الرئيسية » التاريخ » كركوك وتوابعها حكم التاريخ والضمير- دراسة وثائقية عن القضية الكوردية في العراق

كركوك وتوابعها حكم التاريخ والضمير- دراسة وثائقية عن القضية الكوردية في العراق

ترددت كثيراً قبل الشروع بعرض هذا الكتاب ” الموسوعي ” عن كركوك، وذلك لصعوبة إعطاء فكرة واضحة عنه من خلال عرض قد لا يتجاوز عدة صفحات، ولوفرة المعلومات المهمة التي ضمنها المؤلف كتابه هذا، الذي أخذ من وقته ما يقارب عشرة سنوات في البحث والتنقيب وجمع الوثائق وإستقاء المعلومة من مضانها الأصلية، ومقارنتها ببعض المصادر الأخرى التي جانبت الصواب في بعض الأحيان. ومؤلف الكتاب هو البروفيسور الدكتور كمال مظهر أحمد المعروف بأسلوبه العلمي الرصين في البحث والتقصي، وبحياديته في طرح الأفكار وإيصال المعلومة سواء إلى المتلقي أو لطلابه في الجامعات، ومؤلفاته تجاوزت الثلاثين كتاباً عن التاريخ الكوردي والعراقي والشرق أوسطي والأوربي، ومئات الدراسات والبحوث المنشورة في مختلف المجلات العلمية المتخصصة وغيرها، والجرائد والدوريات، كما كتب وألف باللغات العربية والكوردية والروسية، وترجمت أعماله إلى عدة لغات منها الفرنسية والإنكليزية، التركية، الأرمنية والعربية، كما وأشرف على عشرات أطروحات الدكتوراه ورسائل الماجستير، وأعتمد في تأليف كتابه الأخير الذي بين أيدينا على مجموعة نادرة من الوثائق التي لم تذكر لليوم في مؤلفات أخرى على حد علمي ” أما عن جهل أو عن قصد ” والرسائل المتبادلة بين السياسيين وآراء الرحالة الذين زاروا المنطقة، وعلى أمهات الكتب العربية والإسلامية والعثمانية والروسية والإنكليزية والفارسية والسالنامات العثمانية والموسوعات ” الإنسكلوبيديا ” ودائرة المعارف الإسلامية وغيرها، أنه كتاب لا يمكن المرور به هكذا دون إستقرائه بشكل جيد لا سيما من المتخصصين في علم التاريخ، أنه كتاب يٌقرأ من ألفه إلى يائه.

لم ألحظ أبداً سيطرة أية مشاعر أو عواطف شخصية أو إنحياز لهذه الفئة على تلك من سكان كركوك، بل تبنى الموضوع بشكل علمي بعين الخبير والباحث الثاقب النظر باسطاً حقائق التاريخ والجغرافية أمام أعين القراء والباحثين والدارسين لأستنباط ما ينفع ويفيد المصلحة العامة .. وأختار المؤلف عنواناً معبراً لكتابه ” كركوك وتوابعها حكم التاريخ والضمير ” يضع فيه القارئ أمام حكم التاريخ الذي يبسطه بشكل رائع دون تعقيد قل نظيره في البحث والتأليف، ومن ثم يتجه لضمير المتلقي للفصل والحكم في هذه القضية ألا وهي ” قضية كركوك ” .

كما أهدى الكتاب خصيصاً لأبناء الشعب العربي سواء في العراق أو خارجه، بعبارة موجعة تمس عقولهم وضمائرهم مباشرة .

الأهداء : ” إلى كل عربي يرفض أن يكون ظالماً ، بقدر ما يرفض أن يكون مظلوماً ” .

ومحاولتنا هذه هي ليست قراءة نقدية للكتاب بقدر ما سأحاول عرض ونقل فقرات وعبارات مهمة من الكتاب كما هي إلى القارئ العادي أو الباحث عن الحقيقة ليقف بنفسه على الحقائق التاريخية وما يتعلق بمنطقة كركوك ” شهرزور ” التاريخية .

يتطرق الكتاب وبشكل مكثف ومركز إلى المواضيع التالية :

نبذة تاريخية ـ عن التاريخ القديم لشعوب المنطقة ، ونشوء القومية الكوردية
كركوك وتوابعها في ظل الإسلام والخلفاء
كركوك وتوابعها في العهد العثماني
كركوك وتوابعها والإمارات الكوردية في العهد العثماني
الواقع الإقتصادي لكركوك وتوابعها
كركوك وتوابعها في كتب الرحالة
العرب في كركوك وتوابعها
التركمان في كركوك وتوابعها
كركوك وتوابعها في ظل الإحتلال البريطاني
كركوك وتوابعها في بداية عهد الإنتداب
كركوك وتوابعها أمام مؤتمر القاهرة
موقف كركوك وتوابعها من ترشيح الأمير فيصل لعرش العراق مع نبذة عن موقف فيصل من القضية الكوردية
كركوك وتوابعها وحركات الشيخ محمود
كركوك وتوابعها في إطار مشكلة الموصل

• بعد أن يتحدث في القسم الأول ” نبذة تاريخية ” عن السكان والأقوام القدماء في كوردستان من اللوبيين والكوتيين، والخوريين الذين حكموا أشور قرابة قرن من الزمان ، ويبين بأنهم هم الذين بنوا بعض توابع كركوك مثل طوزخورماتو التي تحمل اسمهم حتى اليوم ، ويبين بأن أسم المدينة الأصلي هو ” خورماتو ” المشتق مبنى من كلمتي ” خور ” أي الخوريين و ” ماتو ” التي تعني في اللغة الأكدية ” المدينة ” فيكون الاسم مدينة الخوريين … وظل إسم خورماتو متداولاً في العصور الإسلامية ولغاية القرن التاسع عشر دون أن يفقه الناس معناه الأصلي

• ويذكر بأنه ورد في كتاب ” الجغرافية السياسية ” عن الكورد من تأليف عدد من الأساتذة الجامعيين المصريين في العام ١٩٦١ ” الأكراد سلالة منحدرة من أصل شمالي … وكانت لهم دولة قديمة عاصمتها ” آرابخا ” وهي كركوك الحالية .

• ويشير أيضاً إلى مبحث الأستاذ الجامعي العراقي الدكتور فوزي رشيد ” سكان جبال زاكروس وكردستان القدماء ” وحول علاقة الكورد تأريخياً بكركوك .

يذكر : وهذه الحقيقة لا تنفي العلاقة القوية التي كانت تربط اللوبيين بالسكان القدماء الآخرين لكردستان كالكوتيين ، أو الخوريين لغوياً كانت أم حضارياً وخاصة لو عرفنا بأن مركز هؤلاء كان في مناطق قريبة بعضها عن البعض الآخر ، كمستوطنات نوزي الخورية ، وآرابخا الكوتية ، وبابيت اللوبية وجميعها حوالي كركوك الحالية .

• ويسلط الضوء كذلك وحسب المصادر التاريخية على أن الكورد ظلوا يؤلفون روح الإسلام في كركوك ، فكانت مساجد المدينة وتوابعها وتكاياها وأوقافها ومدارسها بيد رجال الدين الكرد أساساً .

• وأعتمد في دراسته على المصادر العربية والإسلامية / كـ ياقوت الحموي ، أبن خرداذبة وحمد الله المستوفي وأبو الفدا وإبن خلكان والقلقشندي وأبن المهلهل وغيرهم ، ويذكر بأن القلقشندي توفي ” ١٤١٨ ” قد حدد مكان كركوك وطابعها الكوردي بالأستناد إلى ” مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ” للجغرافي الدمشقي أبن فضل الله العمري المتوفي ” ١٣٤٨ ” …. جبال الأكراد قال في مسالك الأبصار : والمراد بهذه الجبال ، الجبال الحاجزة بين ديار العرب وديار العجم. ” ويقصد بها سلسلة جبال حمرين جنوب كركوك ”

• ويركز الدكتور كثيراً على أرتباط أسم كركوك وتوابعها باسم شهرزور ويعرض آراء المؤرخين والجغرافيين المسلمين القدمى ، مثلاً : ويصف ياقوت الحموي ” بلاد شهرزور ما نصه وأهل هذه النواحي كلهم أكراد ” وكان هؤلاء الأكراد يتمتعون بقدر كبير من الأستقلالية عبر عنه ياقوت نفسه هكذا ” وأهلها عصاة على السلطات ”

• ويشير أيضاً إلى أن المصادر الإسلامية تؤكد وجود مدينة قديمة بأسم شهرزور وكانت تقع في كورة ” شهرزور ” ويحدد الباحثين موقع تلك المدينة ” بـ ياسين تبه ” القريبة من مدينة كركوك الحالية … منهم المستشرق الإنكليزي ” كي ، سترنج ” بالأستناد إلى ابن خرداذبه وأبن حوقل والقزويني والمستوفي .

• وصف الرحالة أبن مهلهل في القرن العاشر الميلادي شهرزور …. ” شهرزور مدينات وقرى ، فيها مدينة كبيرة ، وهي قصبتها في وقتنا هذا ” وكان أكراد هذه الكورة حين زارها أبن مهلهل تنشئ حوالي ستين ألف بيت ، وحين كتب المستوفي في المئة الثامنة كانت شهرزور مدينة زاهرة وأهلها أكراد .

• كما يتطرق إلى أن سكان الإمارة الأتابكية وجيش مظفرالدين كوكبوري حسب المصادر التاريخية التي يشير إليها كانوا من الكرد قاطبة ، بل أن بعض تلك المصادر تحدد سكان كركوك وتوابعها يومذاك بابناء عشيرة زه نكنة وجاف وهموند . أي قبل ما يقارب عشرة قرون .

• ويذكر ايضاً إلى أن ولاية أربيل وولاية شهرزور ضمت إلى العراق العربي تحديداً عام ٣٢٢ هجرية في أواخر العصر العباسي .

• ويبين في دراسته هذه بان كركوك كانت ضمن الأمارة الحسنوية التي تأسست أواسط القرن العاشر للميلاد ومنها أيضاً الإمارة العنازية . وكانت داقوق في القرون الثالث والرابع والخامس الهجري أحد مراكز الإمارات الثلاث المتتابعة الحسنوية والعيارية والجاوانية ، وكانت كركوك وداقوق في فترات أخرى ضمن إمارة أردلان وإمارة سوران وبابان .

• أما بالنسبة لإمارة أردلان ودورها في التاريخ الكوردي يذكر، وصف ” لونكريك ” لهذه الإمارة القوية “أردلان افضل إمارة ظهرت في المنطقة من حيث الحضارة أو الحكم الملكي ” قبل الإحتلال العثماني للعراق ” … حتى أنه يصفها بالإمبراطورية أكثر من مرة . ويتطرق ايضاً إلى امير كوردي آخر وهو مير سيدي بن شاه علي بك أمير سوران كيف استطاع أسترجاع الموصل وكركوك وأربيل من الصفويين وضمها إلى بلاده .

• ويذكر أيضاً …. بأعتراف عدد كبير من المصادر العثمانية والعراقية والاجنبية والكوردية كانت كركوك وتوابعها إحدى تلك المناطق التي أدخلها البدليسي في حوزة العثمانيين في العقد الثاني من القرن السادس عشر مع أحتفاظ الزعماء الكورد بكامل سيطرتهم عليها

• ويتطرق إلى تعزز الوجود العثماني في العراق في عهد السلطان سليمان القانوني الذي دخل بغداد على رأس جيشه سنة ١٥٣٤ ، وبعد ذلك قسم العثمانيون العراق حسب النظام الإداري الجديد على أربع أيالات هي بغداد والموصل والبصرة وشهرزور . وكانت حدود أيالة شهرزور هي ايالة بغداد من الجنوب والموصل وحكومة العمادية من الغرب وهكاري وأذربيجان من الشمال وبلاد فارس من الشرق … بمعنى أن كركوك وتوابعها كانت تقع في قلب الايالة ” شهرزور ” وتمثل جزءاً أساسياً منها … وكانت أيالة شهرزور تتألف من سناجق كركوك وأربيل وكويسنجق والسليمانية وراوندوز وحرير ، أما مركزها فكانت مدينة كركوك .

• ومن الفقرات المهمة في الكتاب أيضاً : سجل أهم مصدرين عثمانيين كلاسيكين هذه الحقائق المصدر الأول هو كتاب ” سياحتنامه ” للرحالة التركي الشهير أوليا جلبي ، هو محمد بن ظلي درويش . الذي زار المنطقة في القرن السابع عشر ، إذ يقول ” أن تسع ولايات في عهده كانت تؤلف كوردستان وهي ، أرضروم ووان وهكاري وديار بكر وجزيرة أبن عمر والعمادية والموصل وأردلان والموصل وشهرزور ” وكانت كركوك تدخل ضمنها ” وأردلان . وكانت أيالة شهرزور مقسمة في القرن السادس عشر على سنجقين وكان السنجق يقابل اللواء …. أما المصدر الثاني هو كتاب ” “جهان نامه ” لـ ” كاتب جلبي ” وهو مصطفى بن عبدالله خليفة ، ولد سنة ١٦٠٩ وتوفي ١٦٥٧ وهو جغرافي وبيبلوغرافي تركي معروف عاصر أوليا جلبي ، وحسب كتابه ” جهان نامه ” أرتفع عدد سناجق أيالة شهرزور منتصف القرن السابع عشر إلى ” ٣٢ ” سنجقاً أهمها قاطبة كان سنجق كركوك وهو سنجق أو مقر الباشا ، لذلك كان يطلق أسمه أحياناً على كل أيالة شهرزور ، فيسمى أيالة كركوك .

• بالأستناد على مصدر مهم آخر يذكر: وورد في دائرة المعارف الإسلامية أن ولاية شهرزور ضمت ” ٣٢ ” سنجقاً كانت كركوك واحدة منها ، وتحولت كركوك إلى المقر الرسمي لباشوات شهرزور ، وكان ولاة شهرزور وحكام كركوك الأوائل من الزعماء الكورد المعروفين في زمانهم ، وأن أول وال لايلة شهرزور في العهد العثماني كان الزعيم الأردلاني بيكه بك كما كان أول حاكم ” محافظ ” عين للسنجق هو مأمون بيك بن بيكه بك . .. ومن المهم ذكره هنا هو أن سلطة باشا بغداد في كل الأحوال كانت سلطة أسمية بالنسبة ” لأيالة شهرزور ” وقد ذكر الرحالة الإنكليزي جيمس ريموند ولستيد : ” لقد أتسعت سلطة الوالي اسمياً أثناء زيارتي فراحت تمتد من البصرة جنوباً إلى ماردين شمالاً ثم يضيف : غير أن الكثير من هذه الأراضي يحتله البدو الأكراد الذين كان أرتباطهم بسلطان الباشا أسمياً وليس حقيقاً .

• وحتى عندما طبق الوالي الجديد ” مدحت باشا ” الأسس الإدارية الجديدة ، قسم العراق إلى أيالتين هما بغداد والموصل ، فدخلت كوردستان برمتها ضمن أيالة الموصل التي أصبحت تتألف من ثلاثة الوية هي الموصل وكركوك والسليمانية وقد ضم لواء كركوك ، قضاء كركوك مع نواحي داقوق وآلتون كوبري وكيل وملحة وشوان فضلاً عن قضاء اربيل مع ناحيتي سلطانية ودزه يي ، وقضاء راوندوز مع نواحي حرير وقوش تبه وبالك وشيروان وقضاء رانية مع ناحية بيتواته وقضاء صلاحية ” كفري ” مع ناحية باليسان وشقلاوة ، بمعنى أن الجزء الأكبر من اقليم شهرزور التاريخي بقي مرتبطاً بكركوك بل استمرت المصادر تنعت مدينة كركوك بـ ” عاصمة شهرزور … وجاء في القرار الصادر في عهد مدحت باشا ” كركوك ويسمى لواء شهرزور ” وكل هذا يدل على الرابطة القوية بين كركوك وباقي المناطق الكوردية .

• وفي عام ١٨٩١ ظهر أسم أيالة شهرزور مع تحديدها على أساس أنها عبارة عن ” لواء كركوك بما فيها لواء اربيل وحتى في الكتب المدرسية العثمانية فقد ورد في كتاب الجغرافية من تأليف أحمد بك حمدي المنشور في ١٨٧١ والذي كان يدرس رسمياً في المدارس التركية، أن ألوية العراق كانت ” بغداد وسليمانية وشهرزور أي كركوك وفي ضمنه أربيل ، وديوانية والبصرة والمنتفك وكربلاء …. وحتى في السالنامات العثمانية … فبموجب سالنامة ١٩١١ كان سنجق كركوك يتألف من أربيل وراوندوز وكويسنجق ورانية وكفري وجميع توابع هذه البلدات … وحتى عند تاسيس الدولة العراقية الحديثة بقيت كركوك على التقسيم الإداري نفسه وأتخذ قرار برئاسة عبد الرحمن النقيب وحضور الحكومة المؤقتة بها الشأن ، كما وأقرت الحكومة العراقية الأمر نفسه بعد تتويج الامير فيصل ملكاً على العراق .

• ويستشهد مرة أخرى بدائرة المعارف الإسلامية عن، كريمر ” بأن السادة الحقييين للمنطقة أي كركوك وتوابعها ، كانوا من الزعماء الكورد في مقاطعة أردلان ، ويستند كريمر بقوله هذا من مصدر عثماني كلاسيكي أصيل هو ” جهان نامه ” للحاج خليفة ”

• وحسب لونكريك أن ” باشا كركوك العثماني ” كان يضطر أحياناً إلى أن ينسحب من كركوك ويترك أمورها لخان أحمد خان زعيم إمارة أردلان ” توفي سنة ١٦٣٦ ” ويعتبر هذا الإجراء بحد ذاته دليل على نفوذ الزعماء الكورد في المنطقة ، وضمن سياق الكلام عن الأردلانيين ، يذكر بأن هناك راياً علمياً يرجح أن يكون الأردلانيون من الكاكائيين بالأصل . وفي فترات أخرى كانت كركوك ضمن أمارة بابان .

• كما ويذكر لونكريك : ” كانت باشاوات الموصل وشهرزور ” وعاصمتها كركوك ” على طول هذه المدة مستقلتين عن باشا بغداد ، إلا عندما تصدر الأوامر السلطانية بالتعاون والتآزر .

• وفي بداية القرن الثامن عشر كان نفوذ إمارة بابان يمتد من كركوك إلى همدان .

• ونشر الرحالة الإنكليزي ” جيمس بيلي فريزر ” كتابه رحلات في كوردستان وبلاد ما بين النهرين ” على أثر سياحته فيهما سنة ١٨٣٤ حيث يذكر فيها بأن كركوك وأربيل كانت ضمن أملاك محمد كور باشا الراوندوزي ، إمارة سوران . ويؤكد هذه الحقيقة ايضاً الرحالة الميجرسون .

• ويذكر الدكتور عبد العزيز سليمان نوار وهو باحث عربي ” أمتد نفوذ إمارة بابان إلى كركوك التي كانت قاعدة أيالة شهرزور ، وكان يطلق على الحاكم الباباني أسم باشا كوردستان .

• كما ويقول المؤرخ والدبلوماسي العراقي الدكتور ” علاء موسى كاظم نورس ” وأخذت الأسرة البابانية تتوسع على حساب الإمارات المجاورة لها مثل السورانية والبهدينانية حتى أصبحت تسيطر على راوندوز وكفري وكويي وحرير وقزلجة وسروجك وقرداغ وأربيل وأمتد نفوذها إلى كركوك .

• وسجل الدكتور عماد عبد السلام رؤوف في كتابه ” الموصل في العهد العثماني ” عندما زحف والي بغداد بجيشه إلى كركوك وجد بأن جميع رؤساء المدينة وأطرافها وعشائرها يتعاونون سراً مع عبد الرحمن باشا الباباني .

• أما فيصل محمد الأرحيم ” رسالة ماجستير ” تطور العراق تحت حكم الإتحاديين ” فقد توسعت الإمارة البابانية كثيراً وأمتد نفوذها حتى شمل كركوك قاعدة أيالة شهرزور .

• كما جاء في دائرة المعارف البريطانية وصف كركوك بإعتبارها واحدة من أهم مراكز التسويق الرئيسية في كوردستان . وضمن المجال الإقتصادي، ويشير أيضاً إلى ” فقبل ظهور الإسلام بقرون أقتضت العلاقات بين كركوك وأربيل تأسيس جسر على الزاب الصغير عند موقع آلتون كوبري أو بالقرب منه أطلق عليه السكان المحليون أسم ” بردئ ” ليغدو بالتدريج أسماً مرادفاً للمنطقة بأسرها ، وكان الجسر موجوداً في القرن السادس عشر عندما مر السائح الأوربي ” لئون راولف ” فسجل أسم المنطقة بصيغته الكوردية ” برسته ـ بردئ ” .

• ويذكر المؤرخون والرحالة، حول الواقع الإقتصادي لكركوك وأهميته كسوق للمنتوج الزراعي والحيواني للريف الكوردي ، يذكر ” كلوديوس جيمس ريج ” سنة ١٨٢٠ في الليلة الماضية كنت منهمكاً جداً مع عمر أغا لمعرفة المنتوجات الطبيعية في كوردستان … أن كركوك هي السوق التي ينتقل إليها كل ما ينتج في هذا الجزء من كوردستان …. وأكد ريج أن الذين يقومون ينقل تلك المنتوجات هم مواطنو كركوك الذين يأتون إلى هنا لهذا الغرض ولعقد الصفقات مع الزراع لشراء ما ينتجونه من رز وعسل وغيرهما .

• ويتطرق الكتاب أيضاً إلى ” كركوك في كتب الرحالة ”

• إن الطبيب الإلماني الدكتور ليونارد راولف الذي زار كركوك في أواخر عام ١٥٧٤ ونشرت رحلته بالإنكليزية عام ١٦٩٣ قد حدد لنا في ذلك الوقت المبكر حدود المنطقة الكوردية التاريخية … ” بدأنا مسيرتنا من بغداد في اليوم السادس عشر من شهر كانون الأول سنة ١٥٧٤ متجهين نحو كركوك التي تبعد مسيرة ستة أيام ، وتقع في حدود ماذي ” ميديا ” وقد بدأنا السفر من الطرف الثاني لنهر دجلة وعلى مسافة قصيرة من داقوق شاهدنا قلعة محصنة فيها إحدى الحاميات التركية ، وهذه تقع في منطقة الأكراد التي تبدأ من هنا وتسير بأمتداد نهر دجلة بين ماذي ” مادي ـ ميديا ” وبين النهرين حتى تصل إلى أرمينيا .

• كما يذكر الرحالة الفرنسي تافريتيه ” وفي ذلك اليوم لم نر غير أعراب واكراد يسيرون بمحاذاة ضفتي النهر، الكرد في جهة ما بين النهرين والعرب في الجهة الآشورية .

• ملاحظة : في فصل التركمان في كركوك ، لا يذكر الكتاب مثلاً نزوح التركمان في عهدي نادر شاه وعباس الصفوي .

• وعند ذكره للتركمان في العراق وكوردستان يستند بذلك إلى عدة مصادر منها ، رأي المؤرخ التركماني العراقي ” شاكر صابر الضابط ” كما يتحدث عن عشيرة البيات التركمانية ومناطق سكناهم حوالي كركوك ، ويتطرق إلى: تأثر التركمان بدورهم بعرب المنطقة وكردها في أطر تأثر وتاثير غير قسري … كما يذكر بأن أمتن العلاقات بين الشعبين قامت بسبب كثرة الاختلاط ، ويخلص إلى القول ، لكن شرخاً ما بدأ يعتري العلاقات بحكم عوامل مصطنعة يتحمل الجميع وزرها بدرجات متفاوتة ويأتي البريطانيون في مقدمتهم من حيث التسلسل الزمني ، لكن وفي مكان آخر من الكتاب يرجع إحدى الاسباب إلى ذلك هو نتيجة إندلاع ثورة الشيخ سعيد بيران عام ١٩٢٥ وتأثيرها المباشر على سمعة الإتحاديين في اطار مشكلة ولاية الموصل .

• وفي فصل كركوك وتوابعها في ظل الأحتلال البريطاني … يشير إلى المذكرات السرية التي أصدرتها وزارة الخارجية البريطانية والتي تذكر بصريح العبارة مصطلح كوردستان وأطارها الجغرافي ، وورد نص صريح أيضاً يبين إن كوردستان العراق يمتد إلى الشرق من نهر دجلة وإلى ما وراء جبل حمرين .

• وفي نفس الفصل يذكر : ومن المهم أن نلاحظ أيضاً أن الشريف حسين ” والد الملك فيصل ” أشار صراحة في مراسلاته السرية مع البريطانيين في سنوات الحرب العالمية الاولى إلى أنه يقصد بالعراق ” ولايتي البصرة وبغداد ” التركيتين السابقتين ….. كما يشير ايضاً إلى بدء الإنكليز بالأتصال بكورد كركوك والسليمانية بعد أحتلال كفري ، وأخبرتهم بصورة رسمية أنها لا تنوي أن تفرض عليهم إدارة غريبة عن تقاليدهم ورغباتهم .

• كما وبدأت الإدارة الإنكليزية باصدار جريدة كوردية ” تيكه يشتني راستي ـ فهم الحقيقة ” أستهدفوا منها كسب الكورد إلى جانبهم وأبعادهم عن العثمانيين ، وزينت الجريدة في عددها الأول بشعار ” صحيفة سياسية إجتماعية تخدم إتحاد الكورد وحريتهم ” ، ولعبت تيكه يشتني راستي ، ووجهت نداءاتها إلى رؤساء الكورد في كركوك والسليمانية ، وحثت العشائر الكوردية في كركوك الطالباني والجاف والهموند وزه نكنه وشوان وشيخ بزيني وغيرها من أجل أنقاذ المنطقة الكوردية من براثن العثمانيون المتخلفين وتغنت بمآثر الهموند .

• وبعد إحتلال الإنكليز كفري في آيار ١٩١٨ قاموا بإحصاء تقديري لسكانها ولسكان دوز خورماتو وقره تبه حيث بلغ مجموع سكان المنطقة سبعين الفاً

• ” ٤٢٨٣ ” من التركمان موزعين على كفري ودوزخورماتو وقره تبه
• ” ٤٥٨ ” يهودياً
• ” ٢٧٦ ” إيرانياً
• ” ٣٧ ” عربياً موزعين على دوز وقره تيه
• ” ١ ” مسيحي واحد في كفري
• وأكثر من ” ٦٠ ” ستين ألف كوردي موزعين على كفري ودوز وقره تبه
• كما ورد في وثيقة أخرى إلى أن القرى العديدة في تلول قره تبه كوردية صرفة

• أحتل البريطانيون مدينة كركوك لاول مرة يوم السابع من آيار سنة ١٩١٨ ، وبعد الإحتلال مباشرة طار إلى كركوك وكيل الحاكم المدني أرنولد ولسون ، ويقول نلسون بصدد ذلك : ” أن نعالج المشاكل الناجمة ، وأن نجند عطف العشائر الكوردية وحسن نيتها .. كما وأتخذ البريطانيون سلسلة من الإجراءات من أجل تنظيم شؤون المدينة الإدارية ، فتم تعيين ” بولارد ” حاكماً سياسياً للمدينة وتوابعها … وكان أهم إجراء أتخذه الأتصال بوجهاء الكورد والتركمان وتأليف ما عرف بـ ” محمكة السلم ” وعين على رأسها ” أحمد حمدي أفندي ” وهو من الشخصيات الكوردية المعروفة في المدينة ، كان قاضياً في العهد العثماني … وهنا يقول الدكتور مؤلف الكتاب في هذا الصدد ، هكذا أعاد التاريخ نفسه على أرض الواقع ، تماماً كما حدث عند أحتلال العثمانيين لكركوك لأول مرة قبل ذلك التاريخ بحوالي أربعة قرون ، ويقصد بأن الترك العثمانيون أسندوا حكم المدينة إلى الكورد … ” وأنا اضيف ايضاً، بأن الصفويون عند أحتلالهم للمدينة ، أسندوا أيضاً حكم المدينة للكورد الكلهر ” . ويتطرق الكتاب ايضاً إلى أنسحاب الإنكليز من كركوك في ٢٤ | آيار | ١٩١٨ وعودة العثمانيون في الحال . ثم أعاد إحتلال المدينة في ٢٦ | تشرين الاول ١٩١٨ ، وتم تعيين الكابتن ” فيما بعد الميجر ” نوئيل حاكماً سياسياً على كركوك وتوابعها … ويقول ولسن في تعليق له على تعيين نوئيل ” وكانت تعليماتي التي وجهتها إليه ما يلي : عينت حاكماً سياسياً لمنطقة كركوك إعتباراً من أول تشرين الثاني ١٩١٨ ، وهذه المنطقة تمتد من الزاب الصغير إلى ديالى ، وفي الشمال الشرقي إلى الحدود التركية الإيرانية .” وهذا يعني بالتحديد إعتبار كركوك والسليمانية وقسم كبير من اربيل وجميع توابعها وحدة إدارية واحدة.

• وعندما خلف الكابتن لونكريك ، نوئيل وكيلاً للحاكم السياسي في كركوك ، باشر بتأسيس مجلس إدارة ” مساعدة الحاكم السياسي البريطاني هناك ” تألف المجلس من اثنتي عشر عضواً .
• عضو مسيحي
• عضو يهودي
• عضو عربي
• ثلاثة أعضاء تركمان
• ستة أعضاء من الكورد
• ويذكر أسماء كل واحد من هؤلاء ومحل إقامتة ومهنته وهويته الشخصية .


• بقيت كركوك تؤلف مركز الإدارة الرئيس لمعظم مناطق كوردستان الجنوبية طوال سنوات الحرب بل لم يجر فصل كركوك عن جنوب كوردستان في المراسلات والوثائق البريطانية …. وأبلغ وزير الدولة البريطاني موافقة حكومته إلى أرنولد بالصيغة التالية :

• ” نخولكم المباشرة بأنشاء خمسة ألوية في العراق بحدوده المعلومة .. كذلك أنشاء لواء عربي في الموصل يحده شريط من دولة كوردية ذات حكم ذاتي . والألوية الخمسة هي : البصرة وبغداد والفرات والموصل وكوردستان بما فيها كركوك .

• كما وقسم البريطانيون العراق على ست عشرة وحدة إدارية وتسمى الواحدة منها منطقة . وهي : بغداد البصرة والقرنة والعمارة والناصرية والكوت والسماوة والحلة ” بضمنها كربلاء ” وبعقوبة وسامراء والدليم والشامية ” بضمنها النجف ” ودير الزور والموصل وخانقين وأخيراً كركوك ، وهذا يعني أن جميع المناطق الكوردية الممتدة إلى الشرق والجنوب من خانقين وإلى الشرق من الموصل أي أكثر من ثلاثة أخماس كوردستان الجنوبية كانت ترتبط بكركوك أدراياً بما فيه السليمانية وأربيل وكفري وكويسنجق وآلتون كوبري وداقوق ودوز وغيرها .

• وبعد التغييرات الإدارية فصلت بداية أربيل ورواندوز ، ومن ثم فصلت كويسنجق عن كركوك وتم تأليف شبه لواء جديد مركزه أربيل ويديره نائب متصرف بقي مرتبطاً بكركوك أدارياً لغاية نيسان ١٩٢٣ فيما بقيت السليمانية وتوابعها وبواقع ” ٦٥٠٠ ـ ٧٠٠٠ ” ميل مربع ضمن كركوك.

• كركوك وتوابعها في بداية عهد الأنتداب :

• تقرر منح بريطانيا الأنتداب على العراق وولاية الموصل في مؤتمر سان ريمو لدول الحلفاء ” ١٩ ـ ٢٦ نيسان ١٩٢٠ “.

• وحول أرتباط كركوك وكوردستان بالعراق ، يذكر بانه حتى عندما تم تأليف الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الرحمن النقيب في ٢٥ | تشرين الأول | ١٩٢٠ إلى ٢٣ | ٨ | ١٩٢١ لم ترتبط كركوك وتوابعها وباقي المناطق الكوردية بالحكومة العراقية المؤقتة إدارياً وذلك حسب معاهدة سيفر ، وبقيت هكذا حتى بعد تتويج فيصل ملكاً على العراق .

• ويشرح لنا الدكتور كمال مظهر بإسهاب ما دار في مؤتمر القاهرة الذي حدد فيه مصير العراق وكردستان، ننقل هنا وبشكل موجز بعض ما جاء في الكتاب حول المؤتمر … عقد مؤتمر القاهرة من ١٢ |آذار | ١٩٢١ إلى ٢٤ | آذار | ١٩٢١ في القاهرة والجلسة الثانية في القدس وأستمرت لغاية الثلاثين منه … وجرى الإتفاق في المؤتمر, التعامل مع كوردستان على ضوء مؤتمر سيفر وقال الميجر يونك وكذلك الميجر نوئيل ، أن يمنح الكورد حكومة لإدارة أنفسهم وحتى لوارنس الذي كان متعاطفاً بشدة مع العرب ، كان رده على سؤال وجهه أليه جرجل حول الموضوع يتطابق مع الآخرين ، وقال : ” أن من رايه يجب أن لا يودع الكورد تحت أشراف حكومة عربية” … وكان رأي جرجل ايضاً هو تأليف حكومة كوردية …. وعندما سئل جرجل الميجر نوئيل عن الحدود الفاصلة بين المناطق العربية والكوردية . أجاب : أنها تمر بمحاذاة سلسلة جبال حمرين . أما بالنسبة للنظام الكوردي المقترح أكدت المس بل ، ضرورة فصل مدينة الموصل وحدها عن المنطقة الكوردية .

• ويشير مؤلف الكتاب ، إلى أنه من الملفت للنظر هو كتمان الكثير من الحقائق أو شوهت جوانب منها عن جهل أو عن قصد من قبل المؤرخين العراقيين وغيرهم ، ويشير إلى المؤرخ العراقي المعروف عبد الرزاق الحسيني حول ذلك . حيث أكد المؤتمرون في القاهرة على أحترام المشاعر الكوردية وتشكيل ليفي كوردي وعدم وقوع الكورد تحت الحكم العربي المباشر . بينما نجد الحسيني يذكر : ” كان رأي أعضاء المؤتمر على القيام بمحاولة للتوثق من مدى رغبة الكورد الأندماج في المملكة العراقية أو الأنفصال عنها , الجزء الأول صفحة ٥٤ ـ ٥٥ “.

• وكذلك يذكر: لم ينفذ من توصيات مؤتمر القاهرة شئ يذكر بالنسبة لكوردستان ، وذلك بسبب عدة عوامل ، وياتي في مقدمتها موقف الحركة القومية الكوردية من الوجود البريطاني ، وكذلك العامل الذاتي المتمثل بعدم أتفاق الكورد، ومن العوامل الأخرى التي أدت إلى عدم تطبيق توصيات مؤتمر القاهرة هو أن بيرسي كوكس نفسه لم يكن لديه موقف ودي أتجاه القضية الكوردية في العراق عموماً .. ومن ثم الخطر البلشفي القادم ، وكذلك أنتصار الحركة الكمالية في تركيا في وقت أقامت الحركة الكوردية العراقية علاقات مباشرة مع الكماليين ، بينما كان جرجل يحبذ إقامة حاجز كوردي بين العرب والترك .

• ففي الإجتماع الذي عقده كوكس مع فيصل في أواخر تشرين الأول سنة ١٩٢١ للتداول في أبعاد القضية الكوردية وأفرازاتها المتوقعة وحضره الميجر يونك ، وكورنواليس مستشار وزير الداخلية جرى تحديد لا لبس فيه لما يقصد بكوردستان العراق بوصفها المنطقة التي تمتد ” إلى الشمال من تلول حمرين ” التي تفصل بين السكان العرب وغير العرب .

• في حين كان البريطانيون يشجعون الملك فيصل على الأهتمام بالشعب الكوردي وتشكيل حكومة كوردية ، كانوا في ذات الوقت يحاولون جاهدين أبعاد كركوك عن الحركة القومية الكوردية لا سيما ثورة الشيخ محمود الحفيد.

• ويقول: تبين جميع الوثائق البريطانية المبكرة المعنية بالموضوع أنه كان من المقرر أن تدخل كركوك وتوابعها ضمن ” حكمدارية كوردستان الحنوبية ”

• لكن السياسة البريطانية للاسباب المذكورة بدأت تتغير أتجاه القضية الكوردية وكركوك . وكانت إحدى أسباب الخلاف الرئيسية بين الشيخ محمود والبريطانيين هو موضوع كركوك وكفري ، وعندما أعلن الشيخ محمود نفسه ملكاً على كوردستان الجنوبية كانت كركوك وتوابعها تقع ضمن التنظيم الإداري الجديد الذي خطط البريطانيون لإقامته حسب اتفاق بين الشيخ والبريطانيون.

ويشير أيضاً أستناداً على الوثائق والصحف الصادرة آنذاك والمؤرخين أن جوهر مشكلة ولاية الموصل هو الواقع الكوردي والكوردستاني لكركوك وتوابعها ” مع العلم أن الكورد كانوا الطرف الوحيد الذي لم يكن له نصير في ذلك النزاع المصيري ، ولم يتبّن أي من الأطراف قضيتهم ” وواحدة من النقاط الجوهرية بالنسبة لموضوع ولاية الموصل هو أن البريطانيين لم يعيروا رغبات الكورد وطموحاتهم القومية أهمية ، وقد أخبر ” أي البريطانيون ” لجنة التحقيق مقدماً بان الأكثرية الساحقة من الكورد ” ساذجة لا تستطيع التعبير عن آرائها ” مع العلم أن أدمونس الذي رافق اللجنة إلى السليمانية ، يؤكد أن أعضاؤها أنذهلو حين سماعهم أجوبة من استجوبوهم هناك على الاسئلة التي وجهت إليهم ” أقتصادية كانت أم سياسية ” كما لاحظ الشئ نفسه في كفري ، ومن أجل توضيح الموضوع أكثر نحيل القارئ إلى المحاورة العميقة التي جرت بين الملا محمد كويي ” الملا الكبير ” وبين أعضاء اللجنة في أربيل ، التي دفعت رئيس اللجنة إلى القول :

” إن هذا الإنسان يليق بأن يكون عضواً في محكمة العدل بـ لاهاي وأن لم يكن حائزاً على أي شهادة رسمية جامعية ” … كما وحاول البريطانيون وعملوا ما في وسعهم من أجل أن يحولو دون أتصال أعضاء اللجنة بالممثلين الحقيين للكورد ، وفي المقدمة منهم الشيخ محمود .

نكون بهذا قد سلطنا حزمة من الضوء على بعض ما جاء في هذا الكتاب … أنه كتاب جدير بالقراءة والتأمل، وذو فائدة جمة ومادة مهمة لكل باحث ودارس في الشأن العراقي والكوردي وكركوك، وفيه أيضاً فصولاً مهمة عن تاريخ مجئ العشائر العربية للمنطقة، وعبور قبائل شمر نهر دجلة والضغط على عشائر عبيد العربية بعبور جبال حمرين وغيرها من المعلومات التاريخية القيمة .

تجدر الإشارة إلى أن الكتاب بصفائحه الـ ٢٣٣ حمل ٥٥٤ هامش فيه أكثر من مائتي وخمسون مصدر متنوع … وكما سننشر في وقت لاحق في فصلين منفصلين نص ما ذكر في الكتاب حول بدايات التواجد العربي والتركماني في كركوك.