الرئيسية » مقالات » الاشكاليه المزمنه بين الدين والسياسه (الحلقه الاولى )

الاشكاليه المزمنه بين الدين والسياسه (الحلقه الاولى )

في البدايه :

لابد من اعلان الحياديه في طرح الاراء التي تؤيد تدخّل الدين وهيمنته على الحياة السياسيه في بلداننا العربيه والاسلاميه , او بين تلك التي تـُبعد الدين ولاتقبل تدخله بأي شكل من الاشكال في الحياة السياسيه , أذن نحن امام فريقيين لكل منهما وجهة نظره الخاصه التي لها اسبابها وادلتها المنطقيه التي يعتقد كل فريق بصوابها. وحتي نأخذ الفرصه كاملة لابد من معرفه اوليه عن نبذه وجيزه ومختصره في الفضاء والدائره التي يتحرك ويختص بها الدين في الحياة البشريه.

وحتى نستطيع فهم ذلك الفضاء وهذا الاختصاص ينبغي ان نبين ان فهم الدين يعني فهم الظاهره التأريخيه, فالدين من خلال البرهه التاريخيه التي تواجد وانتشر بها بواسطة النبي الاكرم فأنه جاءالى الناس كافه, وهذه اللحظه والبرهه الخاصه نطلق عليها اسم الظاهره التأريخيه وهي نزول القرآن , وظهور النبي ) ص( , والكتاب المـُنزل, وهذا ايضا يعني ان الدين الاسلامي بكليته ظاهرة تاريخيه نفهمها من خلال ما نمتلك من معلومات في السياق التأريخي, وعلى هذا الاساس انطلق الرعيل الاول من المجتمع المسلم في فهم هذه الظاهره من خلال ادواته وتصوراته في ذلك العصر, فكانت تلك التفسيرات لهذه الظواهر في ذهن المجتمع من المسلمات , أما ماهو الكم من الترسبات عن الديانات السابقه التي اثرت في تشيكل هذه التصورات والمسلمات , فتلك مسأله تحتاج الى بحث ونحن الان لسنا في صدد التعرض اليها في هذا المقال , ومانريد ان نخلص اليه ان المجتمع الذي تلقى الظواهر التاريخيه, القرآن ,النبي والوحى كان ينطوي على تصورّات سابقه للدين ,والا لما تيسر له فهم تلك الظواهر التأريخيه الجديدة عليه, لذلك استمرالتطورفي فهم هذه الظواهر من خلال الادوات والتصورات المختلفه بأختلاف الاجيال المتنميه اليها, الامر الذي جعل لكل جيل منها جديته واجتهاده في تصوراته وتفسيراته من خلال الكم الهائل لتلك التراكمات التي شكلت ولاتزال تـُشكل المفتاح في حل وفهم هذه الظواهر التأريخيه الكبيره.

من هذه المقدمه البسيطه نريد القول : بان الفكر الاسلامي بأعتباره فكرا انسانيأ يتبدل ويتعدل على ضوء ما اشرنا, في فهم الظاهره التأريخيه لذلك نرى ان الفكر الاسلامي مـرَ في عدةحلقات متواصله وفي اتجاهات مختلفه , ابتدا ً من الرعيل الاول وكيفية فهم هذا الرعيل لتلك الظواهر التاريخيه ومروراَ بكثير من الحركات مثل الاشاعره والمعتزله الخ… الذين ابدعوا نظريات فكريه وطرحوا أسئله وأجوبه انبثق من خلالها تفسيرهم الخاص للاسلام , ولهذا كله و على سبيل المثال اوجد المعتزلة الثقافه الخاصه بهم في الحياة الدينيه,نتيجة لفهم المعتزله للظواهر التأريخيه من خلال مقولاتهم ومفاهيمهم الخاصه.

والتي تختلف او تتفق بشكل وبأخر عن الاتجاه الذي تلاها الا وهوالاتجاه الفلسفي في فهم وطرح المفاهيم الاسلاميه من خلال ما تكـّون من منظومة فكريه خاصه لهذا الاتجاه في فهم وتفسير هذه الظواهر التأريخيه, والفلاسفه ايضا ابدعوا في الاضافات الفكريه العميقه التي استمدوها من تصوراتهم الفلسفيه عن الوجود والخالق والوحي والقرآن. ومن هذا التدرج السريع والبسيط في فهم الظواهر التأريخيه نصل الى نتيجه و صياغة السؤال التالي , في الوقت الذي شهد عصرنا مجموع من التحولات الجديده والكبيره ونحن المسلمون جزء من هذه المنظومه البشريه كيف ستكون مساهمتنا وفهمنا لهذه الظواهر التاريخيه. وما تأثير ذلك في فك الاشتباك الذي حصل ولايزال يحصل ان صح التعبير بين السياسي والديني في فهم الدين و امكانية تدخله في كل الشؤون الحياتيه ؟ هذا ما سنتواصل به معكم في الحلقه القادمه انشاء الله.

فـائــق الـربـيـعـي

2007-02-17