الرئيسية » مقالات » عبدالله أوجلان . . من أسير لدى قراصنة الترك الى رمز تأريخي لدى الكورد

عبدالله أوجلان . . من أسير لدى قراصنة الترك الى رمز تأريخي لدى الكورد

جريمة تسميم المعارضين ليست بدعة جديدة لدى الحكومات الشوفينية ، فحملة الهوية الشوفينية يتسابقون فيما بينهم في تقديم أدهى فنون التعذيب ضد كل من يناهضهم ، فدولة البعث في العراق سبقت الدولة التركية في هذا المجال ولها سجل نحتفظ بعشرات الأمثلة الحية منه ، بعض ضحاياهم لازالوا أحياء يرزقون ، فقد حالفهم الحظ ونجوا من الموت بعد أن كافحوا السموم وهي في مهد خرابها داخل أنسجتهم وخلاياهم ، ذلك هو عدنان المفتي رئيس برلمان كوردستان الحالي أحدهم فأسألوه كي يروي لكم التفاصيل .
أما المفارقة التركية فتأتي في سعيها الحثيث الى الدخول الى المحفل الأوروبي من جهة مدعية خلاء ملفها من إنتهاكات لحقوق الأنسان وكبتها لأنفاس معارضيا الى حد التسميم بالمواد السامة من جهة أخرى ‘ وها فضيحة تسميم السيد عبدالله أوجلان تطفو على السطح وترفع الستار على همجية الدولة التركية التي لم تتغير قيد أنملة عن ممارسات أسلافهم الذين نفذوا مخططات الإبادات الجماعية ضد شعوب بأكملها وآخرها أبادة أكثر من مليون أرمني قبل أقل من قرن ولا زالت هذه الدولة تستنكف بتقديم مجرد رسالة إعتذار الى هذا الشعب الآمن .
المؤتمر الصحفي لمحامي أوجلان في العاصمة الإيطالية روما لم يبقى للأتراك منزع في قوس التشكك ، فهم قالوا بصريح العبارة إنهم لقوا الرجل قبل أسره في كينيا وهو بأتم الصحة والعافية ( لكي لا يقال أنه ربما تم تسميميه قبل وقوعه الأسر ) ، أما نتيجة التحاليل الطبية فتقول أن نسبة علية جدا من مادة الكروم والسترونسيوم موجودة في دم موكلهم ، وأشاروا الى أن النسبة تلك تبلغ مائة ضعف أزاء الحالة الطبيعية للأنسان ، وأضاف المحامي الإيطالي جولانيا بيسابيا أن أوجلان قد تعرض الى تصفية ممنهجة لحياته ، ما معناه أن المراحل القادمة من حياة الرجل ستكون خطيرة جدا حسب التقرير الطبي ، إذ أن من أخطر الأعراض التي ستظهر هو فقدان المناعة من الأصابة أزاء نسمة أذا مرت به ، وهذا العرض هو السمة المشتركة لكل أنواع التسمم ، وما تعلمناه من التطور العلمي الحديث أن التحليل الحديث غير قابل الى الخطأ نهائيا وذلك هو الطامة التي لا تجد تركيا مخرجا منها .
الدولة التركية بأرتكابها لهذه الجريمة البشعة بحق السيد عبدالله أوجلان وهو نزيل سجن إيمرالي الأنفرادي الرهيب تكون قد تكون قد قطعت شعرة معاوية التي تربطها بالمجتمع الدولي الحديث ، وتكون قد قطعت الشك باليقين أزاء كل من كان ينظر الى ممارستها للحكم بعين اليقين المشوب بالريبة ، فعبدالله أوجلان ليس بالأنسان العادي الذي يرقد على سرير سجن منقطع عن العالم الخارجي ، فقبل ثمانية سنوات حينما ترك بلد أقامته سوريا متوجها الى روما ومنها الى كينيا وما أعقب ذلك من عملية القرصنة التركية قد هزت الرأي العالمي هزا ، ففي الصعيد الكوردستاني قد أتحدت أشلاء كوردستان الأربعة في مظاهرات تأييد للرجل رغم كل ما عملتها السلطات من إجراءات ضد تلك المظاهرات بإستثناء كوردستان العراق المستقلة من التسلط الأجنبي ، أما الجاليات الكوردية في القارات أجمع فقد خرجت لتأييد الرجل وفضح المؤآمرات الجارية على قدم وساق ضد أنسان أقل ما يقال بحقه فأنه حمامة سلام تدعوا الى الألفة بين الأمم وينبذ الحروب والأبادات الكيفية ضد شعبه الآمن ، أما صحف العالم ووسائل أعلامه المرئية والمسموعة فقد أنفردت لتغطية ما كانت تحدث على الكرة الأرضية من أجل مصير رجل يمثل ضمير أمة لم تذق طعم الحرية في عصر بات فيه كبت حرية الشعوب ضرب من الخيال ، إذن أن ما فعلته هذه الدولة بحق عبدالله أوجلان هو الغباء بعينه ، فالرجل كان بلا شك رمز من رموز النضال في شمال كوردستان وشاهدنا كيف تقدم شابات وشباب كوردستان الى إضرام النار بأجسامهم البريئة من أجل حرية الرجل الذي يعد المثل الأعلى لمؤيديه الذين يربو عددهم الى ملايين من الشباب ، ومن المؤكد أن الرمز هذا سيتحول الى رمز أزلي أكبر باعث للتصدي الدائم لدولة العسكر في البلد الذي يحمل أسم تركيا من باب الشوفينية ذاته في حالة تعرض السيد أوجلان الى الوفاة جراء هذا التسمم الفضيع .
فمسممي أوجلان قد فتحوا باب جهنم على الدولة التركية ولا بد لنار جهنم أن تنهم الأيادي الآثمة التي لا تريد الخير للشعوب في زمن تحرر الشعوب وأنعتاقها ، والكورد في شمال كوردستان بأمس الحاجة الى هذا الرمز كي يقلبوا عالي دولة البرابرة الى سافل ، تلك الدولة التي لم تجد لها موقعا في الفكر الأنساني الحديث النابذ لأيدلوجية قهر الشعوب وتذويبها في بودقات ليست ببودقتها ، ولا بد للأمتين الكوردية والتركية أن تتلاحما في أخاء ومودة ضد من أساء الى مبدأ صداقة الشعوب المتآخية .