كتب (ج.س.ارمسترونج) في كتابه “الذئب الاغبر مصطفى كمال: ما يلي وهكذا دمرت وخربت كردستان بالنار والحديد ، إن الأتراك عرضوا الرجال للتعذيب والتنكيل والذبح ، وأحرقوا القرى ودمروا الحقول والمزارع، وخطفوا الأطفال والنساء وقتلوهم، إن أتراك مصطفى كمال قد فاقوا بضراوتهم السلاطين عندما أبادوا اليونانيين والأرمن والبلغاريين. لقد شّكل مصطفى كمال في نفس المناطق المحاكم العسكرية الخاصة المسماة بـ “محاكم الاستقلال ” التي بقراراتها شنقوا الكرد وسجنوا ونفوا من ديارهم. بالسجون والتعذيب والتنكيل والشنق والقتل والرعب، فرض مصطفى كمال طابعه على تركيا “. وفي نفس الصدد يقول المؤرخ السوفيتى – ن . أ . لوفو سيلوف – في كتابة المعنون تركيا ” في عام 1949 وحسب مانشرتة الجرائد خلال ستة اشهر من هذا العام، جرت في 22 ولاية تركية 323 حادثة مصادمة بين العمال و الفلاحين من جانب والشرطة والقوات المسلحة التركية من جانب اخر أحرق أثنائها الفلاحون المؤسسات الحكومية والاقطاعيةالعائدة للحكومة والملاكين. وتمكنوا من إعادة اراضيهم ومزارعهم وتوزيعها فيما بينهم.” دليل قاطع على عدالة الحركة التحررية الكوردية فى شرق الأناضول ذات القاعدة الجماهيرية الكادحة من عمال وكسبة وفلاحين، بعدما أستولى على مزارعهم وحرثت أراضيهم وأحرقت بيوتهم وزجّو خلف القضبان وأُاستبيحت محرماتهم بفتاوى شرعية وسياسية، ودون جرم ومصوغ لذلك سوى لانهم” أكراد”، القومية الحية ذات المقومات من تاريخ وتراث وحضارة تعيش بينهم، وذلك باستنادهم على النظرية الشوفينية الحاقدة والمريضة والتي ينظرون من خلالها الى الشعب الكردي نظرة السيد الى العبد ولا يميزون بين الحق والغصب غير ولائهم المطلق لزعيمهم الروحي مصطفى كمال اتاتورك الذي أرسى قاعدة عدم الأعتراف بحقوق الغير والمستفرد برأيه المستبعد دوما حل القضايا الاجتماعية والاقتصادية والقومية على أساس ديمقراطي، والذين جاءوا من بعده لا يقلون منه غطرسة وعداءاً تراهم يضمرون للكورد حقدا لا مثيل لها. ومما لا شك فيه بأن الحركة الكوردية في العراق وتأسيس جمهورية كردستان والتي عرفت لدى الكثير خطأ بجمهورية مهاباد عام 1946 في كوردستان ايران قد تردت صداها القومي والثوري في كوردستان تركيا ،غير أن الشعب الكوردي هناك لم يستطع أن يوّحد نضاله مع نضال أخوته في العراق وإيران وذلك لأسباب عدة منها الحرب العالمية الثانية وبالتحديد بعد سقوط ستالينكراد بيد الجيوش الالمانية حيث بدات حلم تركيا المريضة بضم القوقاز واسيا الوسطى الى بلادها ولتحقيق ذلك الهدف حشدت الحكومة التركية كامل قواها بعددها الهائل وعدتها المتطورة في المناطق الشرقية من الاناضول – أي المناطق الكوردية -، وكانت كفة الميزان العسكري لصالح العدد الهائل للجيش التركي والعدة العسكرية المتطورة التي فاقت أعداد الثوار الكورد وبساطة أسلحتهم مما شكل مانعاً كبيراً أمام الشعب الكوردي في تركيا بقيام حركة تحررية مؤثرة أو إشراك فعلي مع إخوانهم الكورد في كوردستان العراق وايران، أما السبب الآخر والأهم هي الدول الإستعمارية ذات المصالح الكبرى كأمريكا وبريطانيا الذين كانوا وما زالو يعملون بكل جد على تأمين دوام إستمرار بقاء أنظمة الجنرالات في تركيا ويمنعون وبكل ما لديهم من القوة والامكانية قيام أي حركة كوردية مسلحة، الاّ ان كل هذه العراقيل من حصار سياسي واقتصادي ولوجستي المفروض على حركات الكورد التحررية في تركيا لم يمنعهم من مواصلة النضال والقيام بتوجيه ضربات قاسية والتي كانت أكثرها قاصمة لظهرالحكومات التركية الشوفينية وشل أقتصادهم المهزوز، فقد شهدت كوردستان تركيا منذ أن وعَت على ظلم حكومات الترك ثورات وأنتفاضات عديدة، منها ثورة الامير بدرخان في الجزيرة من 1821الى 1847 وثورة يزدان شير بقيادة زعيمها عزالدين شير من 1853 الى 1858 وثورة الشيخ عبيد الله النهري من 1878الى 1883 وحركة تركيا الفتاة في 1908 وصولا الى اعتاب الحرب العالمبة الاولى والتي أثمرت عن فتح عدة منتديات فكرية وجمعيات تقافية كجمعية تعال وترقي الكورد وجمعية نشر المعارف الكوردية وتأسيس حزب هيفي (الأمل ) وصولا الى عقد الاربعينات حيث جرت في تشرين الاول من عام 1947 أشرس ثورة بقيادة مصطفى شاهين وغيرها من الثورات الكثيرة والتي لا يمكنني حصرها في في هذه السطور، ولم تعلم بها الكثير من شعوب المنطقة والعالم المتحضر لشدة التضليل والتعتيم الأعلامي وقوانين الطورائ وسياسة التنكيل بحق كل من يروج أو يؤيد تلك الثورات وما كانت تلك العقلية العسكرتارية تفكر في حل آخر غير القضاء على الثورة الكردية وأبادة الشعب الكردي من الوجود،ولو أن الحكومات التركية الشوفينة يملكون نفساً ديمقراطياً بسيطاً ويتخلون من نرجسيتهم القاتلة ، لعرفوا الواقع جيداً بأن فناء وأبادة الشعوب تعد من المستحيل لأن القومية لا تفنى وغير قابل للفناء مهما كانت الظروف وتوافقت المصالح، وأن من حق الشعوب والأقليات المضطهدة أن يكون لهم حق العيش والتعبير عن وجودهم من خلال دعم المنظمات الأنسانية التي تناضل من أجل حقوق الإنسان.ان أنكارالحكومات التركية المتعاقبة واحدة تلو الأخرى لحق الشعب الكوردي في الحياة وفي الوجود أصبح ينظر اليها اليوم في الدول ذات النظم الديمقراطية بأن تركيا لا يمكن أن تؤهل أن تكون ضمن دول الأتحاد الأوروبي.لأن تركيا وحكومتها ذات العقلية العسكرية ومعها جميع صحفهم وبرامجهم وتجمعاتهم يؤكدون بان لا وجود لشعب وعرق كوردي في تركيا!، وكيف يمكن لهم أنكار وجود أكثر من عشرة ملايين كوردي يعيشون في عموم تركيا!!!؟.بحيث يمكننا أستنتاج جوانب من نظرتهم الشوفينية بحق الكرد من خلال قراءة وتحليل مضمون مقالاتهم ونتاجاتهم الفكرية وفي تكرار كلمات تنقط منها العداء والكراهية مثل: ” نحن نعلم بان لا وجود لاكراد واعيين في ايران والعراق ، اما فيما يخصنا نحن فلا وجود للكورد عندنا في تركيا “! .ثم تراهم يراجعون أنفسهم قليلا ليضيفوا الى كتاباتهم شيئاً من الواقع – إن كان يوجد لدينا في تركيا أكراد فهم وحشيين وجبليين يجب علينا ان نجاهد في تتريكهم بأسرع ما يمكن ” !. اننا الكورد أصبحنا بين خيارين لدى الاتراك ان كنا في العراق أوايران او تركيا إما أن لا وجود لنا ونحن شعب وأمة وهمية كيفما يشاء الاتراك يرسمونا ويمحونا، أو موجودون ولكن جبليين ووحوش وبحاجة الى لمسات كمالية طورانية فاشية مستبدة لتثقيفنا وجعلنا عبدة الدينار والمصالح مثلهم بعيدين كل البعد عن معاني الانسانية والاصالة والشهامة والقيم الاخلاقية النبيلة، فعلينا القبول باحدى الخيارين!!. يبدو ان قرأنهم وثقافتهم الخاصة لا تقوم الا بطمس معالم القوميات الاخرى عندهم ومذابح الارمن وترحيلهم شاخص عيان لا يمكن نسيانه وتجاهله .
والمجتمع الدولي وهيئة الامم المتحدة تقف موقف الصامت المحايد لتركيا !!!.ولم يعلنوا الى يومنا هذا بموقف صريح وعلني بان الحكومة التركية انتهجت سياسة قمع الاقليات القومية وابادت شعبا وتجاهلت ابسط حقوقهم ،بل استمرت عوضا عن ذلك في اهمالها المتعمد للقضية الكوردية فقد حاولت التأكيد بان لا وجود للكورد في تركيا وبالتالي لاوجود لمسألة كوردية وهذا ما اشار اليه الصحفيون الغربيون العاملون في تركيا ، فقد كتب مراسل صحيفة -نيويورك تايمز – ما ورد في نيسان من عام 1946 “قتلوا الكورد في تركيا بالجملة ، وطردوهم من ديارهم وعلى نطاق واسع جدا بحيث تستطيع الحكومة التركية ان تؤكد الان بان لا وجود لمسألة كوردية في تركيا ، وهناك الكثير مما جاء على لسان الصحافة الغربية المأجورة والمحبة للديمقراطية وحرية الشعوب!!.وفي هذا الصدد أستأثر الاهتمام بمقتطف من مقالة كتبها عضو البرلمان البريطاني فليب برايس الذي زار الولايات الشرقية في تركيا عام 1956 قائلا” ثمة انقاض دير ارمني قديم على جزيرة وان ولم يسمح الموظفون الاتراك بزيارة الاجانب له حتى الاونة الاخيرة فهم لا يريدون الاعتراف بأن شعوباً مثل الأرمن والكورد عاشوا هنا يوما ما “، لعدم تقبلهم هذه الحقيقة ولسان حالهم يثبت وجود الكورد وظلمهم لهم وتهميشهم من الحياة وكما جاء ذلك في سياق كلام النائب م.أ.ابيار عضو مجلس الامة التركي الكبير في أواخر يوليو من عام 1970 في مناقشة المسالة الكوردية مع رئيس الوزراء التركي، وفي اثناء المناقشة أورد ابيار في كلمته وقائع إبادة السكان الأبرياء ووصفَ أعمال الكومندوس – القوات الخاصة التركية – بأنها منافية للدستور حيث قال ” يتعرض المواطنون الكورد في شرق البلاد الى إبادة جماعية لانهم يتحدثون بلغتهم الام. وأنتم عندما تضعون روؤسكم في الرمل كالنعامة لا تستطيعون حل مسألة واحدة ، ان سياسة الارهاب والتعسف في الشرق تؤدي بكم الى نتائج أخرى تماما ..”.نسمع كثيرا ويسمع الكثيرون عن القضية الكوردية في تركيا ولكن دون إعطاء أي وجه حق لهذه القضية التي شبعت ظلما وبهتانا من قبل الكثيرين في أوساط الرأي العام العالمي بفعل السياسة الدولية الغامضة والعولمة المصدرة لافكارالسوء ضد الشعوب المناضلة والتواقة الى كسر القضبان والقيود الصدئة المفروضة عليها. ودون الغوص في أعماق هذه القضية والبحث عن الحقائق.
شعب مهمش بل ملغاة من قبل الطرف الاخر محروم من العمل والعيش بكرامة محروم من مؤسسات الدولة التي لها حق فيه ومحروم من ابسط مستلزمات الحياة والعيش البسيط ، شعب ابتلى بمصطلح الارهاب وهو بعيد عنه .شعب يناضل من اجل ركل الظلام ومحو الماسي المفروض عليها منذ عقود ، شعب يناضل من اجل تغيير الدساتير المجحفة بحقه ، يناضل من أجل كسر أعواد المشانق المنصوب لبيشمركتها المرابطين في الجبال، شعب يناضل من أجل أثبات وجوده لانه ليست هناك وضع أدنى وأكثر إنحطاطاً من الخنوع ومن عدم الدفاع عن الوجود وليست هناك قوة أنسانية تقبل على أنكار وجودها وحرمانها من الحرية. أتساءل بعض العقلاء من ساسة الأتراك ،ترى هل هم علىعلم بأن دستورهم المثبت في عام 1961 وضعت من ضمن مواده فقرات واضحة تدعو الى أبادة الشعب الكوردي والغاء هويته من الوجود، وجاءت في المادة 105من ذلك الدستور وبالحرف الواحد التأكيد على تهجير العوائل الكوردية وبصورة قسرية من ديارها الاصلية الى مناطق اخرى في تركيا وهل يعلم البسطاء من الاتراك بان تاسيس منظمات وأحزاب سياسية كوردية غيرمسموح بها وذلك وفق المادة 89،90 من قانون الاحزاب السياسية في عام 1965، هل علماء الدين الاتراك على علم بان أحدا لا يحاسب في تركيا على قتل الانسان الكوردي لان قانون العقوبات التركي لا يطبق في مناطق الطوارئ( اي مناطق الكورد هكذا أعتادت الحكومات التركية على تسميتها ) وما جرى على الكورد في مدينة نصيبين لا يمكن للتاريخ تهميشه بحيث تظل جثث المتعاونين مع الكورد معلقة على اعمدة الكهرباء لايام فكيف حال الكورد اذا .وهناك العشرات بل المئات من الانتهاكات بحق الكورد في تركيا بحيث وصل عدد الدمار والانتهاك في حلول عام 1995 الى اغلاق اربعة الاف مدرسة كوردية وهدم العشرات من القرى ناهيك عن المئات من الجثث البريئة المعلقة على أعمدة الكهرباء .ومما لا يقبل النقاش والخوض في تفاصيلها بأن التاريخ المؤلم للشعب الكوردي جعل ابنائها ومفكريها أكثر حرصا من السابق وأكثر واقعية من ذي قبل فتكاتفوا وبقوة وأسسوا عدة نوادي ثقافية ومنتديات فكرية وهيئوا أرضية واسعة للبدء بحركات منظمة مجتمعة لتصب في نهضة ثورية واحدة وذات قاعدة جماهيرية وعسكرية اوسع لتخوض مرحلة جديدة من الاعداد والتنظيم وتكون اكثر فاعلية و تأثيرا ، واستجابة لنداء المضلومين من ابناء شعبنا الكوردي في تركيا في العقدين الاخيرين تاسست عدة احزاب قومية فاعلة ومن هذه الاحزاب حزب العمال الكوردستاني ( أبوجى ) والمعروف في الاوساط الدولية والاعلامية بــ(ب.ك.ك) والذي نحن الان بصدد استذكار الذكرىالتاسعة لاعتقال قائد ومؤسس هذا الحزب الزعيم (عبدالله اوجلان )ولنقف على كلمات قليلة ونلقي الضوء على مسيرة هذا القائد الكوردستاني من 1978تاسيس الحزب الى 16 فبراير 1999 في جزيرة امرالي .
عبدالله اوجلان المولود في موطن الانبياء بمدينة اورفا في الرابع من نيسان 1949 في قرية اومرلي الواقعة على الحدود التركية السورية من اسرة مثلت اطلال القبيلة والاسرية والبيئة الاجتماعية المتواضعة، اكمل الابتدائية في قرية جبين والثانوية المجانية لسوء حالتهم الاجتماعية مابين 1966-1969 وبدا بعمله في 1970 كموظف بسيط في دائرة المساحة وكان هدفه التفوق في دراسته الثانوية استعدادا للمرحلة الجامعية ونجح في الحصول على مقعد دراسي في جامعة استنبول في كلية الحقوق والسياسة تفوق فيها وتعلم السياسة، سجن في عام 1972 لعدة اشهر وذلك بسبب نشاطه السياسي وحسه القومي وروحه الثورية ،علما انه تاثر بانقلاب 27 ايار من عام 1960 وهو في المرحلة الابتدائية، وبعد خروجه من سجن ماماك قام بالاعداد لتاسيس مجموعة مستقلة تماما حيث عقد اول اجتماع للمجموعة وكان عددها ستة اشخاص في نيسان عام 1973 وكان يتناول في الاجتماع اطروحة “كردستان مستعمرة كلاسيكية ” واستطاع في السنة الاولى ان يكسب ما يقارب دزينة من الشباب الجامعيين ،وفي سنوات 1974-1975 قام بمهمة رئاسة جمعية التعليم العالي الديمقراطي في انقرة وفي عام 1976 توصلوا الى قرار الانفتاح على كوردستان وفي الاجتماع الاول في عام 1976 تقرر ارسال رفاقه الى كوردستان ومنذ ذلك الوقت تمت تسميتهم بالابوجيين وباستشهاد رفيقه حقي قرار التركي الاصل في عينتاب نتيجة لمؤامرة مدبرة قرورا اعدادالبرنامج ردا على المؤامرة ومن ثم حدث زواجة المغامر والعاطفي من كسيرة يلدرم وبعدها تم التوجه الى ديار بكر حيث عقد اجتماع ضم ثلاثة وعشرون شخصا في قرية فيس ليتم اتخاذ قرار تاسيس الحزب وذلك في 27/11/1978 وسمي باسم الحزب العمال الكوردستاني (ابوجى ) ، الحزب الذي تأسس على المبادئ الماركسية واللينينية من الطاعة والتضحية بلا حدود وذات التوجه القومي الساعي الى التحرر ونيل الحقوق المشروعة ، بدء هذا الحزب بقيادة زعيمه اوجلان النضال الفعلي وخوض المعارك الميدانية في عام 1980وخاصة بعد انقلاب 12 ايار العسكري حيث لجئوا الى الجبال وسهل البقاع اللبناني الواقعة انذاك تحت السيطرة السورية ليبدءوا الاعداد والتنظيم وتوجيه الضربات الموجعة التي هزت عرش الجينرالات الاتراك وجعلتهم يتمرغون باقدام القوى الدولية كالولايات المتحدة الامريكية وغيرها والتي ضغطت بدورها على النظام السوري لتضييق الخناق على الاحرار الكورد وجعل الحكومة السورية تراوح في مكانها خوفا من لكمة دولية مفجعة ، مما وصل الحال بالثوار الكورد الى مغادرة سوريا وعلى رأسهم القائد عبدالله اوجلان ليتم ابعاده في تشرين الأول من عام1998 مضطرا من خلاله التوجه الى اوربا بحثا عن حق اللجوء السياسي غير مدرك بانه ضحية للمؤمرات الدولية ، حيث اشتركت مخابرات ومافيا اكثر من دولة بالتنسيق والاعداد لتضييق الخناق والقبض عليه بطريقة ماكرة غير شريفة اثناء خروجه من السفارة اليونانية في كينيا في 16/2/1999 ، ولكن المؤسف في ذلك ان هذه النهاية الماساوية لا تليق بمقام وقيادة هذا العملاق لما له من دور كبير في رفد الحركة الكوردية ، بان تتكالب عليه الثعالب الماكرة لتلقي القبض على شخص اعزل سوىمن ايمانه بقضيته وثقته بنفسه ، والذي لا يرضاه لنفسه بان ياتوا باحد قادةوجنرالات الترك اليه بهذه الطريقة . لنترك حجم المأساة والثقل الاجتماعي والانساني والثوري الذي تركه هذا القائد من لحظة اعتقاله الى يومنا هذا على كاهل محبيه ونسأل هل كان اوجلان عربونا رخيصا لاتفاقية شنجن الخاصة بفتح الحدود بين دول الاتحاد الاوربي ؟ .وان لم يكن كذلك فلماذا روما العاصمة الايطالية سلمت اوجلان الى موسكو وبعد تصديق قرار المحكمة العليا في روما على اعطائه حق اللجوء السياسي !! .
والموقف يعيد نفسه في روسيا بطرد الزعيم من اراضيها على الرغم من موافقة مجلس الدوما الروسي على ذلك ويبدوا ان لموسكو مبرر لما فعلته وذلك بفعل التهديدات الاقتصادية التي هددت بها روسيا جعلتها بين امرين لا محال منهما وهي اما التضحية بعجلتها الاقتصادية والتي كانت على شفا حفرة او طرد اوجلان من البلاد وربما كان الاخير اسهل بكثير ففعلتها الحكومة الروسية بدلا من ان تقوم بجلب زلزال عالي المقياس الى اقتصادها المهزوز قبلا بفعل الحرب الباردة القابع ترابها على الحكومة الروسية . أم انه ضحية للمؤامرات العالمية لما رأينا وسمعنا من موقف امريكي صاخب على لسان متحدثها جيمس روبن بتأييده المطلق لموقف تركيا والضغط على الحكومات بتسليم اوجلان في حالة توجه اليهم، ويبدوا أنهم وجدوا في أوجلان الفكر والمنهجية الثورية التي لاتتوافق مع مصالحهم في الشرق الاوسط الجديد لذا يأتي المؤامرة عليه ضمن هذا المخطط بإعتقاله وتجريده وعزله عن العالم الخارجي كما فعلوها مع نيلسون مانديلا وما زالوا يفعلونها مع كاستروا وفعلوه مع الكثير.على أية حال ، أنتهى المسلسل المدبلج والسيناريو المتفق عليه بين هذه الدول بالقبض عليه وتسليمه الى الحكومة التركية ليزج به في سجن إنفرادي في جزيرة امرالي منذ السادس عشر من فبراير 1999 والى يومنا هذا، إلاّ إنني أريد الوقوف على حقيقة قبل أن أختم مقالي وليعلمه الجميع وهو إن المخابرات التركية ليست بتلك الجدارة لكي تعتقل اوجلان لولا ذلك الاسناد اللوجستي من قبل مخابرات عدة دول منها الامريكية والبريطانية والاسرائيلية والروسية وتحت صمت عربي ودولي رهيب. ومما لا شك فيه إن السمعة الطيبة والبعد السياسي والاجتماعي والانساني والثقافي للقضية الكوردية في تركيا لم تأتي بشكل عفوي لولا قيادة وفكر زعيمها عبدالله أوجلان الذي استطاع قيادة المرحلة مع أبناء شعبه نظرية وممارسة سياسيا وعسكريا واستراتيجيا وتكتيكيا، فثمرة نضال هذا القائد انتشرت لتمتد الى كل شبر من أرض كوردستان بل ليكون منهاجاً ثوريا يتمسك به الاجيال الكوردية والشعوب التواقة الى التحررمن نير العبودية جيل بعد جيل، بعد الخمود الطويل الذي دأب الصف الكوردي ويحطم طوق العزلة التي كان مفروضا على كوردستان تركيا وكأنها قضية جانبية لا جدوى منها ، ليعم كافة أرجاء المعمورة ولتكون مادة أساسية وطرح عظيم يأخذ صدارة أعمال القوى الوطنية والقومية في العالم .ففي نظري ونظر أبناء شعبه وفي نظر الشعوب التي تتطلع الى الحرية بأن عبدالله اوجلان هو إنسانٌ وطني ومناضل يحب شعبه ويناضل من أجل قضيته لاقامة الحكم الذاتي ومن ثم الأنفصال عن الدولة التي تذل شعبه صباحاً ومساءاً ، وإقامة دولة للاكراد وبذلك نسج إسمه في سجل الوطنين الكورد الذين ضحوا بانفسهم في سبيل وطنهم على شاكلة قادته ومعلميه في النضال أمثال القاضي محمد في ايران عام 1946 والبارزاني ملا مصطفى في العراق (1931-1975) والشيخ سعيد بيران زعيم ثورة 1925وسيد رضا قائد ثورة درسين ” ايليازيج” في تركيا سنة 1937 الذي هتف قبل تنفيذ حكم الاعدام به قائلا “بلغت من العمر خمسة وسبعون ، وساعدم الان وأكون في صف واحد مع شهداء النضال في سبيل كردستان ، الا ان الكرد وكردستان سوف يعيشان وسيثأر الشباب الكردي للشهداء الخزي والعار للطغاة “. ويجتر العالم الديمقراطي ” الصمت فيما يقوم الجيش التركي بذبح الاكراد لمجرد رغبتهم بانشاء وطن قومي على أرضهم والتكلم بلغتهم الأم وما المانع في ذلك طالما إنهم شعب كباقي الشعوب ذات مقومات حية من لغة وحضارة وتاريخ وجغرافية يؤهلهم لان يكونوا أحرارا على أرضهم وأن يتمتعوا بحق تقرير المصير؟!.فأن سجنوا عبدالله أوجلان فلن يستطيعوا سجن أكثر من خمسة عشر مليون كوردي ، وان أعدموا أوجلان فلن يعدموا شعباً نصف تعداد أتراك تركيا ولن يستطيعوا القضاء على قضية إنسانية من الدرجة الاولى وهي قضية شعب محروم من أدنى شروط العيش بكرامة مثل باقي الشعوب إلاّ أن السؤال الذي يطرح نفسه وهو أليس صمت العالم الاوربي والعربي والاسلامي مؤسف ومذل ؟!. .
سامان نديم الداوودي
الهوامش
*القضية الكوردية في تركيا / الدكتور حامد محمود عيسى /ط1 2002 – مكتبة مدبولي – القاهرة
*موقع سجين الفكر والتحرر عبدالله اوجلان / شبكة الانترنيت
*محاكمة عبدالله اوجلان والتخلص منه هل تحل المشكلة الكوردية في تركيا / مقال منشور في جريدة الجمهورية القاهرية في شباط 1999 / د.حامد محمود عيسى
الرئيسية » مقالات » الحرية للمناضل عبد لله اوجلان- أسير المؤامرات العالمية وسجين طريق الكرامة الكردية