إن الأرض هو الشرط الأساسي لحماية وجود الشعوب ، لذا فالأرض والوجود كلمتان مترادفتان في المعنى، فلا يستطيع شعب بمعزل عن أرضه أن يطالب بحقوقه المشروعة، كل ذلك يبدأ بالأرض وينتهي به، لذا فإن الشعب الذي لا يستطيع المحافظة على أرضه يفقد حقه في الحياة.
بهذه الكلمات ندعو كافة الأشخاص و العوائل والمنظمات والمؤسسات والأحزاب الكوردية التي تمارس نشاطها في جبال الكورد-عفرين- أن تعي وتنتبه إلى خطورة المسألة لان السلطات الحاكمة تمارس سياسة دنيئة وخطرة جدا في هذه البقعة من أرضنا و خاصة خلال السنوات الأخيرة، وان أي شخص يقيم فيها يُدرك ما وصل إليه الحال هنا.
أيها الشعب الكوردي
بعد بدء السلطات الحاكمة بالسياسة المعروفة باسم “الحزام العربي” والتي لم تطل فقط مقاطعة الجزيرة الكوردية من هذا الإقليم وإنما امتدت إلى جميع المناطق الأخرى في الإقليم كمقاطعتي كوباني وجبال الكورد- القسم السوري منهما- وبعدها المباشرة بسياسة توزيع أراضي الكورد على العرب المجلوبين لتوطينهم حتى وصلت هذه السياسة وفي مرحلتها الثالثة من التعريب إلى شراء الأراضي على يد العرب الوافدين الجدد والتي تُستخدم
خلال السنوات الأخيرة، وبشكل خاص، في مقاطعة جبال الكورد-عفرين. لذا يجب التنبه إلى أن مناهضي حق الشعب الكوردي قي الوجود والبقاء يستهدفون إنهاء هذا الوجود الممتد إلى آلاف السنين في إقليمنا الكوردستاني في سوريا.
إن سياسة التجويع والتفريغ التي تُمارس في هذه المقاطعة أدت إلى هجرة عشرات الآلاف من قراهم والتوجه إما كلاجئين
إلى الدول الأجنبية أو التوجه إلى المدن الكبرى لكسب لقمة العيش وخاصة مدينة حلب. هذه السياسة، ومع مرور الزمن، أدت بالمواطنين إلى بيع أراضيهم وممتلكاتهم الخاصة، وذلك بدءا من التسعينات من القرن الماضي وبعملية متسارعة جدا.
إن الكورد هنا إما يُجبرون- بسبب المعيشة- على بيع أراضيهم أو يفعلون ذلك دون وعي وإدراك لخطورة المسالة. ولكن من يشتري تلك الأراضي ؟ مَن من الكورد القاطنين يستطيع الشراء ؟ سؤال أثار انتباهنا. إن ما ذكرناه يحدث في معظم مناطق جبال الكورد-عفرين. ليس فقط شراء الأراضي وإنما المثير للانتباه هو شراء المحاضر السكنية وأحيانا شراء البيوت السكنية, وبالطبع من يشتري هذه القطع السكنية هم “العرب الجدد” كما يسمونهم الأهالي هنا، وهنا لا نقصد العرب الرُحل – عرب الاسكندرونة- الذين أُعطي لهم الأراضي ليستوطنوا في المقاطعة، ولا الوجبة الثانية من العرب الذين جيء بهم من مناطق مختلفة كعشائر العرب البوبنا و العميرات و الحديديين و النعيم و البوصالح … وغيرهم، ليستوطنوا في المنطقة والتي امتدت حتى الثمانينات من القرن الماضي والذين تم توزيع أراضي الكورد عليهم حسب قانون الإصلاح الزراعي. وإنما هؤلاء هم من الوجبة الثالثة للتعريب أي وجبة التسعينات والمستمرة حتى الآن.
إن سياسة الوجبة الثالثة من التعريب تنتهج خطة مدروسة ومنظمة توحي بمخطط يعمل أو عَمِل عليه لجان وأشخاص مختصون لأنها محبكة جدا بحيث لا يستطيع أي قانون أو منظمة دولية فيما بعد باسترداد أو تطبيع أوضاع المناطق هنا، أي أن هذه السياسة هي اخطر من سياسة التعريب التي كانت تُمارس في جنوبي كوردستان.
إن الوجبة الثالثة من العرب الذين يقصدون هذه المقاطعة هم بالمئات والآلاف، ففي كل سنة هناك العشرات من العوائل ومعظمهم يقصدون منطقة جوم. وفي الفترة الأخيرة هناك من يتجه منهم إلى منطقة جبل ليلون ليستقروا هناك. إن جميع من يقصد هذه المناطق لا يملكون قوتهم ومعظمهم يستقر في الخيام ولكن بعد انقضاء نصف سنة, ونادرا سنة، يشترون محضرا للسكن ليعمروا بيتا ويستقروا في المنطقة.
ففي إحدى مناطق المقاطعة أجرينا إحصاء، بمساعدة الأصدقاء، لشهرين فقط فتبين انه هناك بيع لثمان /8/ محاضر سكنية ستة /6/ منها اشتُريت من قبل “العرب الجدد” لبناء دور سكنية (لا نستطيع ذكر اسم المنطقة لأسباب أمنية)، من أين لهم هذه النقود وكيف يحصلون عليها ؟ فإذا كان أهالي المقاطعة لا يستطيعون أن يكسبوا لقمة عيشهم فيها وأكثر من 70 % من كاسبي لقمة العيش يعملون خارج المقاطعة – وطبعا “ضحايا سياسات التعريب” المغدورين في لبنان خير شاهد على ما يجري في المقاطعة من تجويع وما يُحبك ضدها – فكيف إذا يستطيع هؤلاء الوافدون أن يعيشوا هنا ويشتروا الأراضي.
إن سياسات التعريب تُمارس بشكل جلي وواضح جدا في الإقليم، ومع ذلك نتساءل لماذا لا نجد من يقف ضد هذه الجريمة مع أنها تُعد ضمن خطة إبادة الشعوب، توجد المئات من الدلائل والأمثلة على الأرض للكشف عن هذه السياسة، فلماذا لا يبادر احد إلى كشفها ؟
إن احد الأشخاص الذين كان ينوي بيع أرضه اسمه ع.د.خ من سكان منطقة من مناطق المقاطعة، قال لنا “لم يسأل أحد عن شراء ارضي غير العرب الجدد, وعلى الرغم أن المتر المربع من مساحة ارضي لا يساوي أكثر من ( … ) ل.س، إلا أن أكثر من مشتري من هؤلاء العرب الجدد جاء ودفع لي ضعف الثمن، ولكنني لم افعل، بعدها سمعت أن شخص آخر وبسبب مرض حل بأحد أفراد أسرته قد باعهم أرضه” و يستمر “أليس لنا من احد يحمينا, لماذا لا نقف في وجه ما يحدث”.
أيتها القوى الديموقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان
كي نتجنب صداما حتميا وكي يستطيع الشعبين الجارين العيش مع بعضهما، يترتب علينا أن نقف معا ضد هذه السياسات الدنيئة وممارسات العنصريين العرب التي تستهدف تفكيك العلاقات بين هذين الشعبين ودفعها نحو الانتحار. إن كل الاتفاقيات والقوانين الدولية تدين انتهاك حق الحياة وتناهض قهر الشعوب، لذا فهو واجب على كل شخص أن يناهض ويقف في وجه هذه السياسة.
لا يخفى على احد، وخاصة المدافعين عن حقوق الأفراد والجماعات، إن السياسات التي تُمارس ضد الكورد في الإقليم الكوردستاني في سوريا ككل و مقاطعة جبال الكورد بالذات من المداهمات والاعتقالات الكيفية (ما حدث ويحدث من اعتقالات في هذه المقاطعة في الفترة الأخيرة) والتنكيل والترهيب المستمر (كوضع الحواجز الأمنية على الطرق المؤدية إلى المقاطعة في فترات متقطعة) وعلى رأس هذه الممارسات و أخطرها الوجبة الثالثة من التعريب والتي يُمارس فيها أسلوب مُمنهج ومدروس، لذا فان العبء يقع على عاتق الجميع للكشف عن هذه الممارسات وتعريف الرأي العام الكوردستاني والعالمي والعربي بما يحدث على الأرض، ولتهيئة الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية لما يحدث وما قد يحدث وما يترتب عليه من القيام بالتحركات واتخاذ القرارات، لذا نحتاج إلى جهود مضنية والعمل معا للحلول دون نجاح هذه السياسات.
أيها الإخوة في الأحزاب والمنظمات والجمعيات الكوردية و الكوردستانية
يا أصدقاء الشعب الكوردي في كل مكان
باسم الكورد والكوردايتي، ننادي جميع المناضلين وخاصة أعضاء الحركة التحررية الكوردية والكوردستانية في جنوب غربي الوطن والأجزاء الأخرى وفي سوريا أيضا، لنتكاتف جميعا في توعية الشعب ودعوته إلى عدم بيع أرضه إلى الغرباء وعدم إفساح المجال لأعداء الكورد بتدنيس كرامتهم. إن أعداء الكورد والدول الحاكمة في كوردستان تريد لنا التشرذم والتقوقع كل منا ضمن قراراته الفردية والتنظيمية. لذا نمد يد الإخوة والصداقة إلى جميع الإخوة ونطلب المساعدة في التصدي لحملات التعريب العدائية التي تنتهجها السلطات, وندعو إلى تزويدنا بجميع المعلومات حول التعريب والوثائق المتعلقة بها إضافة إلى الاقتراحات.
نداء
نكرر دعوتنا إلى كل كوردي وكوردية، وخاصة في مقاطعة جبال الكورد، أن ينتبهوا إلى السياسة الجديدة التي تُمارس في كل أنحاء الوطن, ونريد أن نُلفت الانتباه إلى منطقة جوم و منطقة جبل ليلون وجنوب شرقي منطقة شران، المناطق الثلاث التي تتعرض في الآونة الأخيرة إلى حملات تعريب منظمة ومدروسة بدقة و بطريقة مُمَنهجة، وكل من يعرف هذه المناطق الثلاث يعلم أن التركيز على تعريب الحدود الإدارية لهذه المناطق الثلاث يعني تغيير البنية الديموغرافية لتوسيع الإقليم العربي على حساب الإقليم الكوردي وخرقها من المركز. إن المنطقة الأكثر تعرضا لهذه السياسة هي منطقة جوم، هذه المنطقة التي تعرضت للوجبات الثلاثة من التعريب أي أنها الآن تتعرض للمرة الثالثة على التوالي وبشكل اخطر بكثير، فشراء الأراضي ومحاضر السكن هي الأكثر رواجا هناك. فكل العرب في تلك المنطقة، وليس فقط “العرب الجدد”، يتعاونون لشراء الأراضي، وحسب ما علمنا انه وخلال السنوات القليلة الماضية، لم تُسجل حالة بيع واحدة قام بها عربي من أي من هذه المناطق في جبال الكورد.
ومن اجل هذا كله ندعوكم جميعا إلى أن :
لنجعل من عام 2007 عاما لمناهضة التعريب في الإقليم الكوردستاني في سوريا
RDEK
منظمة مناهضة التعريب في جبال الكورد – عفرين

