الرئيسية » شخصيات كوردية » الزعيم الكردي الخالد ـ مصطفى البرزاني ـ في عيون الصحفيون ألأجانب

الزعيم الكردي الخالد ـ مصطفى البرزاني ـ في عيون الصحفيون ألأجانب

قيل : الكواكب المضيئة لاتُنسى !! ، بالتأكيد لايمكن أن تنسى تلك الكواكب التي أنارت الطريق لعقود من الزمن …. ، ولكل شعب كوكبه ، يعتز بها الى يوم يبعثون ، وألأمثلة كثيرة :
ــ الشعب الهندي لايمكنه أن ينسى القائد الخالد ـ غاندي ـ الذي أصبح أسطورة ويضرب يه المثل في كافة أنحاء المعمورة ، أنه رمز ألأنسان البسيط ، الكادح ، المظلوم ، وبالتالي أنه مثل التحدي بجدارة وكان له مثلما خطط ومثلما أراد وأخيراٌ أنتصر ووصل بشعبه الى بر ألأمان !!! …….. لا يستحق التقديس ؟؟؟.
ــ هوشي منه .. وهل يخفى القمر ؟؟؟ ، ألأسطورة الذي هٌزم أكبر جبروت وقوة في العالم ، لقد فتك بهم وجعلهم درس لاينسى ، أنه الأب الروحي للشعب الفيتنامي البطل الذي خاض أقدس المعارك من أجل أرضه وعرضه وكرامته ، أعطى آلآلآف من الشهداء وعدد أكبر من المعوقين والمفقودين وألأسرى ، أستطاعوا بأسلحتهم التقليدية من تحدى أكبر قوة وبالتالي الحاق الهزيمة بهم ، كل الفخر للقائد الخالد ـ هوشي منه ـ ذلك الفلاح البسيط الذي كان بسيطاٌ في كل شىء وفي كل زمان ومكان …!!! الايستحق كل الثناء والحب؟؟.
ــ نيلسون مانديلا …رمز التحدي ومحب الحرية حتى حينما كان وراء القضبان ، ناضل وهو في أشد حالات المرض وفي زنزانته المنفردة ، لقد ناضل وكافح حتى أعاد لشعبه حريته وكرامته ، وهاهم شعبه قد بنوا لأنفسهم نهجاٌ ديمقراطياٌ يحتدى بهم في أنحاء العالم !!! …. الايستحق أن يدعوه بالأب الروحي لكل الشعوب المضطهدة ؟؟؟.
ــ عمر المختار… ذلك البطل الشجاع ، التقي ، المؤمن الذي حارب ألأستعمار ألأيطالي حتى أخر نفس في حياته ، أستطاع بصبره وشجاعته وبسبب حبه لوطنه وكرامة شعبه أن يحقق أنجازات لاتنسى والحق بالعدو خسائر لاتعد ولاتحصى … أنه فعلاٌ شيخ المجاهدين ولكل الشعوب المحبة للحرية !!.
ــ الزعيم الخالد / عبد الكريم قاسم ، نصير الفقراء والمظلومين ، محب الحياة الجديدة لأبناء شعبه ، ذلك البطل الخالد الذي أحب شعبه وأحبوه ، ونذر حياته من أجل المضي قدماٌ حتى الرمق ألأخير !!، ولكن ألأوغاد لم يمهلوه لتكملة المشوار ، بالرغم من قصر مدة حكمه الا أنه دخل التأريخ من أوسع ألأبواب ونقش أسمه بحروف من النور الى يوم يبعثون!!!.
ــ الثائر العظيم / جيفارا ، ذلك البطل ألأرجنتيني الذي نسى هويته وأصبح يدافع عن المظلومين والمضطهدين في أنحاء العالم ، أنه رمز الشباب الثوري المقارع للأستعمار والعبودية ، سيظل خالداٌ طالما هنالك ظلم وأضطهاد ودكتاتورية وشعوب مسحوقة !!.
الزعيم الكردي الخالد / مصطفى البرزاني 1904 ــ 1979 :
كتب عن الزعيم الخالد ـ البرزاني ـ العشرات من الكٌتاب والصحفيون والمحللون السياسيون والقادة ورجال الفكر ، ولكن أكثرهم أعجاباٌ بذلك الرجل ألأسطورة ، هو ( كاتب وصحفي أمريكي ) الذي زار كردستان وفي أحلك الظروف ، ولأكثر من مرة كاد أن يلقي حذفه ، وكاد أن يقع أسيراٌ بيد قوات النظام السابق ، طُرد من قبل جنود وقوات الدرك لدول الجوار ولكنه أفلح من أقناعهم ( بشتى الوسائل ) والدخول الى ألأراضي الكردية المحررة وتغطية أخبار المعارك وأنتصارات أبناء شعبنا ونقلها الى الصحافة العالمية بكل أمان، تنقل من جبل الى جبل ومن كهف الى كهف ، شارك البيشمركة في طعامهم البسيط وفراشهم ألأبسط ، تعب وتحمل الكثير الكثير من الجوع وألأرهاق والقلق وألأنتظار والمطاردة والمجازفة والمخاطرة والتحدي وألأصرار والترقب والصبر … بكل بساطة أنه الكاتب والصحفي الشجاع { جوناثان راندل } ، الذي كتب وملأ آلآف ألأوراق وسجل المئات من ألأمتار على ألأشرطة ونقلها الى العواصم العالمية وجميعها تخص الشعب الكردي في أفراحه وأتراحه … أنه يستحق كل التقدير وألأحترام .. أنه من أوفى أصدقاء شعبنا الكردي .
كتب ـ راندل ـ في كتابه الذي الفه بعد حرب الخليج ، وهو سلسلة صدرت بالتعاون مع مؤسسة / ألأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود ، وقد تضمن الكثير عن الكرد وقضيتهم وقادتهم وثوراتهم وأنتفاضاتهم وأحلامهم وأنتصاراتهم ونكساتهم وتشردهم وصراعاتهم الداخلية ,استعمال مختلف ألأسلحة ضدهم …….الخ .
في الفصل الرابع : ( الكيمياء الجديدة … أو كيف يصبح الذهب حديداٌ؟؟ ) كتب يقول :
منذ مطلع التاسع عشر ، بذل الكرد جهوداٌ كبيرة لمقاومة الحكم العثماني المباشر وتوحيد بعض أجزاء كردستان . وتسبب العثمانيون أنفسهم في أندلاع معظم هذه الثورات، فأصرارهم على وقف أنحدارهم المستمر منذ فشلهم في ألأستيلاء على ـ فيينا ـ في العام / 1683 ، وأثر نجاح الثورات البلقانية ،دفع العثمانيون الى تعزيز سلطتهم المركزية خوفاٌ من أستيلاء الروس على ممتلكاتهم ، وقام العثمانيون بأخضاع ألأمارات والسناجق ذات الحكم الذاتي والمنتشرة في مختلف أنحاء ممتلكاتهم الكردية.
في تلك المناطق ، هدفت ( التنظيمات العثمانية ) الى أنهاء ثلاثة قرون من الحكم الذاتي الموروث من أيام أنتصار سليم العثماني على الشاه أسماعيل الفارسي في معركة ( جالديران ) في 22 آب 1514 ، وكان الباب العالي قد نجح في تجنيد معظم القبائل الكردية للأشتراك الى جانب القوات العثمانية في تلك المعركة التي دارت شمال بحيرة ( فان ) في شرق تركيا . وظل الوضع على حاله حتى العام / 1639 ، عندما رسمت ألأمبراطوريتان العثمانية والفارسية حدودهما وتقاسمتا كردستان . ومازالت هذه الحدود على حالها بأستثناء بعض التعديلات الطفيفة ، وورثتها الدول الناشئة عن زوال هاتين ألأمبراطوريتين ، وهي ( العراق وأيران وتركيا ) ، وكافأ العثمانيون الكرد على ولائهم ، فأقاموا ( 16 ) أمارة كردية تتمتع بحكم ذاتي واسع النطاق ، وفي المقابل كان على هذه الدويلات تقديم الجنود عند الضرورة ، وجباية الضرائب وتوفير الحد ألأدنى من القانون وآلآمن على الحدود الشرقية للأمبراطورية العثمانية.
أثناء تفكك ألأمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر ، والتي أستغرقت أربعين سنة ، قام العثمانيون بأخضاع معظم أنحاءكردستان بواسطة الحملات التأديبية التي نجحت في تركيع ألأمارات الكردية الساعية الى المحافظة على أمتيازاتها.
عانى الشعب الكردي الكثير الكثير من المتاعب والظلم والمطاردة ، لذلك كان لابد من أن يبرز من بين صفوفهم قائداٌ ويقودهم الى بر ألأمان ، يحبهم ويحبوه ويسيروا خلفه من دون تردد ومن دون التفكير حتى بالنتائج والمصاعب والمخاطر … نعم لقد برز الخالد ( مصطفى البرزاني ) وقاد شعبه وتحمل مسؤليتهم وكان جديراٌ بتلك المهمة .
ولد ( ملا مصطفى ) في العام / 1904 ، وتأثر في طفولته بالدور الذي تلعبه عائلته على الصعيدين الزمني والروحي. فقد جمع أجداده مابين موقعهم ألأجتماعي كأغوات وملاكي ألأرض ، وموقعهم الروحي كرجال دين ، وهاتان الصفتان ، تمثلان مصدر السلطة في معظم ألأرياف الكردية في العراق ، وعندما توفي البرزاني في منفاه ألأمريكي في العام / 1979 كان قد أختبر قوة الحركة الكردية وحدود أمكاناتها في الكفاح من أجل البقاء في محيط قاس لايعرف الرحمة ، وتهيمن عليه حكومات لاتتورع أبداٌ عن سفك الدماء!! .
وأثناء طفولته ، كان البرزانيون أشد المقاتلين شراسة وأكثرهم صلابة وقوة على ألأطلاق ، وقد أشتهرت هذه العشيرة الصغيرة والمؤلفة من 750 عائلة تعيش في المناطق الجبلية النائية والوعرة في شمال ، مابات يعرف بأسم العراق! بالصراعات التي خاضتها مع قوى أكبر منها، وأيام السلطنة العثمانية وقبل وقت طويل من ثورتهم ضد البريطانيين والعراق ( أشتهر أبناء هذه العشيرة بكفائتهم القتالية ) ، وأشتهر زعمائهم بنفوذهم الواسع بسبب موقعهم القيادي على الصعيد الديني ضمن مشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية .
في تلك ألأيام ، كان البرزانيون أقرب الى عهد البداوة ، وكانت مدينة برزان الصغيرة الواقعة في ولاية بادينان قرب سلسلة جبال هكاري التي تشكل اليوم حدود العراق مع تركيا ، أحدى أكثر المناطق تمرداٌ على السلطنة العثمانية .
لقد شنق العثمانيون جد ( ملامصطفى ) ، ووالده وأحد أشقائه بسبب تمردهم على السلطنة ، وكان يفاخر بأنه رضع من والدته وهو في السجن ، وفي الواقع فقد كان في شهره التاسع عندما أدخل مع والدته وسائر أفراد العائلة الى السجن في مدينة الموصل !! .
نشأ ملا مصطفى ،( وكلمة ملا ) هي جزء من أسمه ، وليست أشارى الى أنه ( رجل دين ) ، في كتف أخيه الشيخ / أحمد الذي كان رجل دين فعلاٌ ، وتأثر به الى حد بعيد ، وفي اواسط القرن التاسع عشر لعب جدهما دوراٌ مهماٌ في زعامة الطريقة النقشبندية الصوفية ، فملأ الفراغ الناشىء عن زوال السلطة الزمنية بعدما سحق العثمانيون ألأمارات الكردية ، وأعطى عشيرة البرزاني دوراٌ رئيسياٌ في كردستان العراق ، وكان الشيخ أحمد أكبر من ملا مصطفى بثلاث عشرة سنة ، وزعيماٌ دينياٌ يحظى بأحترام كبير.
كان البرزاني رجلاٌ قصيراٌ ذا ملامح قاسية ويتمتع بقوة جسدية عظيمة وبقدرة كبيرة على ألأحتمال ، يبدو أصغر مما هوعليه فعلاٌ ، وكان لديه حاجبان كثيفان وعينان سوداوين ، ونظرات ثاقبة تفرض هيبته على ألأخرين بسهولة ، وكانت شخصيته قوية الى درجة أن الكرد يزعمون أنهم كانوا يشعرون بتأثيره عليهم من بعيد .
أمتلك البرزاني سرعة البديهة والقدرة على أصدار ألأحكام وألأراء ، أستناداٌ الى غرائزه ، بالأضافة الى اللغة الكردية ، أجاد البرزاني العربية والفارسية والروسية ، وكان يطعٌم خطبه بقصص كردية وفارسية ، بعض شخصياتها من الحيوانات ، وكان يتابع مايجري في العالم من أحداث ، ويستمع الى نشرات أخبار ألأذاعات العربية الى تبٌث على الموجات القصيرة بواسطة جهاز راديو ( براون ) الماني الصنع ، ويعتبره من أثمن مقتنياته .
كان يرفض المديح والتملٌق ، يشكك في من يستعمل هذا ألأسلوب ، كما كان قادراٌ على تمييز الكذب والخداع ، وعلى غرار العديد من زعماء العالم الثالث في تلك ألأيام ، لم يكن البرزاني يقبل بأن يتحٌدى أحد سلطته ، كان يحمل خنجراٌ معقوفاٌ في زنٌارة ، ويدخن سجائر يلفها بيده مستخدماٌ الدخان المحلي ، ويضعها في ( مبسم ) طويل مصنوع من خشب الورد ، ويستقبل زواره وهو جالس القرفصاء وفي فمه قطعة من السكر الخشن يمصها فيما يرتشف الشاي على الطريقة ألأيرانية ، وكانت لعبة الشطرنج ، تسليته المفضلة ، وعلى الرغم من جميع أنشغالاته ، كان البرزاني يخصص وقتاٌ لأستقبال الزوار ألأجانب ، فضلاٌ عن مواطنيه الكرد ، سواء أكانوا مقاتلين بسطاء في البيشمركة ، أم قادة عسكريين كبار.
تعلم البرزاني من تجاربه الطويلة ، أن لايحمل أغراضاٌ كثيرة في المعارك ، وأن يغير معسكره كل ليلة ، وأن يتنقل مع مرافقيه من قرية الى أخرى ، لتضليل الجواسيس الذين يشتبه دوماٌ في أنهم يتعقبونه ويرصدون تحركاته ، والسبب في ذلك ، يعود الى التأريخ الكردي الحافل بالخيانات والخديعة ، ولم يكن تموينه البسيط يتطلب ألأحتفاظ بأي سجلات ، فقد تم تخزين السكر والشاي وألأرز بكميات كبيرة في المغاور التي يلجأ اليها ألأكراد لأتقاء القصف الجوي ، وكان البرزاني يقاسم مقاتليه معيشتهم ، فيأكل مثلهم وينام في العراء معهم ، وكان يصلي بأنتظام ، وبلغت شجاعته حٌد عدم أظهار أي تأثر أو شعور بالخوف ، حتى أثناء تعرضه للقصف العنيف .
من بين جميع شهداء الحركة القومية الكردية وأبطالها ، فأن للبرزاني مكانة خاصة عند الكرد ، ويمكن العثور على صورته معلٌقة في منازل الكرد البسطاء في تركيا وجمهورات ألأتحاد السوفيتي السابق ، وفي مكاتب الصحافيين المشهورين في واشنطن! . فحياته أشبه بأسطورة ، وألأنجازات العسكرية الت حققها في ميادين القتال ، تشكل أحد المصادر القليلة لأعتزاز الكرد بهويتهم القومية ( وهم يرونها لأبنائهم وأحفادهم مراراٌ وتكراراٌ حيثما وجد كردي ) وأسهمت في أبقاء الحركة القومية الكردية حٌية على مدى عقود طويلة ، وقد أمتلك البرزاني ذلك الشرط الرئيسي من شروط القيادة ، أي القدرة على أجتذاب الولاء العاطفي لشخصه ، والذي دفع الرجال والنساء على ترك كل شىء خلفهم والسير وراءه مهما تكن الظروف صعبة المخاطر!!.
في ذروة تألقه ، نجح البرزاني في توحيد مقاتلين أمٌيين من أبناء القبائل ، وآلآف ألأطباء والمهندسين وألأساتذة ورجال الشرطة الذين تخلوا عن رفاهية الحياة في المدن ، وتحملوا شظف العيش في الجبال الوعرة وقاتلوا بقيادته .
هكذا وصفه ( صحفي أمريكي ) من خلال اللقاءات الصحفية واللقاءات المتكررة مع معاونيه ومستشاريه ، وما ذكره ذلك الصديق لشعبنا الكردي وغيره ، هي نقطة في بحر بالنسبة الى ذلك البطل الخالد .
مهما طال الزمن ، ذهب ورحل جيل وجاء ألأخرون يبقى ( مصطفى البرزاني ) نجماٌ لامعاٌ وساطعاٌ في سماء كردستان ، ومثلاُ للشجاعة والصبر والبساطة والكرم والعدالة ……….. نعم أنه البرزاني الخالد… فعلاٌ الكواكب المضيئة لاتٌنسى .

البيت العراقي