نشرت صحيفة الشرق الأوسط الغراء هذا اليوم مقالة الأخ الأستاذ وليد الزبيدي المرفقة أدناه .
وقد قمنا هذا اليوم بالرد على الأخطاء الثلاثة التي ذكرها كاتب المقال إلا أن صحيفة الشرق الأوسط نشرت ، مشكورة ، جزءا من الرد ، ربما بسبب الحجم المسموح به . ولأهمية مقالة الأخ الزبيدي رأينا من المستحسن أن نعيد تعقيبنا عليها بصورة مفصلة ، لكي تعم الفائدة على الجميع إن شاء الله .
فمع كل إحترامنا للأخ الأستاذ وليد الزبيدي الذي ذكر: ” أن إيران ارتكبت ثلاثة أخطاء رئيسية في العراق ، منذ بداية الإحتلال الأمريكي لهذا البلد في ربيع عام 2003 ، الأمر الذي دفع بالكثير من الأطراف و حتى بعض الدول ، إلى توجيه انتقادات حادة لإيران ، و يمكن إجمال هذه الأخطاء الثلاثة بالآتي :
أولا : دعم العملية السياسية في العراق .
ثانيا : إتخاذ موقف المتفرج من الإحتلال .
ثالثا : الموقف من قتل و تهجير الفلسطينيين في العراق ” .
نقول للأخ الفاضل إذا كانت إيران ، التي لا نريد الدفاع عنها ، قد ارتكبت ثلاثة أخطاء بعد سقوط النظام الديكتاتوري البعثي الفاشي في التاسع من نيسان المبارك عام 2003 ، فما هو عدد الأخطاء التي ارتكبتها الدول العربية الشقيقة و جامعة الدول العربية إزاء العراق و الشعب العراقي ؟
فلو قامت الدول العربية الشقيقة بعد سقوط طاغية العراق مباشرة بدعم و احتواء الشعب العراقي بكافة قومياته و طوائفه و أديانه و مذاهبه ، و إرسال سفرائها و المباشرة بإعادة إعمار العراق و الإعتراف بمجلس الحكم العراقي المؤقت و دعم الإنتخابات الوطنية و حث إخواننا السنة الكرام على المشاركة في الإنتخابات و قلب صفحة جديدة من تاريخ العراق و المحافظة على عروبة العراق و انتمائه للأمة العربية المجيدة ، لما استطاعت إيران وضع ثقلها الكلي في العراق ، و ما آلت إليه الأوضاع المأساوية في العراق على ما هي عليه الآن و ما انتشرت الفتن و الطائفية البغيضة و لما راحت آلاف الضحيا من أبنائنا و أشقائنا العراقيين بغض النظر عن مذاهبهم و انتماءاتهم الفكرية و السياسية و العقائدية .
ففي الخطأة الإيرانية الأولى ( دعم العملية السياسية في العراق ) يناقض الكاتب نفسه عندما يذكر :
” ويعرف الجميع بمن فيهم الإيرانيون، أن التاريخ ووقائعه وأحداثه يقول: إن المحتل عندما يصنع عملية سياسية، فانه يعمل على تحقيق هدفين أساسيين هما:
1ـ إحلال الواجهات المحلية من أبناء البلد الذين ارتضوا لأنفسهم تأدية هذا الدور، مكان دباباته وعسكره، ويتكفل هؤلاء بتنفيذ مراحل ما جاءت به الدبابات، وأسست له من مشروع يخدم بالدرجة الأولى مصالح الإمبراطورية الأمريكية ومشاريعها.
2ـ إن الاحتلال الأمريكي للعراق، سعى إلى تنفيذ سياسة تحقق له تفتيت المرتكزات الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع العراقي، ويتحقق ذلك من خلال الواجهة الإدارية، التي يصنعها الاحتلال، ويضع لبناتها وفقا لمنهج دقيق وضمن مراحل واضحة. ”
فهل يستطيع كاتب المقال أن يعطينا إسم دولة عربية واحدة لم و لن تقوم بتأدية هذا الدور لخدمة مصالح الإمبراطوريتين الأمريكية و البريطانية و مشاريعهما بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر إتفاقيات ثنائية معها ؟
ألم يخدم صدام و النظام البعثي المخلوع مصالح الدول الإستعمارية العظمى في حربه ضد إيران و غزوه لدولة الكويت الشقيق الأمر الذي جعلت البوارج الحربية الأمريكية و البريطانية أن تقيم قواعدها في الخليج بعد أن كان ذلك محرما عليها سابقا قبل سقوط السوفييت ؟
نستغرب جدا من الفقرة الثانية التي أشار إليها الأخ وليد الزبيدي : ” بأن الإحتلال الأمريكي للعراق ، سعى إلى تنفيذ سياسة تحقق له تفتيت المرتكزات الأخلاقية و الإجتماعية للمجتمع العراقي … ”
كنا نتمنى على الأخ الكريم أن ينقل حقائق الأمور و ليس يرمي اللوم كل اللوم على الإحتلال الأمريكي ، الذي لا نريد الدفاع عنه أيضا، ونقول :
ألم يكن نظام البعث و صدام و نجلاه عدي و قصي و أجهزة إستخباراتهم و ميليشياتهم هي التي أفسدت طبيعة المجتمع العراقي من خلال إختطاف و اغتصاب حرائر العراق و سرقة أموال الدولة و القطع الفنية من متاحف العراق طوال أكثر من 35 سنة ؟
ألم يقرأ الكاتب كتاب شبيه عدي ( لطيف يحيى : كنت إبنا للرئيس صدام ) الذي شهد شاهد من أهلها على فساد صدام و نجله عدي باغتصاب و قتل طالبات العراق و اختطافهن من الأقسام الداخلية للبنات أو إغرائهن من قبل قوادات خاصة لعدي ؟
ألم يقتل عدي قواد أبيه كامل حنا الذي رتب موضوع تطليق السيدة سميرة الشهبندر التي كانت متزوجة بالسيد صالح الشهبندر مستشار عدي المالي و تزويجها بصدام ؟ ( راجع كتاب لطيف يحيى ، الطبعة الأولي ، صفحة 154 – 160 ) .
ألم يقم قصي و جهاز مخابراته باغتصاب زوجات و بنات ضباط الأحرار الذين كانوا يضعون دماءهم على حرحارة أياديهم عندما كانوا يحاربون ضد إيران على جبهات القتال ؟
لقد خصص جهاز المخابرات و الأمن العراقية بيوتا خاصة في أطراف و أحياء بغداد مؤثثة و مجهزة بأحدث كامرات الفيديو لتصوير عمليات اغتصاب حرائر العراقيين و زوجات و بنات الضباط الأحرار . وكان يعمل لكل عملية إغتصاب عدة نسخ كاسيتات ترسل إحداها إلى صدام ليحفظها في مكتبه ، و عندما كان الضابط يعود من جبهة القتال يرسل عليه و يريه عملية إغتصاب زوجته أو إبنته .
راجع سي دي الحاوي على إفادة و تصريحات ضابط مخابرات قصي السيد ساجت عزيز الجنابي التي نشرتها معظم المواقع العراقية بعد سقوط النظام المخلوع عام 2003 .
الحديث عن تدمير نسيج المجتمع العراقي الذي قام به النظام الشوفيني المخلوع ذو شجون .
فليقرأ كاتب المقال : ( كتاب الدكتور صاحب الحكيم : تقرير عن إغتصاب و قتل و تعذيب و اعتقال أكثر من 4000 إمرأة في بلد المقابر الجماعية ” العراق ” الصادر عام 2002 ) ، لكي يتضح له الأمر من الذي قام أولا بتفتيت المرتكزات الأخلاقية و الإجتماعية للمجتمع العراقي .
و أما قوله : ” أثار الدعم الإيراني للعملية السياسية في العراق استغراب الكثيرين ، و تمثل هذا الدعم بمباركة الإنتخابات التي جرت على عجل عجيب في العراق ، و تأييدها للدستور بكل ما يتضمنه من أخطار تهدد وحدة العراق …” يثير إلى الإستغراب ، فلماذا لم تقم الدول العربية الشقيقة بدعم العراق و تشجيعه على الإنتخابات في ظل الإحتلال ، لكي يستطيع العراق لاحقا التخلص من الإحتلال وفق قرار هيئة الأمم المتحدة الصريح .ولماذا قامت الدول العربية الشقيقة بدعم إنتخابات إخواننا الفلسطينيين تحت أبشع إحتلال صهيوني ، في حين أنها رفضت و حاربت و أمرت بمقاطعة الإنتخابات في العراق ؟
وفي الخطأة الثانية لإيران : اتخاذ موقف المتفرج من الإحتلال ، يذكر السيد وليد الزبيدي : ” اما من الناحية العسكرية، فإن الواقع يقول، لو كانت هناك دولة واحدة سواء كانت إيران أو غيرها تزود المسلحين بما يحتاجون من سلاح متطور، لتمكن المسلحون منذ فترة من إسقاط اكبر عدد ممكن من المروحيات وحتى المقاتلات الحربية الامريكية، وهذا الأمر لا يحتاج إلى المزيد من الشرح والتوضيح ” .
نسي السيد وليد الزبيدي أن الشعب العراقي لم يقم بمحاربة قوات الإحتلال التي أنقذته من أبشع نظام شوفيني بغيض قتل من أبنائه أكثر من ثلاثة و نصف مليون نسمة في الحروب و المعتقلات طوال حكمه الدموي الذي استغرق أكثر من 35 سنة . و لماذا تقوم إيران بتزويد البعثيين و حرس صدام الجمهوري بالأسلحة ؟
يعلم الجميع أن الحرس الجمهوري و قوات الجيش العراقي قد سرقوا ترسانات أسلحة العراق من ثكنات الجيش الجيش العراقي رشاشات الكلاشنيكوف و الصواريخ و أكثر من 400 طنا من المتفجرات و غيرها من الأسلحة التي استوردها النظام قبل سقوطه باسابيع من موانئ منسك الروسية ؟
فلو قامت الدول العربية بدعم الشعب العراقي و المقاومة العراقية لإسقاط صدام ، لكان الأمر مختلفا أي لأنتفظ الشعب العراقي بسنته و شيعته و أكراده ضد قوات الإحتلال ، بمثل ما فعل في ثورة العشرين الوطنية .
أما الخطأة الثالثة لإيران : الموقف من قتل و تهجير الفلسطينيين في العراق ، فإن كاتب المقال لم يذكر الحقيقة عن إخواننا الفلسطينيين الذين استخدم صدام معظمهم في أجهزته الأمنية و الشرطة و الجيش لقمع الشعب العراقي و خاصة لقمع الإنتفاضة الشعبانية العراقية المباركة عام 1991 بعد تحرير الكويت الشقيق .
فلو كانت إيران بالفعل مؤثرة على السياسة العراقية و الحكومة العراقية لقامت بتهجير أعدائها الإيرانيين المسلحين في العراق ( مجاهدي خلق الإيرانية ) الذين زودهم النظام المخلوع بمئات الدبابات و الصواريخ و العربات العسكرية و مختلف الأسلحة ، علما بأن عددهم كان يزيد عن الثلاثين ألف شخص . إذن ليس من المعقول أن تساهم إيران بقتل و تهجير إخواننا الفلسطينيين بدلا من أن تقوم بقتل و تهجير أعدائها من قوات مجاهدي خلق الإيرانية .
صحيح قول الأخ السيد وليد الزبيدي بأن صدام أسكن الآلاف من إخواننا الفلسطينيين منذ عقدين أو أكثر و منحهم كافة الإمتيازات و أسكنهم في بيوت و دور العراقيين من الشيعة العرب و الأكراد و التركمان في كركوك و بغداد و في المحافظات الأخرى بعد مصادرة أموالهم و بيوتهم و تهجيرهم .
ارجو أن يتسع قلب الكاتب و ينورنا بحقائق الأمور ، مع أطيب تمنياتنا .
ألمانيا في 12 / 3 / 2007