الرئيسية » مقالات » حزب يحمل بذور الفاشية منذ الولادة

حزب يحمل بذور الفاشية منذ الولادة

انفرد الحزب السوري القومي الاجتماعي بين سائر أقرانه من الأحزاب والمجموعات والتيارات السياسية منذ ظهوره على يد مؤسسه ” انطوان سعادة ” في النصف الأول من القرن الماضي في لبنان وسورية باكتساء رداء سميك من الغموض والالتباس والشكوك حول منابعه الآيديولوجية وأسباب ظهوره المفاجئ ومبررات وجوده بالأساس في تلك المرحلة التي شهدت بداية احتدام الصراع الكوني بين الديموقراطية والتقدم والسلم والحرية من جهة وبين الفاشية والنازية وأدواتها الاقليمية من الجهة الأخرى ولم يحدد هذا الحزب وعلى الصعيد البرنامجي منذ ذاك موقعه في اصطفاف القوى التي رضخت لثنائية حادة على مساحة الكرة الأرضية عبرت عن نفسها بخندقين ومعسكرين متتناقضين أحدهما تتمثل فيه ارادة الشعوب بقواها التقدمية وحركاتها التحررية وطبقاتها الاجتماعية الكادحة بل وقف عمليا في الطرف المواجه كجسر لتمرير العقيدة الفاشية انطلاقا من لبنان بين أوساط الفتوة من الجنسين والنزعة الارهابية بين القوى السياسية وفئات المجتمع والتحول الى رأس حربة ضد قوى التحرر والسلم ومن ضمنها معسكر الاعتدال ودعاة الاستقلال في صفوف البورجوازية الوطنية الناشئة في كل من لبنان وسورية .
كل هذه السنين الطويلة من عمر حزب – سعادة – الذي تأرجح فيها بين البقاء والاندثار لم تؤدي الا الى ازدياد وتيرة اثارة الجدل من حوله وتعزيز الشبهات في واقع صلاته السرية وغير المعلنة في الدائرتين المحلية والدولية ودوره السلبي في الصف الوطني العام بتعامل وانحياز ملموسين وبطريقة – ارتزاقية – غالبا مرتبطة بعمليات سرية وفي جميع الظروف الى جانب أنظمة القهر والاستبداد وفي خدمة أجندتها خاصة بعد تحطم آماله في استلام السلطة في لبنان عبر مغامرته الانقلابية الدموية الفاشلة التي كان ثمنها حياة – الزعيم – ذلك الحدث يذكرنا اليوم وفي أجواء التحضير لاستحداث مغامرة انقلابية جديدة باشراف نظام دمشق المستبد مدى اندفاعة وحماس واستماتة أعضاء ومناصري بقايا هذا الحزب – الشامي – الهجين .
يتذكر السورييون من الرعيل الوطني ما بعد الاستقلال جيدا تاريخ هذا الحزب الاشكالي وممارساته الدموية على ساحتهم منذ الاقدام على اغتيال الضابط الوطني اللامع في الجيش السوري عدنان المالكي ورجل الدولة البرازي والقيام بدور الأداة في تنفيذ الانقلابات العسكرية على الشرعية والخيوط التي انكشفت في التحقيقات والمحاكم ربطت قادة الحزب بالدوائر الخارجية الاستعمارية وأوساط حلف بغداد آنذاك , أما مناضلوا الحركة الوطنية السورية منذ بداية عهد الدكتاتور الراحل حافظ الأسد فلا يخفون امتعاضهم الى درجة الادانة للقلة القليلة الباقية من أعضاء حزب – سعادة – لصلاتهم الخاصة مع رؤوس النظام وممارساتهم – الأمنية الاستخبارية – لمصلحة أجهزة النظام ووقوفهم الى جانب منظومة الاستبداد كطابور خامس وقد خبرت المناطق الكردية وخاصة أهالي مدن القامشلي والحسكة والدرباسية عددا من هؤلاء الذين كانوا وما زالوا عيونا للاجهزة في نقل المعلومات عن الحركة الكردية ومناضليها .
مثل هذا النمط من الأحزاب متواجد في مختلف بلدان العالم وبأشكال مختلفة وتتكون عادة كما هو حال أصحاب شعار الزوبعة القريبة من صليب الحزب النازي المعقوف من مجموعات من النخبة المخملية المدينية ذات الطابع النسائي الغالب التي ترتبط ببعضها حسب طقوس خاصة بها يعتبرها البعض منافية للنظام الاجتماعي العام السائد تشبه الى حد بعيد المتبعة في الحركات الماسونية المعروفة بالتضامن بين أفرادها والالتزام بعهد السرية المطلقة مضافا الى ذلك الطابع الآيديولوجي المفرط الى درجة التزمت حول مقولة – الهلال الخصيب – والتطرف الأعمى بما في ذلك تنفيذ الأوامر الهرمية حتى لوكانت بهدف التصفيات والاغتيالات السياسية حسب انضباط عسكري تتشابه قوانين وأساليب النازية والفاشية وقد دلت الأحداث أن مثل هذه المجموعات التي لاتحمل أية أوهام في استلام السلطة في يوم من الأيام تجد لها الملاذ والسند في أجهزة الأنظمة الاستبدادية والطغم العسكرية الحاكمة وفي مقدمتها المتناوبة على حكم سورية حتى تستمر في البقاء وتعيش أيامها وفي العديد من بلدان الشرق الأوسط ألحقت تلك المجموعات الضرر البالغ بالشعوب وحركاتها الديموقراطية والتقدمية وسلمها الأهلي وتوافقها الوطني كما هو حاصل في لبنان .
على هامش عملية التصعيد الأخيرة في لبنان من جانب التيارات الموالية للوصاية السورية وبقيادة فعلية من جماعات حزب الله ضد الحكومة الشرعية المنتخبة ديموقراطيا ضرب الحزب السوري القومي الاجتماعي ورغم كونه من أصغر المجموعات اللبنانية التابعة لنظام دمشق رقما قياسيا في التطرف الى درجة توجيه الاتهام اليه بالتورط في اقتراف جريمة اغتيال النائب والوزير المأسوف على شبابه – بيير أمين الجميل – كخطوة نحو اشعال فتنة الاقتتال الداخلي كما يريدها نظام الاستبداد في دمشق وتعطيل العملية السياسية الاستقلالية بمافي ذلك ابطال مساعي تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي بشأن الكشف عن قتلة الرئيس الحريري وغيره من الشخصيات اللبنانية المغدورة وكان لافتا عثور القوى الأمنية اللبنانية على كميات كبيرة من المتفجرات والأسلحة في منطقة الكورة في مخابىء هذالحزب لتنفيذ خدمات ارهابية سرية خاصة ومنازل قادته وكوادره الذين لايتورعون الى الدعوة علنا الى دب الفوضى وتعطيل المرافق العامة مثل المطار والميناء وشل الحياة الاقتصادية بهدف اسقاط الحكومة الشرعية كخطوة أولى واعادة لبنان الى عهد الوصاية وقد اعترف البعض منهم أمام التحقيق بتلقي أوامر تنفيذ عملية اغتيال النائب الجميل وغيره في بيروت وبقية المناطق من رئيس الحزب مباشرة الأمر الذي دفع القوى الديموقراطية اللبنانية والحريصين على وحدة الشعب بكل طوائفه بدعوة القضاء اللبناني الى الاسراع في التحقيق والمحاكمات واعلان الحقيقة على الملأ وخاصة أسماء الجناة وانتماءاتهم والجهة الواقفة من ورائهم واصدار الأحكام العادلة لينالوا جزاءهم .