عظيمة في ذاكرة اهلها وعامرة بكل شيء حي.. وفاء منهم لهذه المدينة المهدمة اليوم.
لذا.. نناشد كل الخيرين لانقاذ اهلنا وجمع شملنا من جديد في مدينتنا التي سلبت منها حقوقها وتراثها العريق..
ونناشد جميع وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة الى عكس الواقع الفعلي والصحيح بكل امانة لهذه المدينة التي قارعت الظلم والطغيان على ايدي زمر النظام المقبور.
التآخي