الرئيسية » التراث » معتقدات الكرد قبل الأسلام

معتقدات الكرد قبل الأسلام

أن معتقدات قدماء الآريين في ايران, كانت متحده مع ديانة قدماء الآريين في الهند. وأنه فيما بين القرن الرابع عشر والقرن التاسع قبل الميلاد, إنفصلوا عن بعضهم وصار لكل قسم منهم عقيده خاصه.
في الوقت الذي دخل فيه الآريينالايرانيون العصر التاريخي كان مازدا( مزدا أهورا أو أهورا مزدا) الاله الأعلى للقبائل المستقره والمتمدنه, بعكس الشياطين التي تعبدها القبائل الرحل والمحاربون واللصوص.

والمزديه أقدم عهدا من الزرادشتيه.
وليس مزدا إله القبيله أو الشعب بل هو إله العالم والناس جميعا. ويبدو باعث الأخلاق بصفائه التام في هذا
الدين. وبهذين الوصفين, العموم والصفاء بدأ هذا المذهب تأثيره على الأفكار الدينيه في الشرق
الأدنى. والظاهر أن زرادشت ادعى النبوه نبيا لمذهب مزدا.
فعند زرادشت تعتبر الديوات شياطين مؤذيه. ولما بين الفريقين من آلهه من تفاوت نمت عنده فكرة الصراع بين الروحين اللذين وجدوا منذ خلق العالم, ألا وهما الروح الخير وهو نوع من تجلى( مزدا), وروح الشر أو( أنراميو).
وهناك سته آلهه من بين مساعدي مزدا. وهم الذين سموا في عهد متأخر. أمشاسينتا القوى الخالده وهم:
1. وهومنه ( الفكر الطيب).
2. أشاوهيشتا (خير الحقائق).
3. خشترا ويريا (التسلط المطلوب).
4. آرمايتي (الخضوع).
5. هورونات (الكمال أو الصحه).
6. أميرات (الخلود).
7. ويضاف إليهم سبنتا مينونفسه.
وقد يكون مستترا وراء هذه الأسماء المعنويه أسماء آلهه قديمه للطبيعه والعناصر.
فمثلا آرميتى هي من غير شك آلهه الأرض في الأصل, ومن آلهة دين زرادشت سروشا الطاعة
وبين الأوستا القديمه التي تسمى( الكاتات) لبا لها, والأوستا الحديثه. اختلاف بين في تعداد الآلهه وفي الأفكار الدينيه. ولم يكن ممكنا ان تلغى الالهه الشعبية على مر الزمان. واضطر الغان من الزردشي الى الاعتراف بهذه آلالهه المذكورين في الكاتات.
وقد وجد في الدين المزدى قبل إصلاح زرادشت, ولآلهه الشعبيين, لميترا (رب الميثاق) وفي الوقت نفس
(رب النور). وللآلهه اردوى سورا المقبة بأناهيتا (إلهة الماء والخصب), وللنجم تشتريا الذى تبين أنه سيريوس ولوثرغنا (آله الحرب الهجوميه والنصر), ولخوارنة الذى به مجد وإقبال الملوك الآريين.
وقد ألف في أول عهد البرت الكتاب أللأوستي المسمى ونديداد ـ وى ديو داد (الشريعة المضادة للشياطين) وهو يتضمن القانون الديني للزردشتية.
وكانت اللغة الأوستية حينذاك لغة ميته يجد رجال الدين عناء في المحافظة عليها. وهذا الكتاب ونديداد
يحوي مجموعة من القواعد والمراسيم تختلف قليلا فيما بينها. باختلاف الأقاليم لأنا نجد هنا وهناك


متناقضات واضحة. وهو يتناول الأنواع المختلفة من النجاسات والآثام ووسائل الطهر والتوبة. ثم يبحث في العدوان وقتل الكائنات الأهورية (الرجال والكلاب وكلاب الماء), وما يفعل بالجثث التي ينبغي وضعها فوق الداخمات المشيدة من الآجر وهى أبراج الصمت كما تسمى أحيانا في أيامنا وذلك كى تنهشها جوارح الطيور, فقد حرم تحريما باتا تلويث العناصر بالدفن وحرق الجثث.
وكذلك يبين النجاسة التى تلحق من يمسس جثة آدمي أو حيوان ميت أو من يلمس امرأة حائضآ وما أشبه
ذلك. ويذكر الونديداد أسماء فردية لجماعة من الديدان أو الشياطين, والدروغات أو الشيطانات والبيرى كسات أو الساحرات. وهولاء أعوان إله الشر أممثال الشياطين إندرا وسوروا و ونائون هاى ثيا وهى آلهة قديمة. وبوشياشتا الشيطانة الموكلة بالنوم , وناسو شيطان الجثث والمواد الميتة وأمثالها.

ألا ان بعض الاقوام الآريه(شعوب زاغروس) قد تأثر من كل الوجه تأثيرآ كبير بسبب الاختلاط بالبابليين
مثال ذلك ان للكاشيين (أجداد الفيليين) . آلهه كالهه البابليين تمثل جميع القوات الطبيعيه والظواهر الكونيه. أساس عقيده هؤلاء الاقوام يرجع الى تقديس شيئين هما الخير والشر أو النور والظلام.
فالذي يفيد الانسان وينفعه من الامور صادر من إله الخير مثل الرزق والضوء والامطار. كما أن الاعمال
والمعاني التي تضر الانسان ولاتفيده. مثل الامراض والكواث والازمات والجفاف والقحط والاغلاء صادره من آله الشر والظلام.
فكانوا يعبدون الاول ويحبونه لفضله واحسانه, ويخشون الثاني ويتحاشون ضرره لهم فيقمون له الصلوات ويرفعون إليه الدعوات بتلاوة أدعيه ومناجات دينيه خاصه. وعلاوة على هذا فان الشمس ـ مثيره ـمهر كانت من أقدم آلهه الآريين. حتى أن الآبستاق آفستا وضع هذا الاله بين هرمز آله الخير وبين أهريمن آله الشر. وبحسن العقيدة الزرادشتيه أن الله سبحانه وتعالى كلف الشمس بازالة الشرور والاضرار والقضاء عليها.
ان عبادة آلهه مثل وه ره ئهريغنا أي( السحاب الدامع) ومثيره أي( الشمس). كانت شائعه بين شعوب زاكروس فكان هؤلاء يظنون أن الشمس هي عين السماء الباصرة, وأن السحاب الدامع هو ابنها.


العقيده الزرادشتيه
كان زرادشت إما نبيآ حقيقا واما مرشدا إجتماعيآ فوق العاده ولانعلم متى ولد هذا الرجل العظيم وإين وكيف عاش والى قوم من الاقوام الآريه ينتسب.
ولكن الروايات الزرادشتيه تفيد أن هذا النبي ولد في القرن السابع ق.م وشرع في بث تعالميه ونشر دعوته على بحيرة أرميه. حتى مات في أواسط النصف الاول من القرن السادس ق.م , ويقول المسترجاكسون
الأخصائى العظيم في العقيده الزرادشتيه انه ولد في النصف الثلني من القرن السابع ق.م.
ويقول المستر هول أن زرادشت ولد سنه(599 ق.م) تقريبا وأنه كان نجل من يدعى بواورشيسب وأنه صدر منه بعض خوارق ومعجزات في ايام صباه وطفولته. مما أدى إلى أن السحرة والكهان حقدوا عليه وحاولوا اغتيالة.
هذا ولما بلغ زرادشت من العمر عشرين ربيعا, اعتزل الناس وانزوى عنهم في محل مهجور وأخذ في رياضة النفس وحيدآ فريدآ. وفي الثلاثين من عمره دعا الناس في شواطئ نهر دائيتا الذي يقال إنه نهر
الرسآراكس, إلى معرفة الله وعبادته, وأن جاودان مقدس الخالد والباقى نقل زرادشت إلى حضرة
آهورا مزد حيث أخذ بعد ذلك يقوم بالدعوة والارشاد. ولكن ذلك لم يجده نفعآ. لان رجال الدين في ذلك العهد حاولوا بينه وبين مبتغاه.
وبعد ذلك ذهب زرادشت بامر من (آهورامزد)إلى (وشتاسب) حاكم باختر فتمكن هنالك في خلال سنتين


وبعد جهد جهيد, من هداية الحاكم المذكور إلى دينه وحمله على الايمان برسالته, كما أن الوزير (جاماسب) عضده في ذلك تعضيدآ كبيرا. حتى تزوج أخيرا بابنته, الامر الذى أفضى إلى انتشار الديانه الزرادشتية إنتشار كبيرا, ولاسيما بعد اعتناق(ويشتاسبا) لهل, في جميع البلاد الايرانية والتورانيه وبلاد الهند وآسيا الصغرى.
ويقول اللآبستاق في مسألة خلق العالم وحدوث الكون, ان هرمز أولآ الأرواح وحكمه ثلاثة آلاف سنه.
ثم ظهر(أهريمن) من الظلمات واقتحم عالم النور غصبآ واقتدارآ. وبعد ذلك خلق (هرمز) عالم المادة في ستة أدوار في مدى ثلاثة آلاف سنة. فخلق الانسان في الدور السادس وأخذ(أهريمن) أيضا في الخلق والايجاد فختق الشرور واللآفات واشتبك مع (هرمز) في النضال والقتال, واستمر ذلك ثلاثة آلاف سنة إلى أن ظهر زرادشت حيث دب الضعف والتخاذل في قوى(اهريمن) وبرزت قوة (هرمز) وتفوقه عليه رويدآ رويدآ حتى اضطرت(أهريمن) الى الرجوع إلى عالم الظلمات.
هذا وترى العقيده الزردشتيه ان الروح باقيه خالدة بحيث تشعر بالألم والسرور بعد ثلاثه أيام من مفارقته للجسم.ثم تصل بهذه الحاله الى جسر (جينويت) وهناك تحاكم أمام ثلاثة من القضاة الذين يزنون أعمال
صاحب هذه الروح بالقسطاس المستقيم ان خيرآ آخر يمتد من قمه جبل(البزر) الى ماء (دائيتيا). فاذا كانت أعمال الروح خيره وطيبه يتسع لهل الجسر الدقيق والمعبر المخيف. فيسهل لهل المرور بسرعه
هائله. وأما اذا كانت أعمالها شريره وقبيحه فيضيف لهل الجسر ويتضاءل تضاؤلا كبيرا فتضطرب وتسقط في الظلمات.
وخلاصةالقول ان الروح اذا كانت خيره أى حائزة لصفات ثلاث, تصل ولاشك إلى عالم أرقى مما هي فيه. ووالصفات الثلاث هي, النية الحسنة, والكلم الطيب, والعمل الصالح. هذا والعالم الراقي الذى تدخل فيه تلك الروح هو مايسمى في اللغات الآرية القديمة والحديثة (ئينوه هيشت ـ بهشت) أى الجنة. والروح التى تكون شريرة أو مذنبة تدخل عالم الآلام والمشاق أى(جهنم). وهناك منزلة ثالثة تسمى(هيمستيكان) بين الجنة والنار, محصصة للذين تتساوى أعمالهم الطيبة والرديئة وزنا ومقدارا, فيبقون فيها منتظرين يوم التناد.
ثم يذكر الآبستاق شخصا ثالثا يدعى(ساأوشيان) يظهر قرب قيام الساعة فينقذ الناس مما هم فيه من الآلام والمتاعب حيث يحيى جميع الأرواح ويأخذ في محاكمتهم وجزائهم الأخير.وبعد ذلك كله تهب ريح عاتية ذراتها كذرات الرصاص الدقيقة فتغطى وجه الأرض كله. وعندئذ تبدأ الحرب الضرس بين هرمز و أهريمن وتكون الغلبة في الآخرل ل أهريمن . فللنجاة بعد الموت, ولكي يمكن قيام كل واحد على قدر حاله بنصرة هرمز, يجب أن يكون الشخص حائزا لخصال ثلاث, وهى كما تقدم:
النية الحسنة , والكلمة الطيبة , والعمل الصالح .
ومن مبادئ الديانة الزرادشتية الأساسية, ان أحسن عمل يقوم به المرء في حياته هو الاشتغال بالأمور الزراعية والاقتصادية, والعمل على توفير المال الذى هو عصب الحياة. ولهذا كان زرادشت يحرم الصوم على الزراع لئلا يكونوا ضعاف خائرى القوى.
ومن أسس مباديئها هذه الديانة أيضا, تقديس العناصر الأربعة:
الهوء , والماء , والنار , والتراب.
فلم يكن يسوغ تدنيس هذة العناصر بوجة من الوجوه . ولهذا كانت النار شعارا ورمزا ل زرادشت نفسه. ولم يكن يجوز أيضا تدنيس المياه الجارية والراكدة , ودفن الموتى في التراب.
هذا يرى معتنقو هذا الدين , ان زرادشت كان نبيا يكلمه الله سبحانه تعالى ويوحى إليه كسائر الأنبياء. هذا وقد قتل زرادشت وهو في سن الشيخوخة في حرب دينية كان قد أثارها ضد الشعب الهيونى. وكان قائد جيوش الهيونيين يدعى (آرجاسب).
هذا وقد ظهرا عقائد أخرى قديمه جدا في كردستان ردحا طويلا من الزمن مثل عبادة الاصنام , وعباة الشمس , وعبادة الاشجار. كما ان الديانة المسيحيه, واليهوديه لم تلق نجاحا كبيرا بين الاكراد. ولهذا ظل
الكرد محتفظين بالديانة الزرادشتية حتى مجيئ الاسلام, هذا والشعب الكردي بالرغم من اعتناقه الديانة


الاسلامية بقى مدة من الزمن لايستسيغها تماما. ولكن الاسلام رسخت قواعدة في قلوب الاكراد, الذين أدركوا تمام الادراك بساطة الدين الاسلامى وملاءمه لفطرتهم السليمة, فأخلصوا له أكثر من إخلاص شعوب إسلامية أخرى!! , حيث دافعوا عنه في مواقف كثيرة دفاع الابطال والمتفانين في حبهم للاسلام.
ومن المعروف ان الأكراد كانوا قادة للجيوش الأسلاميه , فقد اخلص الكورد وخدموا في سبيل الأمه
الاسلاميه, حتى ان احد صحابه الرسول ويدعى كابان كان كرديآ. ورغم ان وطن الشعب الكردي كردستان أصبحت تحت حكم الاسلام, وارغاموا على ترك ديانتهم الزردشتيه والتي هو جزء من هويتهم,
ألا انهم استمروا في اخلاصهم للدين الآسلامي, وهذا مالمسناه لدى القائد صلاح الدين الأيوبي ومن خلفه, الذين فضلوا بقاء الكرد ضمن حدود الأمه ألاسلاميه. ولم يفكروا قط في انشاء كيان للأمه الكرديه
وهنا نجد البعد الديني قد طغى على الفكر القومي( أي ان يكون لهم كيانهم الخاص) . . واليوم نجد الفكر القومي يعرب صلاح الدين وكل شئ يتعلق بتاريخ الكرد وتراثه وثقافته (السطو الحضاري)..
أستخدموا الكرد في حروب كثيرة,وكذلك الفرس والترك, فاستفاده الجميع منهم, الا انهم لم يحصلوا على اي مكسب لهم ولحدالان!!

2007.0303

الباحث: بيكة س شيرواني