أستبشرت جموع الشريحة الكردية الفيلية المظلومة في بغداد خيراً عندما نشرت جريدة الوقائع العراقية { الرسمية } ذي العدد (4019) والمؤرخ في 7/3/2006 قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 ، بناءً على ما جاء في المادة (11/الفقرة “و”) من قانون إدارة الدولة المُلغى إذ تنص ما يأتي : – ( على الجمعية الوطنية إصدار القوانين الخاصة بالجنسية والتجنس والمتفقة من أحكام هذا القانون ) !! إلا أنه ظهرت في الأفق شمس الحقيقة ويالها من مّرةً ، حيث تبين أن التشريع المذكور لم يصدر مصادقاً عليه بمقتضى قرار جمهوري من مجلس الرئاسة وغير مُذيّل بإسماء رئيس الجمهورية ونوابه كنوع من الدلالة على توقيعه بالموافقة ولم يشير فيه إلى تاريخ إنعقاد جلسة مجلس الرئاسة لإصداره بل بيّنت مقدمة التشريع أعلاه إلى أنه بالنظر لأنتهاء المدة القانونية المنصوص عليها في المادة (37) من قانون إدارة الدولة والتي تنص ما يأتي : – ( يمكن لمجلس الرئاسة نقض أي تشريع تصدرهُ الجمعية الوطنية ، على أن يتمّ ذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغ مجلس الرئاسة من قبل رئيس الجمعية الوطنية بإقرار التشريع . وفي حالة النقض يُعاد التشريع إلى الجمعية الوطنية التي لها أن تقر التشريع مجدداً بأغلبية الثلثين غير قابل للنقض خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً ) ، أي أنه لم يُعترض عليه من قبل رئاسة الجمهورية ولم يُعاد من جديد إلى الجمعية الوطنية لإقراره بأغلبية الثلثين ، وهنا الدستور الأنتقالي تسوده الضبابية نظراً لإغفاله عن مسألة مهمة هي إذا مضت الفترة المقررة للإعتراض دون ممارسة حق النقض … هل يصبح التشريع قابلاً للإصدار والنشر ويصبح له حكم القانون النافذ !! وكما جرت العادة عند نشر القوانين في الجريدة الرسمية علاوةً على ذلك لم تحدد نصوص قانون الجنسية وقت نفاذه !! بل كان مجرداً للنشر فقط ليس إلا ، وبعد البحث والتقصي من الجهات ذات العلاقة تبيّن وجود إعتراضات كثيرة على هذا القانون لكونه شُرع على عاجلة ودون دراسة وافية ومستفيضة وفي وقت قصير وحرج في ظل حمى الإنتخابات وتركيز الجمعية الوطنية جّل أهتمامها لقضية الدستور وإعداده خلال فترة قياسية لا تتجاوز الأربعة أشهر وما تخلته من مناقشات مارثونية وجدالات حادة وبالتالي أضعفتها كسلطة رئيسية عليا لتشريع القوانين ، وذلك كنوع من الإخلال بالمادة (32/الفقرة “جـ”) والتي ما يلي : – ( لا يجري التصويت على مشروع قانون في الجمعية الوطنية إلا بعد قراءته مرتين في جلسة إعتيادية للجمعية ، على أن يفصل بين القراءتين يومان على الأقل ، وذلك بعد أن يدرج مشروع القانون على جدول أعمال الجلسة قبل التصويت بأربعة أيام على الأقل ) إضافة إلى ما إلزمته المادة (11/الفقرة “و”) المذكورة آنفاً ، وما يزيد الأمر تعقيداً ويثير الغرابة والريبة هو عدم نشر القانون المقترح في وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة أو بثه عبر مواقع الأنترنيت وفي وقت أعتادت الصحافة العراقية على نشر مشاريع القوانين قبل وبعد إقرارها وسواء كانت معدلة أو غير معدلة فهل كان الأمر مقصوداً كي لا تسلط الأضواء عليه !! لغرض منع مناقشته والتداول بشأنه من قبل المواطنين والرأي العام والأصوات الحرة المتمثل بالوسط الثقافي وعلى المستوى الدستوري والقانوني وبيان عيوبه وميزاته كتشريع يهم كل عراقي بإعتبار مواطنته هي الأساس الجوهري لكافة حقوقه وحرياته ، ثم جاء نشره فجأة في الوقائع العراقية وسط تجاهل تام بعد أن ظل محفوظاً في الدرج فترة طويلة منذ إقراره ولا يعرف ما دَارَ بشأنه خلف الكواليس !! ونتيجةً لما حصل .. فقد ولد التشريع المنوه عنه ميتاً كسابقه الصادر بقرار مجلس الحكم الأنتقالي ذي الرقم (45) والمؤرخ في 16/9/2003 ، نظراً للإعتماد في صياغة نصوصه وهيكليته وأطاره العام على قانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963 المعدل ” الجائر ” ، إذ كان مجرد إمتداد طبيعي له والتغيير الذي طرأ عليه هو حذف عدد من العبارات والجمل وتقديم وتأخير في المواد والأحكام ، وعليه يصب في نفس المنوال وهو ظلم الكردي الفيلي وأي عراقي مُسقط عنه الجنسية مرة أخرى ، ولكن الآن في عهد سيادة القانون وحكم الدستور والذي لازال يلاحقه لحد الآن مفهوم العشائر السبعة المشبوهة والواردة في قرار ما يسمى بمجلس قيادة الثورة {المنحل} رقم (180) لسنة 1980 والموروث عن النظام البائد ووفقاً لتسميته البغيضة التي أطلاقها ضد المهجرين جزافاً ، ولا نعلم هل هي عملية تسفير جديدة في قالب ديموقراطي .. أم ماذا !! فلقد أصبح التحقيق إجراءً أصولياً وإعتيادياً وأسلوباً أدارياً ووظيفياً كعرف روتيني مُتبع وأستمر حتى بعد أنتهاء مدة نفاذ القرار المذكور زمن النظام المقبور نفسه !! وليأخذ منحى جديد حالياً في دوائر الجنسية وأكثر قسوةً وشدةً من السلطة العفلقية السابقة وكأننا لا نعيش في العراق الجديد بلد المساواة والتعددية التي نقرأ عنها في الكتب !! إذ تجري دوائر الجنسية تحقيقاً قاسياً بهذا الشأن وكأن صدام موجود فعلاً وليس معدوم بتاريخ 30/12/2006 ، لا بل أشد لبقاء تشريعات البعث المقيت نافذةً لحد الآن دون تغيير أو تعديل أو حتى تجميد أو تعليق على أقل تقدير ، وبالتالي لم يتغير شيء وخاصة بحق المهجرين المسقط عنهم الجنسية العراقية ، حيث أن مجموع قرارات ما يسمى بمجلس قيادة الثورة {المنحل} بلغت أكثر من (13500) قرار خلال الفترة الممتدة من 17/7/1968 ولغاية 9/4/2003 ولم يلغى منها غير (1000) قرار ولجنة مراجعة القوانين المشكلة لهذا الغرض وقد تم حلها بإعتبار أن مجلس النواب المتخب قد باشر مهامه الدستورية في تشريع القوانين والذي شهد تغيبات كثيرة من أعضائه وجدول أعماله مزدحم بأكثر من (100) مقترح ومشروع قانون بعضها في القراءة الأولى والأخرى في القراءة الثانية أو بأنتظار التصويت النهائي للمصادقة عليها !!
ولا يعرف السبب الحقيقي الذي يكمن وراء ذلك !! فعندما تبحث قضايا الكرد الفيليين كشريحة أساسية لا تتجزء أو تنسلخ من الشعب العراقي لحلها دستورياً وقانونياً ، يقع التسويف والمماطلة فحقيقة يطرح هنا سؤال مهم جداً من صاحب هذه اليد الطولى الخفيّة كالعصى السحرية ؟؟ فالجواب بالتأكيد هم البعثيون الصداميون الذين فلتوا من قبضة القانون ومن إجراءات إجتثاث البعث الشفافة ومحاكمة رموز النظام في غفلةً من الزمن نظراً لقدرتهم ومهارتهم العالية في التلون مع كل العصور والحكام كالسرطان المستشري الذي ينخر بالعظام حتى النخاع والتغلغل في أجهزة الدولة والأحزاب واللعب على جميع الحبال .. أي الأنخراط داخل العملية السياسية من ناحية والتحريض على الإرهاب والعنف والطائفية من جهة أخرى .
ولا يهم أذناب عفلق وصدام غير تعطيل مسيرة التقدم بأي ثمن كان لإعادة الأوضاع إلى ما قبل 9/4/2003 بوضع العصى في العجلة التي لا يمكن أن تتوقف مهما طال الزمن أم قصر .. فهيات ثم هيات أن يفيقوا من كابوسهم المرعب ، ويتجلى ذلك نفسهم المعادي بحقد دفين وبغيض ضد المهجرين بصدور ثلاثة قوانين لهيئة حل نزاعات الملكية العقارية مع تعديلاتها وخلال ثلاث سنوات على التوالي وأقاموا الدنيا ولم يعقدوها بشأن الأضرار التي ستلحق بالمالك الحالي للعقارات المغتصبة ونسوا أو تناسوا بأنهم من خلق هذه المشاكل عن سبق إصرار وترصد .. إليست هذه مفارقة عجيبة تستحق التفكير لوهلة وبتأني عميق .. ثلاثة تشريعات خلال ثلاث سنوات لحسم موضوع واحد فقط !! .. في حين أن قانون الجنسية لا يقل أهمية عنه ولم ينال تلك الأولوية والحظوة .. هذا مع العلم أن الدستور العراقي الدائم لعام 2005 ينص على عبارة ” ينظم ذلك بقانون ” (60) ستين مرة .. وهنا سؤالاً يُطرح من تلقاء ذاته والحليم تكفيه الإشارةً .. متى سوف تسن هذه القوانين وبمعادلة رياضية بسيطة وهي أن كل تشريع القانون يستغرق ثلاث سنوات أي ( 60 قانون × 3 سنة = 180 سنة تكفي لأنجاز جميع القوانين ) أي لا يرى هذه المنجزات غير أحفاد الأحفاد !!
وهذه التشريعات هي اللوائح التنظيمية رقم (4) لسنة 2003 و(8) و(12) لسنة 2004 الصادرة عن سلطة الأئتلاف المؤقتة وأمر مجلس الوزراء رقم (22) لسنة 2004 بشأن رفع إشارات الحجز الموضوعة لأسباب سياسية وقانون التعديل رقم (1) لسنة 2005 وأخيراً القانون رقم (2) لسنة 2006 على التوالي * { وهذا التشريع الأخير أنصف حتى المالك الحالي للعقار المصادر وأن كان ظالماً مغتضباً أو مشترياً بثمن بخس أو مستملكاً للعقار بقرار من صدام ” مكرمة كما كانت تسمى في حينها ” وقد أمتد نطاق سريانه ليشمل حتى العقارات المصادرة منذ 14 تموز عام 1958 بدلاً من 17 تموز عام 1968 } ، وسبب العلة في كثرة تلك التشريعات الصادرة هي لضمان تسوية رضائية عادلة لكافة الأطراف بإستثناء المسفرين لكونهم الفئة الأضعف والمغلوب على أمرهم وبلا سند أو ظهير قوي ، إذ أن هذه القوانين جميعاً لم تكن بالمستوى المطلوب وعدم إيجادها حلول مناسبة ولأنصاف المهجرين الشريحة الأكثر تضرراً في المجتمع العراقي وإعادة ممتلكاتهم المصادرة بل لم تؤخد بنظر الإعتبار أموالهم المنقولة المستولى عليها قسراً وأرصدتهم النقدية ومدخراتهم في البنوك والمصارف زمن التسفيرات رغم وجود وثائق وأدلة ثبوتية صادرة عن جهات رسمية في الدولة إلا أن الأمر قد تم تجاهله بالمرة ، والأدهى من ذلك كله تطالب تلك التشريعات المذكورة المهجرين بدفع تعويضات لمغتصبي ممتلكاتهم المصادرة أن وجد فيها ترميمات وإضافة بناء وكأن الدولة ليست لها أية علاقة بتهجيرهم وأصبحت مجرد هيئة تحكيمية بموجب تلك التشريعات ، وكأن المسفرين في نزهة سياحية أصطيافية طيلة ربع قرن من الزمن مليئة بالهموم والأحزان والعذاب … فمن يدفع لهم عن إعادة إعتبارهم الواجب الملزم دستورياً وقانونياً عن الأضرار البالغة والجسيمة مادياً ومعنوياً التي لحقت بهم خلال سنوات الغربة والتشرد والضياع وفقدان الأبناء المغيبين في غياهب المعتقلات والسجون الرهيبة ، وتغافلت وتجاهلت الدولة كليةً بأنها ترث أفعال الحكومات المتعاقبة على السلطة إستناداً إلى أحكام الدستور ولحين معالجة آثارها الرجعية ولكن ليست المعاجلة على حساب المواطن المضطهد الفقير البسيط الذي لا يحول ولا قوة !! فأين العدالة وميزانها من هذا الفضائع !! وهذا على الرغم من ذكرهم كشريحة مضطهدة في دبياجة الدستور إلا أن ذلك لم يترتب عليه أي إجراء دستوري أو أثر قانوني ، وعسى ولعل أن تدرج ضمن عبارة ” سائر المكونات الأخرى ” المنصوص عليها في المادة (125) من الدستور والمتعلقة بضمان حقوق القوميات المختلفة لكون المسألة متروك أمر تنظيمها للقانون كي لا تكون مجرد جبر للخواطر وحبر على ورق يجف بمرور الوقت في رمشة عين وكأنه لم يكن أصلاً أو أصبح من الزمن الماضي ، وبالرجوع إلى قانون هيئة حل نزاعات الملكية العقارية رقم (2) لسنة 2006 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية الرسمية في العدد (4018) والمؤرخ في 6/3/2006 والصادر بالقرار الجمهوري المرقم (2) في 9/1/2006 عن مجلس الرئاسة وبالأكثرية وهذا مناقض تماماً لحكم المادة (36/الفقرة “جـ”) من قانون إدارة الدولة إذ تنص على ما يلي : – ( يتخذ مجلس الرئاسة قرارته بالإجماع ، ولا يجوز لأعضائه إنابة آخرين عنهم ) ، كما لم يذّيل التشريع المنوه عنه بإسماء أعضاء مجلس الرئاسة الموافقين والمعترضين ، وينطبق نفس الحال على مجموعة القوانين المنشورة في ذات العدد من الجريدة الرسمية وهي قانون مؤسسة الشهداء رقم (3) لسنة 2006 وقانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006 ، وهنا يثار تساؤل هل ما حصل هو مخالفة دستورية أم مجرد إلتباس أجرائي ليس إلا … أو سقط سهواً عدد من النصوص بسبب أخطاء طباعية مثلما حدث عند نشر دستور جمهورية العراق الدائم في جريدة الوقائع العراقية الرسمية ذي العدد (4012) والمؤرخ في 28/12/2005 أو مثلما ينشر قانون التقاعد الموحد ورقمه (27) بالعدد (4015) في 17/1/2006 في حين أن قانون الجنسية رقمه (26) ينشر بالعدد (4019) في 7/3/2006 ولا يُعرف كيف يتم ذلك .. بتقديم اللاحق على السابق !! … ومن باب أولى عند تشكيل مثل هذه الهيئات المستقلة وغيرها بمقتضى الدستور أن يكون للشريحة المضطهدة دور فيها بنسبة حجمها السكاني نظراً لشعورها العميق بواقع المعاناة تماماً مثلما حصل في وزارة المهجرين والمهاجرين ومجلس النواب والذي بالتأكيد يعبر عن وعي حكومي وحزبي لدى مكونات الشعب العراقي المساهمة في العملية السياسية بحقيقة مآساة الكرد الفيليين .
أن صيغة أجماع مجلس الرئاسة والأغلبية الخاصة سواء أثناء التصويت على مقرارات الحكومة أو الجمعية الوطنية ما هي إلا آلية التوافق المقررة دستورياً بهدف الوصول إلى أجماع وطني متكامل وملزم لكافة الأطراف المشاركة في العملية السياسية ، وعند إصدار التشريعات أعلاه لن يحصل ذلك أبداً ، فتصويت بالأكثرية وليس الأجماع على القوانين في مجلس الرئاسة يتطلب أعدتها إلى الجمعية الوطنية لأقرارها مرة ثانية بالثلثين بمقتضى المادة (37) المذكورة أنفاً لتصبح غير قابلة للنقض وبالتالي لا حاجة لتصديقها بقرار جمهوري ، وقد تطفو على السطح مسألة خطيرة جداً وهي الفترة المقررة لنشر القوانين في الجريدة الرسمية بعد المصادقة عليها بصورة نهائية سواء بممارسة حق النقض أو من دونه ، حيث لم يتطرق القانون الأنتقالي إلى ذلك ، فقد إشارت المادة (30/الفقرة “ب”) إلى أن القوانين تنشر في الجريدة الرسمية ويعمل بها من تاريخ نشرها ما لم ينص فيها خلاف ذلك ، ونفس هذه المشكلة موجودة في الدستور الدائم وتحديداً في المادة (129) ، وبالتالي ترك الدستور لهذه العبارة مرونة كبيرة وعلى وجه العموم من غير تحديد واضح وصريح لفترة نشر ونفاذ التشريعات بعد إقرارها وإصدارها النهائي ، يجعلها تخضع للأجتهادات والتفسيرات المختلفة ، ولابد من محددات لأزالة أية إلتباسات وبشكل غير قابل للتأويل ، فوضع العراق المأساوي وحالته الصعبة تجعله في غنى عن الجدالات العقيمة كالنقاش البيزنطي على سبيل المثال ، وعند بدء الإجراءات لتعديل الدستور ووفقاً للمادة (142) نلتمس أن يؤخذ بنظر الإعتبار هذه المقترحات ، إذ ليس من المعقول أن يبقى قانون تم إقراره بدون تحديد ميعاد نشره وفي ظل فضاء مفتوح لا نهاية له ، وهذا بالرغم من أن المادة (138/الفقرة “خامساً”) من الدستور قد شرحت آلية تصديق التشريعات المقرة من قبل مجلس النواب وبأجماع مجلس الرئاسة إستثناءً مما تضمنته الفقرة “رابعاً” من نفس المادة وكيفية ممارسة حق الإعتراض من قبل مجلس الرئاسة بموجب البنود { “ب ، جـ” } من الفقرة خامساً أعلاه ، وبالنتيجة تتعطل معه حقوق المواطنين المظلومين من أرث النظام البائد بالأخص ، والذين هم بأنتظار الفرج منذ ثلاثة عقود ونصف مضت !! وكل أملهم الوحيد اليتيم أن ينصفهم القانون العادل ولو بشكل يسير بسيط ، فهذا هو الكردي الفيلي بأخلاقه العالية يسامح من أساء إليه ولا يتجاوز بيده على ظالمه مفضلاً على ذلك طرق أبواب العدالة لإعادة حقوقه المسلوبة بأسلوب قانوني حضاري بعيداً جداً عن التهديد والوعيد ، وفيما ورد في أعلاه تناولنا فقط قضايا الجنسية ومشاكل الملكية العقارية المتنازع عليها ولم نتطرق إلى القضايا الأقتصادية والأجتماعية والثقافية للمسفرين فكل فرد منهم يحتاج إلى الآف الأوراق كي يدون شهادته أمام التاريخ !! والسؤال يطرح نفسه … هل التاريخ سوف ينصفه ؟؟ هذا مع مراعاة أن قرار مايسمى بمجلس قيادة الثورة {المنحل} رقم (666) لسنة 1980 لم يلغى إلا بموجب المادة (11/الفقرة “هـ”) من قانون إدارة الدولة بمعنى أن القرار المذكور كان ساري المفعول منذ صدوره في 7/5/1980 ولحين إلغائه بكتاب مجلس الوزراء ذي العدد (ق/6/1/10/2402) والمؤرخ في 8/9/2004 وبالتالي من شمل بالقرار ولم يهجر في هذه الفترة ظل خائفاً ومترعباً ومحارباً ومنبوذاً ومطارداً من أجهزة السلطة القمعية في رزقه ومعيشته ، وعليه فمن حق هذه الفئة المغيبة التعويض المنصف بما لا يقبل الشك والجدل .
آملين دراسة ملاحظاتنا وأخذها بنظر الإعتبار عند إجراء التعديلات الدستورية بموجب المادة (142) ، وتشريع قانون جديد للجنسية العراقية ووفقاً للمعايير العصرية والحضارية ووفقاً لما هو سائد في الدول المتمدنة وبهدف إيجاد الحلول الجذرية المناسبة بميزان العدالة الناجزة وصوت الضمير الوجداني إستناداً إلى أحكام المادة (18/ الفقرة “سادساً”) من دستور جمهورية العراق الدائم ، وهذا الأمر يتطلب تشكيل لجان فنية متخصصة يزج فيها أصحاب الكفاءات والخبرات العلمية ومن أبناء الشرائح المضطهدة خاصةً وذات صلاحيات تمكنها من إيجاد الحلول المناسبة ومرضية لكافة الأطرف المتنازعة خلال فترة وجيزة أذ ليس من المعقول أن يبقى المهجر ينتظر إستعادة هويته الوطنية وأملاكه المصادرة ورد إعتباره وتعويضه مادياً ومعنوياً وأنصافه بشكل عادل في تولي الوظائف الحكومية والمناصب العليا للدولة لربع قرن آخر بعد أن حرم منها طيلة العهود الماضية والحكومات المتعاقبة لغرض تلمس التغيير الحقيقي والجذري الذي شهده العراق الجديد بعيداً عن الأقصاء والتهميش ويمارس دوره بفعالية في عملية إتخاذ القرار داخل الحكومة ذاتها على مختلف المستويات والأصعدة هذا في حالة ما تم الأخذ بنظر الإعتبار أن الفيليين وأن لم يكن لهم دور سياسي إلا أنهم كانوا أصحاب مصالح مؤثرة ورؤوس أموال ضخمة تشكل العصب الأساس للإقتصاد الوطني العراقي وبالتالي يعد سبباً كافياً لإستهدافهم وضربهم وتشتيتهم أرباً أربى وهذا ما أكده المجرم فاضل البراك الذي كان مديراً للأمن العام زمن وقوع التهجيرات العظمى عام 1980 ثم رئيس جهاز المخابرات العامة لاحقاً في كتابه الموسوم { المدارس اليهودية والإيرانية في العراق } ومما يلفت الأنتباه إلى أن الكتاب المذكور قد صدر وطبع بموافقة ديوان رئاسة الجمهورية ” المنحل ” بكتابه المرقم بـ (م.ع./9/126) والمؤرخ في 24/3/1984 والمذيّل في أخر صفحة من الكتاب مع تخصيص ريعه للمجهود الحربي آنذاك ، أي أن الكتاب لمؤلفه المقبور فاضل البراك ليس كتاباً أعتيادياً كبقية الكتب والتي تصدر عادةً موافقات نشرها من وزارة الثقافة والأعلام !! وبالتالي هذا دليل واضح لا لبس فيه ، لكون الكتاب يعبر عن وجهة نظر النظام المخلوع بأكمله وبأعلى وأدنى مستوياته وأجهزته ومؤسساته ، وحتى المجرم المذكور لم يسلم بطشه سيده المقبور إذ جرى إعدامه بأشنع طريقة .
ولا يسعنا إلا أن نضع هذه القضية الحساسة جداً بكافة جوانبها وخلفياتها الدستورية والقانونية أمام أنظار كافة المؤسسات الدستورية الموقرة وأجهزة الدولة المتمثلة بمجلس الرئاسة والحكومة العراقية الإتحادية الدائمة ومجلس النواب كونها نابعة من رحم الشعب عبر صناديق الإقتراع وإنتخابات حرة ونزيهة إضافة إلى السلطة القضائية خاصة مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الإتحادية العليا ووزارات الداخلية والمهجرين والمهاجرين وحقوق الإنسان والعدل والهيئات المستقلة ذات العلاقة والأحزاب والوطنية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني غير الحكومية ووسائل الصحافة والإعلام بمختلف أنواعها وأشكالها بإعتبارها سلطة رابعة تنبض من قلب الرأي العام ، والأصوات الحرة والشريفة وكل مواطن من موقعه الرسمي أو غير الرسمي أو الوظيفي أو الحزبي أو السياسي أن يمارس بفعالية ومسؤولية عالية وبإلتزام شرفي ومهني وبكل أمانة وأخلاص وتفاني وحيادية وشفافية أحكام الدستور العراقي الدائم للوصول إلى بر الآمان في تحقيق المصالحة الوطنية الصحيحة وتثبيت سلطة القانون وتنفيذ حكم القضاء العادل وإشاعة الإستقرار والطمأنينة وتكافوء الفرص ورفع مستوى الرخاء والتقدم وتجفيف منابع الإرهاب والتطرف في عقر دارها ومكافحة الفساد المالي والإداري على كافة المستويات والأصعدة دون إسثتناء .
ريـاض جاسـم محمـد فيلـي
مختصص بشؤون المسفرين والمهجرين
والدفاع عن حقوقهم الدستورية والقانونية
الرئيسية » مقالات » ذكرى مرور عام على صدور قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 { ملاحظـات حـول القانـون المذكـور وغيـره مـن التشريعـات !! }