خطط امنيـة ولدت وسقطت فـي هـوة اسباب موتهـا … حيث ’ لا يمكن لأي عمل ان ينجـح فـي بيئـة فشلـه … تكررت الخطط علـى ارضيـة انهيارهـا ’ وكان الأنحدار نحو الأسواء حصيلتهـا دائمـاً ’ امامنـا الآن الخطـة الجديدة التي كثـر الحديث عنهـا وتكررت الوعود والوعيد وظهرت الوجوه المآلوفـة على شاشـة التلفازملمعـة متفائلـة توزع تقاسيم النصـر المفترض عبر التصريحات والعنجهيات مـع انهـا لا فـي العير ولا فـي النفيرفــي اتخاذ القرار النهائـي ’ حيث ان النجاح والفشل مرهون في الأرادة الأمريكيـة ’ هـذا اذا ما اقتنعت ان العــراق شعبـاً ووطنـاً قـد دفـع الثمـن المطلوب منـه ان يدفعـه كاملاً ’ وان الخطـوة ( الحلقـة ) القادمـة لمشروعهـا قد توفرت جميـع شروطهـا .
الحديث عـن الخطـة الأمنيـة يجب ان لا يكون بمعـزل عـن اجوائهـا التـي هـي غيـر صحيـة بمجملهـا ’ اعنـي اعادة الأمن والأستقرار فـي مدينـة بغـداد بمعزل عـن اسباب انهيارهـا علـى عموم العراق ( وبعـد خرار البصرة طبعـاً ) كذلك لا يمكن استعادة الأمـن والأستقرار بنفس الأدوات التـي سببت انهيارهمـا وفـي نفس الظـــروف المعقدة التـي يغـرق فيهـا العراق ويحترق .
ان الخطـة الأمنيـة يجب ان تبـداء مـن حيث النقطـة التـي تكونت فيهـا اسباب وبدايات الأنهيارالأمنـي بشكل عام .
بعيـداًعـن النوايا الخلفيـة للمشاريع النهائيـة للأحتلال الماسك بقبضتـه عنـق القضيــة العراقيــة ’ فقـد تم عمـداً فتح الحـدود الأقليميـة امام شهيـة اطماع دول الجوار وتدخلاتهـا عبـر منظمات الوكلاء والوسطاء والمؤسسات المخابراتيـة والأستخباراتيـة وضـخ الأموال لشـراء وتجنيـد السماسرة والعلاسـة وتشكيل المليشيات وتسليحهـا ليصبـح العـراق ملتقـى الصراعات الدمويـة ومركـز عـراك الأضداد وكمصيـدة امريكيـة للأيقاع بالأخـرين وكان النزيف العراقي الهائل طعمـاً لجذبهـا واصطيادهـا ’ رافق ذلك اعادة بناء مؤسسات الدولـة والمجتمـع على اساس بدعــة النهج المحاصصاتي الذي كان سبباً لتمزيق لحمـة النسيج العراقي وتوزيـع اوصالـه بين قيادات ورموز الطوائف والأعراق والمذاهب ’ البيئـة الملائمـة لتفشي ثقافـة واخلاقيـة وعادات الفساد والأنحلال والأختلاس والفرهود الموروثـة اصلاً عـن مخلفات النظام البعثـي السابق ’ وبروز كتل وعوائل ومكونات ظلامية التفكير منفلتـة الطموحات منزوعـة القيم معطوبـة الألتزامات والروابط الوطنيـة كارثيـة بمجملهـا اعتمدت فـي فـرض نفوذهـا وتحقيق منافعهـا واهوائهـا على مليشيات مسلحـة ومنظمات وفرق موت سريــة وتبنت اجندة غيرهــا فأصبحت بكاملهـا تقريبـاً مسالك اختـراق لـدول الجوار وركائز لنفوذهـا المخابراتي والتخريبـي داخـل الدولة والمجتمـع ’ ومـن اجـل اعطاء الشرعيـة لتلك الشذوذات والأنحرافات والمخاطـر الطائفيـة والعنصـريـة المخيفـة وربـط حاضـر ومستقبـل العراق الى وتدهــا استعجلـت وارتجلـت عمليتـي الأنتخابات والأستفتاء علـى الدستور التي نبـه الكثير الى مخاطرهـا ’ فأصبحا اخيراً مـن بين اهـم الأسباب التـي رسخت الحالـة العراقيــة المآساوية الراهنــة .
مـن اجل الألتفاف على حالـة الأحباط واليأس عنـد الجماهير العراقيـة وضمان استسلامهـا وولائهـا وتلافـي احتماليـة ردود افعالهـا غير المحسوبـة النتائج ’ تكررت الاعيب الحكومـة واساليب خداعهـا وتضليلها للناس واستغفالهـم فـي سياق منسجم مـع المناورات الأعلاميـة والأجراءات الشكليـة وغرابـة الغموض للأحتلال’ مـن بين تلك الألاعيب والمناورات المسكنـة هـي تكرار الخطط الأمنيـة وآخيرهـا الخطـة الأمنيـة الجديدة التي ستبداء فـي بغداد مـع الأحتفاظ ببيئــة الفشـل كاملـة دون المساس بهـا على صعيــد العراق .
فـي اعتقادي ’ ان ايـة خطـة امنيـة جديـة يمكن لهـا ان تحقق نجاحاً ملحوظـاً على اصعـدة الأمن والأستقرار وبداء الأعمار وفرض القانون واستعادة هيبـة الدولـة وضبط الأنفلات المليشياتي والحـد مـن مظاهر التسلح وعلاج المجتمع مـن اعراض الطائفيـة والعنصريـة والمذهبيـة وترويض اطماع البعض ولجـم هوسهـم واندفاعهـم في محاولـة تمزيق العراق واعادة تقسيم اشلائـه جغرافيـة وثروات وبشـر’ من اجل ذلك ينبغــي على القليل المتبقـي مـن المخلصين داخل المؤسسة الحكومـة والخيرين مـن خارجهـا ان يفرضوا واقعاً جديداً على قوات الأحتلال وخلق اجواء من الأحترام والتنسيق وخلق ارضيــة جديدة لنجاح الخطـة الأمنيـة الراهنـة فـي بغـداد والخطط الأمنيـة على عموم العراق مترافقـة مـع الأجراءات الظروريـة التاليــة .
1 1ــ تعديل وزاري يراعـى فيـه مبداء الوطنيـة والأخلاص والنزاهـة والكفاءة والمهنيــة ’ ترافقــه ايضـاً عملية تطهيـر مدروسـة لجميع اجهزة الدولـة ومؤسساتهـا وتطعيمهـا بعناصر مؤهلـة بمواصفات وطنيـة بغيـة الحـد من مظاهـر الفساد والترهـل والرشوة واللااباليـة وفرهـدة وتهريب المال العام .
2ــ حـل المليشيات كظاهـرة مدمـرة غير مسبوقـة وتصفيـة جميع مظاهـر التسلح والضرب بقوة القانون والعدالـة على عناصر التخريب ومآفيات فرق الموت والنهب والسلب وزرع الفوضى والرعب واسباب الفتنـة .
3ـــ تحرير الأنسان العراقـي مـن عبوديـة البطالـة والضياع عبـر اطلاق عمليـة اعمار واسعـة يرافقهـا توفير الخدمات على جميـع الأصعدة والحـد مـن تراكـم وتكرار الأزمات الأجتماعيـة .
4 ـــ تحرير العلاقات الأجتماعيـة مـن التدخلات غير المشروعـة واللاانسانيـة لرجالات ورموز ومنظمات الطائفـة والمذهب والقوميــة والحـد مـن اخطارهـا ’ حيث اصبحـت سبباً لتمزيق النسيج الأجتماعـي وزيتاً لسعيـر الفتنـة والكراهيـة والفرقـة والأقتتال بين ابناء الوطـن الواحــد .
5 ـــ استعادة هيبـة القانون وتفعيل دور القضاء وانزال العقوبات بحق من ارتكب ويرتكب جرائم بحق الوطــن وابناءه ’ يسبق ذلك ــ وهذا الأهـم ــ تحرير عنق الأرادة العراقيـة ومصير العراق ’ حاضره ومستقبلـه ’ امنـه واستقراره من قبضــة الأحتلال ’ واستعادة الملف الأمتـي كاملاً والحـد من التدخلات غير المشروعـة فـي استقلاليـة القضاء العراقي ’ والحذر مـن المخططات والمشاريع التـي تستهدف السيادة الوطنيـة والأستيلاء علـى ثروات العراق وجغرافيتـه ’ الى جانب الحرص على مبداء علاقات الصداقـة وحسن الجوار وعدم التدخل وتبادل المنافـع واحترام المصالح في العلاقات الدوليـة والأقليميـة .
6 ـــ احالـة ملف الدول التي يثبت تدخلهـا فـي الشأن العراقي عبر تصدير الأموال والأسلحـة وزمر الأرهاب والتخريب والأنتحاريين وغيرهم الى هيئــة الأمم كدول راعيــة للأرهاب مدعوماً بالأدلـة والوثائق ومطالبتهـا بتعويضات عـن جميع الأضرار التي لحقت العراق شعباً ووطناً ’ بغيـة الحـد من تدخلاتها وتطهير العراق مـن مؤسساتهـا التخريبيـة .
وخطـة الأمن فـي مهدهـا تحرك الوكلاء العروبيين ذهاباً واياباً بين عواصـم اقامتهـم وبغـداد ’ وكثرت تصريحاتهـم المتشككة ومقترحاتهم الأنقاذيـة واستنفرت خلفهم جبهات الأعلام وارتفعت حمـى دسائسهـا ووساوسهـا وتشويهاتهـا ’ يرافق ذلك الأصوات والصراخات واثارة المخاوف والشكوك المنطلقـة مـن متاريس الأختراق الأيرانـي وابتداء الحابل يختلط فـي النابل والله الساتـر .
رغـم مرارات الشك وغشاوة الأحباط ’ فالأمـل لا زال منتظـر والتفائـل حاضـر مــع الدعاء ان تفرج تلك الخطــة عـن شـي مـن مظاهـر الأمـن والأستقراروكما يقول المثل ( حجارة اعمى وصابت ارنـب ) والله الموفق .
17 / 02 / 2007