نشاط غير عادي على مستوى المشاعر والتفكير تميز به ثلاثاء16 آذار 2004 في عفرين ، في القلب والوجدان حزنان .. ألمان .. صراعٌ لم تصل تحليلاته للأوساط البسيطة بعد ، حزنٌ عايشه أهل عفرين ستة عشر عاماً على شهداء حلبجة حتى بات أحد مقومات الشخصية – العائلة – الهوية في عفرين ، وحزن لم تكتمل ملامحه بعد على شقائق النعمان البشرية في قامشلو ، شهداء ماذا كانوا ؟؟ شهداء الانتماء الكوردستاني كانوا أجابت نتف الثلج … ضريبة القدر .. الجبر .. الإلهي ، لا الاختيار البشري الديمقراطي.
في ثلاثاء 16 آذار 2004 الساعة الحادية عشر ظهراً ، وقف أهل عفرين شوارعها زيتونها نهرها الباكي جنبا إلى جنب حداداً للشهادة والشهيد الكوردستاني .. هكذا بكل الحب …. بعفوية : انبلاج الصبح … ابيضاض الثلج … احمرار الدم …هطول المطر … بمسلَّمة عشق الكورد لكوردستان الأم والألم ، كقَدرٍ سماوي من العشق القاتل . خمس دقائق حزينة عصيبة على أولي الأمر من الكورد … تصفيق انتشار إلى المجهول .
الساعة الحادية عشرة والثلث …خطوات نظامية وقع أقدام تحمل الموت .. سلاحٌ عتادٌ حربي كامل .. عسكرٌ تائهٌ عن الجبهة .. ينطلق من أمام مديرية المنطقة يلطخ طريق راجو ، يدور للأسفل عند ثانوية فيصل قدور بأمر المدير العقيد…. يمهد له رئيس الأمن الجنائي الملازم ….أول يعاضده قائد الكتيبة المقدم ….. ، يسير الشارع خلفهم .. الشوارع تهتف لقامشلو … لحلبجة ….زغاريد لكوردستان من الشرفات . طلاب المدارس خرجت قبل إطلاق الرصاص …صبية يوزعون البسماتِ اندهاشاً لحدثٍ جديد . خطواتٌ منتظمة تحمل الموت من الخلف …تائهةٌ تبحث عن مجدٍ رخيص .. سيلُ البراعم بين فكي كماشة … كنت في المقدمة ما زلت أذكر تلك البسمات البريئة وهي تتموج على شفاه الصبية … اجتمع العقيد والملازم أول والمقدم في الأمام قرب فوهة الجحيم ورفعوا عصىً سوداء … لحظاتٌ من الصمت …. عندما هوت تلك العصا السوداء …فتحت أبوابَ الجحيم آلافٌ من الطلقات … دخانٌ كثيف .. صراخ .. تبعثر .. دماءٌ ذكية تروي نهر عفرين المتثاقل . طفلٌ وردةٌ حمراء في الرابعة عشر من عمره هو الشهيد جلال كمال ، ويافعٌ كتفتح شقائق النعمان في السابعة عشرة من عمره هو الشهيد غيفارا حسن من قرية حسنديرا ، باتا رافدين لنهر عفرين و الزاب و دجلة والفرات …و أحفاداً لدياكو الميدي .. وعبيد الله النهري والشيخ عبد السلام البارزاني و الشيخ سعيد بيران والدكتور فؤاد وسيد رضا وقاضي محمد وعبد الرحمن قاسملو وصادق شرف كندي و ومظلوم دوغان و ودات آيدن … عشاقاً تحت نافذة ليلى قاسم وبيريفان و ذكية آلكان وشيلان وأراس سيفر وزيلان و……………………………………………….
حُمل نعش الشهيد الطفل جلال كمال إلى ( قريته بينه ) خرجت عفرين للتشييع بمآذنها و مزارات إيزيديِّها بفيلاتها وبيوتها وخيم الغجر على أطرافها ……. بزيتونها المبارك …. وعرائش العنب المعدة للنبيذ . لتبكي طفلها ويافعها ولتجمع دماءهم التي روت طريق راجو قطرةً قطرة لتضعها في القبر علّها تجتمع بقدرة العلي القدير وتعيد بسمة الروح لهم ( وما ذلك على الله بعزيز )
في يوم الأربعاء 17 آذار | 2004 استقبلت عفرين بعد حصولها على مرتبة الشرف في تكريم شهدائها على نعوشٍ ثلاثة لسنونو هاجرت من موطنها إلى حلب تبحث عن لقمة العيش لتعود مكللةً بالغار إلى مسقط الرأس . وهم الشهيد آري ولّو من قرية قرط قلاق والشهيد إبراهيم صبري أحمد من بلدة بعدينو والشهيدة فريدة أحمد من قرية مسكة .ولحقهم قبل وداع الموسم الشهيد حسن حمو من الكريف * الذي لم يتقن صنعة إلا دق الطبل في الأفراح ليبرعم ( حسن ) ً آخر بعد ستة أشهر .
الخميس 18 آذار 2004 قارماتٌ مهشمة …. بللورٌ مكسور …………..
أستميحكم عذرا ….. كفاني حديثا ……
*الكريف هم الطبالة والزرناتية في الأعراس
الدكتور صلاح الدين حدو عفرين 2007