الرئيسية » بيستون » الكورد الفيلية فقدان الحقوق وعدم رد الاعتبار كمواطنين عراقيين

الكورد الفيلية فقدان الحقوق وعدم رد الاعتبار كمواطنين عراقيين

كتب الكثيرون عن أوضاع الكورد الفيليين وعذاباتهم وما عانوه من تجريف للحقوق وإهمال لمطالبهم ونسيان تضحياتهم وضحاياهم خلال حقب طويلة في مقدمتها تلك الحقبة المأفونة التي أصبح فيها البعثصدامي والطاغية الحاكم الناهي والمطلق الذي اتبع سياسة شوفينية عنصرية ضد الكورد العراقيين بصفة عامة والكورد الفيليين بصفة خاصة متهما إياهم بالتبعية الإيرانية وعدم حصولهم على التبعية العثمانية مثلما كانت تنص عليه قوانين الجنسية غير العادلة وخلال تلك الحقبة تجلت ماساتهم بالتهجير القسري والسجن والاعتقال لعشرات من الشباب الذين قضوا نحبهم بطرق عديدة بينما نالت العوائل العقاب الجماعي أثناء التهجير وحوالي أكثر من ” 120 ” ألف ، وأسقطت عنهم الجنسية وتم الاستيلاء على بيوتهم وممتلكاتهم وأموالهم وإلقائهم على الحدود العراقية الإيرانية ولم تكن إيران الإسلامية كمنقذ سحري كما يتصور البعض ما عدا إسكانهم في الاوردكات البائسة ” مجمعات لللاجئين ” التي جمعت فيها مختلف العراقيين الهاربين أو المهجرين وبخاصة أثناء الحرب العراقية الإيرانية ، وما مأساة الكرد الفيلية إلا هي جزء من المأساة التي ألمت بالعراقيين أثناء الحكم الدموي ولكن تمتاز ماساتهم بشكل خاص حيث عانوا ومازالو يعانون من عدم تثبيت حقوقهم وإنصافهم مما لحق بهم بل تطميس للحقوق وإهمال متعمد لمطالبهم ومطالب القوى الخيرة من أبناء شعبنا بحجج غريبة.

إن الحديث أو الكتابة عن أوضاعهم السابقة تحتاج الى مجلدات تكشف الحقائق عما لاقوه من ويلات الاعتقال والتهجير وقد فعل البعض من المثقفين الوطنيين الديمقراطيين العراقيين مشكورين ما بوسعهم من اجل إنصافهم والالتفات الى موضوعتهم وفي مقدمتها إعادة اعتبارهم ومنحهم حقوقهم وإرجاع أموالهم وممتلكاتهم أو تعويضهم بشكل كامل غير منقوص ورفع الغبن عنهم ككورد عراقيين لهم الحقوق نفسها كما عليهم الواجبات العامة اتجاه بلدهم العراق وكونهم عراقيين يتمتعون بالمواطنة الكاملة غير المنقوصة، إعادة الاعتبار للشهداء منهم والكشف عن مصير المفقودين والمغيبين، عودة المهجرين ومن هنا بالذات إذا تحقق ذلك نستطيع القول أن عهد السلطة الشوفينية ونظرتها العنصرية المقيتة أصبحت في مزبلة التاريخ وإن إعطاء حقوقهم وحقوق الأقليات القومية الأخرى خير ضمانة وسداً منيعاً لكي لا تعود الدكتاتورية أو القوى التي لا تعترف بالحقوق المتساوية وتتمتع بحقد عنصري فاشي للقوميات الأخرى، كما هي ضمانة لتحقي! ق الديمقراطية والمساواة عبر عراق ديمقراطي تعددي يقر الحقوق المتساوية لجميع العراقيين بدون تمييز أو تفريق لا بالمعنى القومي أو الديني والطائفي أو العرقي أو ما يطرح الآن حول الأكثرية والأقلية .

لقد سقط النظام الذي ساهم 100% في توسيع ماساتهم ومأساة أكثرية الشعب واحتل العراق بعد حصار اقتصادي ساهم في إفقار الأكثرية لكن هذا الإسقاط وخلال قيام الحكومات المتعاقبة لم نجد حلاً حقيقياً لهذه القضية الهامة وبقى الكورد الفيليين كما هم في السابق إلا اللهم بعض التغيرات التي حدثت بفضل مواقف القوى الخيرة التي تؤمن بحقوقهم المشروعة وبفضل الجهد الذاتي للكورد الفيليين أنفسهم لكن بقيت المسألة معلقة بهذا الشكل آو ذاك ولم تتخذ إجراءات علنية وواضحة لا على مستوى القوانين أو القرارات التي صدرت من قبل السلطة التشريعية ( البرلمان ) أو السلطة التنفيذية ( الحكومة )ولم تعالج بشكل جذري وواسع من قبل السلطة القضائية ( القضاء العراقي ) متطلباتهم الحقيقية ووفق أسس قانونية سليمة.

إلى متى ستبقى هذه القضية المأساة تنتظر الحل أو إيجاد الحلول المنطقية والموضوعية العادلة ؟ ومتى سيدرس البرلمان هذه الحالة وينسى ترهات مناقشاته وحوارت البعض البيزنطية وتبادل الاتهامات غير المجدية ويشرع قانوناً لإعادة حقوقهم بقوة القانون؟ ومتى تصدر القرارات بإرجاع ما فقدوه وتعويضهم بالكامل ؟ هل سينتظرون وننتظر إلى يوم القيامة ؟ وماذا يمنع من تحقيق العدالة ؟ .. أسئلة كثيرة مطروحة أمام الرأي العالمي والعراقي ككل بينما المأساة مازالت تفعل فعلها ولا ضوء ولو بسيط يمنح الطمأنينة والأمل للكورد الفيليين كمجموعة وليسوا كأفراد تحقق البعض كما أسلفنا بقدراتهم وجهدهم الذاتي.

على كل حال سوف ننتظر تحقيق العدالة بالنسبة لهؤلاء المواطنين من الآمرين الناهين في الدولة لكن عسى أن لا يكون مثل ذلك الانتظار اللانهائي الذي ذكره الكاتب الجيكي كافكا في روايته ” المحاكمة أو القضية ” لأنه انتظار مضني يؤدي إلى الهاوية الكارثة ويزيد المأساة مأساة ثانية.