كاتب وسياسي كوردي
لقد سبق لي ان كتبت مقالا بعنوان (الكورد الأيزديون واستمرار سياسة التعريب) الذي نشر في جريدة التآخي الغراء لسان حال الحزب الديمقراطي الكوردستاني التي تصدر في بغداد باللغة العربية ضمن العدد (4669) بتاريخ2006/1/18 ، تطرقت فيه وبشكل مسهب عن الحملات الظالمة التي تعرض لها الكورد الأيزديون في العهود الأموية والعباسية والأمبراطورية العثمانية والتي وصلت الى اثنتين وسبعين حملة كانت معظمها تهدف الى الابادة الجماعية. بغية اجبارهم لتغيير ديانتهم ومعتقداتهم وثقافتهم ولغتهم الكوردية بالقوة والاكراه. الا انهم كانوا يتصدون لتلك الحملات اللاانسانية بكل ما لديهم من الامكانيات والتضحيات والبطولات حفاظا على وجودهم وديانتهم وقوميتهم الكوردية باعتبارهم من أهم الشرائح الكوردية اصالة وبقى دمهم الكوردي الآري نقيا..الا ان ما تعرض له الايزديون في عهد حكم حزب البعث في العراق من اشد الحملات ظلما وتعسفا وعدوانا وتعتبر الحملة رقم (73) لان الحملات السابقة التي تعرضوا لها كانت تستهدف اجبارهم على تغيير ديانتهم ومعتقداتهم وطقوسهم. اما حملة البعث فكانت تستهدف تعريبهم وتخليهم عن قوميتهم الكوردية اولا، ثم تخليهم عن ديانتهم مع مرور الزمن.. وعندما قرر حكم البعث بعد انتكاسة ثورة ايلول الكوردستانية على اثر اتفاقية الجزائر في اذار 1975 بين النظامين البعثي العراقي والشاهنشاهي الايراني. تم وضع الايزديين الكورد امام خيارين شوفينيين عنصريين كلاهما شر ومر فاما تغيير هويتهم القومية الكوردية الى العربية، واما ترحيلهم قسرا عن موطنهم وارض ابائهم وقبور اجدادهم الى الصحارى في بوادي الموصل والرمادي وتكريت وغيرها. وهذا يعني بانهم سوف يفقدون الارض والوطن والانصهار في بوتقة العروبة وتتعرض ديانتهم الى الخطر والانصهار.. فتم اختيار اهون الشرين واخف الجرمين، وتم تغيير هوياتهم في دوائر الاحوال المدنية الى القومية العربية وتم الاشارة اليهم (مستعرب) الا ان تغيير الهوية الى مستعرب لم تشفع لهم وبقى نظام البعث ينظر الى الايزديين نظرة الشك والريبة والنظام يدرك بأنهم كورد قلبا وقالبا وتغيير القومية في هوية الاحوال المدنية لايغير ما في قلوبهم وأنفسهم وهذا ما حدث في يوم سقوط نظام البعث في التاسع من نيسان 2003. حيث احرق الايزديون الكورد هوياتهم المستعربة وعادوا الى هوياتهم القومية الكوردية الاصيلة.
ان ما تمتع به الكورد الايزديون من الحقوق في ظل كوردستان المحررة لم يتمتعوا بها في تاريخهم ولا اراني بحاجة الى تعدد تلك الحقوق في هذا المقال. حيث سبق وان تطرقت اليها في مقالي السابق (الكورد الأيزديون واستمرار سياسة التعريب) المشار اليه كما تم التطرق اليها من قبل الايزديين انفسهم لاسيما في مجلة (لالش) التي تصدر من قبل مركز لالش الثقافي والاجتماعي للكورد الايزديين كما يشير اليها ويشيد بها امير الايزديين (تحسين بك) والعديد من القادة الروحانيين والمثقفين الايزديين وغيرهم في كل مناسبة.
ان القيادة الكوردستانية لم ولن تألو جهدا في دعم الاخوة الكورد الايزديين في الماضي والحاضر لاسيما زعيم الامة الكوردية مصطفى البارزاني الخالد كان يصرح في كل مناسبة بان الكورد الايزديين يعانون اضطهادا وظلما مزدوجا. فتارة باسم الدين وتارة باسم القومية كونهم كورد اصلاء، ويجب تعويضهم عما اصابهم من المظالم عندما تتحرر كوردستان..
ان الزعامة الروحية والاجتماعية للكورد الايزديين والمتمثلة بالامير (تحسين بك وبابا شيخ والاخرين) ورؤساء العشائر والمثقفين الكورد الايزديين يدركون تماما بانهم كورد اصلاء ويمارسون شعائرهم وطقوسهم الدينية باللغة الكوردية وكتبهم المقدسة (مصحف ره ش والجلوة) تتضمن كلمة كوردستان اكثر من مرة ولا مصلحة لهم في الابتعاد عن كورديتهم وموطنهم كوردستان ولا يتأثرون بادعاءات نفر ضال من الايزديين المرتزقة من بقايا البعثيين وعملاء الجهات المعادية للقومية الكوردية في العهود التي حكمت العراق منذ عام 1921 والى يومنا هذا، بان الايزديين (ليسوا كوردا). مزورين الحقائق والتاريخ واخيرا كما ورد في ادعاءات الكاتب العراقي الدكتور سيار الجميل..
كان المناضل مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني ورئيس اقليم كوردستان العراق صريحا كعادته عند استقباله الامير تحسين بك وبابا شيخ وعدد من رجال الدين ورؤساء العشائر ووجهاء الكورد الايزديين بتاريخ2007/2/23 بعد الحادث الفردي المؤسف الذي وقع في مركز قضاء شيخان في منتصف شباط الماضي. حيث حاول بعض الجهلاء والمندسين والغوغائيين استغلاله للايقاع بين الكورد المسلمين والايزديين. الا ان وعي الايزديين وعلى رأسهم الامير تحسين بك الذي كان له دور قومي مشرف لتطويق الحادث كما اشار اليه السيد رئيس اقليم كوردستان، فوت الفرصة على هؤلاء لأثارة فتنة عمياء. كما ان الاجراءات السريعة لقوات بيشمركه كوردستان ادت الى اخماد نار الفتنة وتوقيف المحرضين واحالتهم الى القضاء لمحاسبتهم قانونا.
اعود الى تصريحات رئيس اقليم كوردستان، عندما قال بالحرف الواحد (ان القيادة الكوردستانية لن تسمح بدخول ثقافة غريبة الى كوردستان، لأننا نؤمن بالحرية الدينية والرأي الآخر وان من يقف في وجه هذا الاتجاه لن يقبل منه ويحاسب محاسبة شديدة، وفي محور آخر من كلمته ذكر السيد رئيس اقليم كوردستان بان الكورد والايزديين جزء من الشعب الكوردي وهم كورد اصلاء ونحن لن نخلق لهم الانتماء القومي قسرا والايزديون احرار في تحديد ذلك الانتماء. وكذلك فيما يتعلق بالكورد الشبك ايضا). نعم لقد قالها الرئيس البارزاني بصريح العبارة، ان الايزديين احرار في تحديد هويتم القومية ولا احد يفرض عليهم انتماء قوميا غير حقيقي بعيدا عن انتمائهم التاريخي. وان المسألة بالنسبة الى القيادة الكوردستانية مسألة قومية لاغير وشعب كوردستان ليس بحاجة الى زيادة تعداد نفوسه من خلال (تكريد الايزديين والشبك) كما يعتقد البعض.. وان الايزديين هم بحاجة الى كوردستان قبل حاجة كوردستان اليهم. ويجب عليهم الدفاع عن كورديتهم قبل دفاع الآخرين عنهم. طالما ان مصيرهم مرتبط بكوردستان ارتباطا اقتصاديا وجغرافيا كما هو معلوم لديهم ولا مستقبل لهم بعيدا عن قوميتهم الكوردية ووطنهم كوردستان. وكذلك الامر بالنسبة الى الاخوة الشبك فهم ايضا كورد اصلاء وجزء من شعب كوردستان وقد عانوا كثيرا من الظلم والاضطهاد والحرمان. كاخوانهم الكورد الاخرين. وشعب كوردستان خليط من المذاهب والمعتقدات الدينية ومبدأ التسامح سائد في كوردستان منذ الازل والقيادة التاريخية لشعب كوردستان تدافع عن هؤلاء دوما.
لقد ارتكب البعض من الاخوة الكورد الشبك خطأ كبيرا عندما ابتعدوا عن انتمائهم القومي الكوردي في الانتخابات البرلمانية الماضية والتاثر بالمذهبية كونهم من الشيعة.
الا ان هذا الامر لم يشفع لهم بابتعادهم عن كورديتهم وكان الثمن غاليا فيما بعد وقد ندموا على ما فعلوا وتوجهوا اخيرا بمظاهرة نحو برلمان كوردستان وحكومة اقليم كوردستان مطالبين الحماية والامن والامان وربط مناطقهم بالاقليم.. سوف تستمر القيادة الكوردستانية المناضلة في الدفاع عن مواطني كوردستان على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم الدينية وافكارهم السياسية والاجتماعية ولن تجبر احدا للتخلي عن آرائه وافكاره والانتماء الى القومية الكوردية بالقوة والاكراه. وفي الوقت ذاته لن يسمح لاحد ان ينشر ثقافة ومبادئ بعيدة عن تاريخ وحضارة وثقافة وتقاليد وعادات شعب كوردستان لمصلحة اعداء الكورد وكوردستان، مستغلين اجواء الحرية والديمقراطية السائدة في ربوع كوردستان. نحن على ثقة اكيدة ان الاخوة الكورد والايزديين والشبك يدركون هذه الحقيقة ويدافعون عنها وسيؤكدون على كورديتهم في الاستفتاء القادم في سنجار (شنكال) وغيرها, لأن في ذلك مصلحتهم ومصلحة اجيالهم القادمة وستبقى كوردستان قبلتهم ومأوى امنا لهم، يتوجهون اليها كما كان في الماضي وفي الحاضر ايضا.
الدين لله وكوردستان للكوردستانيين جميعا
التآخي