الرئيسية » مقالات » الاساطير بين الماضي والحاضر

الاساطير بين الماضي والحاضر

تلقيت خطابا كريما ينبهني الي الموقع ،واذ بي اجد امامي موقعا ثقافيا حافلا لااجد وصفا له الا بان شعلة الثراء الانساني لاتنطفئ ابدا سواء اكانت علي ضفاف النيل او بين دجلة والفرات او علي قمة الاوليمبوس
واذا كان المرء علي قمة الاوليمبوس يصافح زيوس بكل ماخالطه من حكمة الآلهة ومقالب الصغار فهاهو علي ارض مابين النهرين يصافح جلجامش بكل قوي الرجولة وحرارة المجابهة .لم يكف الانسان ابدا علي اية بقعة من الارض عن التساؤل والمجابهة لكنه نادرا ما بلور هذا الصراع في اساطير او ملاحم علي تلك الدرجة من العمق والعذوبة كما في اسطورة جلجامش السومرية واسطورة اوزيريس الفرعونية رغم انها لم تخلو من الدماء ومن صيحات الرعب ولكن لااعتقد ان القدماء كانوا يوقرون كثيرا احاسيس الصبية وهم يتناولون قضايا الموت والخلود،وصراع الحياة مع العدم ،وكل تلك القضايا التي مازالت تبعث القشعريرة الي اجسامنا حتي يومنا هذا
ليست محاولتي هذه اول محاولة للكشف عن طبيعة الاساطير ،فعلم الاساطير قائم منذ القرن التاسع عشر تارة بتجميعها وتارة بتصنيفها ومحاولة الكشف عن معناها ،لكني اريد ان اشير هنا الي حقيقتين غابتا عن عيون دارسي الاساطير:اولاهما:ان الاسطورة العظيمة لاتموت فكثير من الاحداث التي وردت في الاسطورة انتقلت الي التراث الديني واصبحت من حقائقه كالطوفان مثلا في اسطورة جلجامش اصبح جزءا من الاحداث التوراتية وتولي نوح دور البطولة،بل ان دراسات اخري يمكن ان توضح لنا ان قصة الخلق التوراتية بكاملها منقولة عن التراث البابلي السومري،ولاحاجة الي القول ان اليهود عاشوا فترة طويلة فيما بين دجلة والفرات ،ولايستطيع احد ان ينكر قدرتهم الفائقة علي القص واللزق ،وهي قدرة يشاركهم فيها ابناء عمومتهم من اعراب الصحراء
ثانيهما:ان الآلهة القديمة نفسها لم تمت.صحيح انها توارت بجانب الوهيم الواحد الاحد ،ولكن اين يمكن ان يختبئ من الوجدان والذاكرة الشعبية هذا الفيض العارم من الملائكة والشياطين والجن والعفاريت
دعونا اذن من تلك المقارنات الصبيانية للنصوص لنعرف اننا في قلب الاساطير مهما كان قدمها ………….فنحن الذين صنعناها