الرئيسية » مقالات » التحديات التي تواجه شعب كوردستان و خيارات التصدي لها – القسم الثالث-تركيا : العقبة الكبرى أمام طموحات شعب كوردستان

التحديات التي تواجه شعب كوردستان و خيارات التصدي لها – القسم الثالث-تركيا : العقبة الكبرى أمام طموحات شعب كوردستان

1. التحديات المباشرة

تبلغ نفوس الكورد في الإقليم الشمالي من كورستان، الذي يخضع للحكم التركي، أكثر من عشرين مليون نسمة، أي أنهم يشكلون حوالي ثلث سكان تركيا. رغم هذه الكثافة السكانية العالية للكورد في تركيا، فأن الدولة التركية الطورانية العنصرية لا تعترف بوجود شعب كوردي في البلاد و تُحرّم الكورد من التمتع بحقوقهم القومية و الإنسانية و تمنع المواطن الكوردي من تعلم لغته في المدارس و المعاهد و الجامعات وتُحرّم إستعمال اللغة الكوردية في الدوائر الحكومية أو في وسائل الإعلام. هكذا تتعرض اللغة و الثقافة الكوردية للإهمال و الإلغاء. بالإضافة الى إهمال كوردستان و تركها بلا مشاريع إقتصادية و تعليمية، مفتقدة لخدمات إجتماعية و صحية، الأمر الذي جعل سكان الإقليم يعاني من الجهل و الفقر و التخلف الذي أجبر الملايين من الكورد على الهجرة الى المدن الكبيرة في تركيا، في سعيهم الى إيجاد فرص عمل لإعالة أنفسهم و أسرهم. كما أن الحكومة التركية العنصرية قامت بتهجير الملايين من الكورد من كوردستان الى مناطق تركية في محاولة لتغيير التركيبة السكانية لكوردستان و تتريكها. الفكر العنصري و الحقد الأسود للنظام التركي تجاه الشعب الكوردي وصل الى درجة، أن يصرح المسئولون الأتراك علناً بأنهم سيمنعون الشعب الكوردي من تأسيس دولته المستقلة حتى لو تم تأسيس مثل هذه الدولة على كوكب آخر. كما يجب أن لا ننسى أن الشعب التركي قد خضع لغسيل دماغ مبرمج من قبل الحكومات الطورانية العنصرية المتعاقبة على الحكم منذ تأسيس تركيا على أنقاض الإمبراطورية العثمانية بعد خسارة الأخيرة في الحرب العالمية الأولى. هذه التربية العنصرية تتم عن طريق مناهج الدراسة و الأبحاث و وسائل الإعلام، حيث يتم تلقين الطفل في المدرسة و تعليمه أفكاراً نازية تدّعي بتفوق العنصر التركي من قبيل ترديد أطفال المدارس عبارة ”أنا تركي وأنا سعيد أنْ أكون تركياً“. لذلك، فأن النظام التركي يتّبع سياسة قائمة على الإرهاب و القوة و البطش في إخضاع الكورد في الإقليم الشمالي، دون الإعتراف بوجود الشعب الكوردي و بحقوقه المشروعة و التفكير بحل المسألة الكوردية حلاً ديمقراطياً سلمياً بالإعتراف بحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره و الذي يؤدي الى وقف نزيف الدم بين الشعبين الكوردي و التركي و التفرغ للبناء و الإعمار و خدمة الشعبين و تحقيق الرفاهية لهما.

لا يخفى أن منابع نهري دجلة و الفرات تقع في الإقليم الشمالي، حيث أن المياه هي عصب الحياة. في منطقة الشرق الأوسط، فأن المياه ستصبح في المدى المنظور أكثر أهمية من البترول. التنافس على المياه و إستغلالها و التزود بكميات كافية منها، ستصبح مصدر تنافس و تناحر و حروب بين دول المنطقة، و خاصة بين كل من تركيا و كوردستان و سوريا و العراق. في الوقت الحاضر، قامت تركيا ببناء العديد من السدود في الإقليم و إقامة مشاريع إروائية و زراعية فيه، بالإضافة الى إستغلالها للمياه في إنتاج الطاقة الكهربائية. تكمن أهمية الإقليم الشمالي أيضاً في موقعه الإستراتيجي الرابط بين آسيا و أوروبا و كونه يشكل منطقة إستراتيجية تربط بين أوروبا و تركيا من جهة و كل من سوريا و العراق و دول الخليج حيث منابع النفط من جهة أخرى. الإقليم يحوي الكثير من المعادن التي يمكن أن تشكل مصدراً مهماً للمساهمة في إعمار البلاد و للتصدير و الحصول على العملات الصعبة. يصلح الإقليم أن يصبح قبلة للسياح المحليين و الأجانب، في الصيف، طلباً للشمس و الدفء و التمتع بجمال الطبيعة و سحرها و ممارسة هواية تسلق الجبال، و شتاء لممارسة رياضة التزلج على الجليد. كما أن كوردستان هي مهد الحضارات، حيث تخبرنا الكتب السماوية بنزول سفينة نوح على ذرى جبل جودي الواقع في هذا الإقليم الكوردي و كون كوردستان مهداً للحضارة االبشرية الثانية. تشير الأبحاث العلمية بأن اللغة و الكتابة ظهرتا في كوردستان لأول مرة في التأريخ و منها إنتشرتا الى بقاع العالم الأخرى و تطورتا تبعاً لإنتشارهما الجغرافي و التأريخي. لذلك، فأن الإقليم يحتضن آثاراً نفيسة و يحمل تأريخاً عريقاً، تجذب الكثير من السياح و المهتمين بالآثار و التأريخ للإطلاع عن قرب على الحضارة البشرية العريقة للشعب الكوردستاني، التي قامت أجدادنا الكورد العظام ببنائها، مقدمين بذلك خدمات كبيرة و جليلة للإنسانية جمعاء. هذه الحقائق التأريخية تثبت للعالم أجمع الدور الكبير للكورد في بناء صرح الحضارة الإنسانية و تُسكت تخرصات و تبجحات الأعداء الأقزام العنصريين و الحاقدين، الذين يجهلون التأريخ أو يتجاهلونه. كما أن كوردستان هي سوق للمنتجات التركية و العالمية و إستهلاكها. نظراً لهذه الأهمية الكبيرة التي يمتاز بها الإقليم الشمالي لكوردستان، و الطبيعة العنصرية للنظام التركي، فأن هذا النظام يتشبث بكل الوسائل المتوفرة لديها للتمكن من الإستمرار في إحتلال كوردستان و فرض تحكمه بها.

تمتع الشعب الكوردي بحقوقه و حريته في أي جزء محتل من كوردستان، يدفع الكورد القاطنين في الأجزاء الأخرى من كوردستان الى مزيد من النضال و العمل لإسترجاع حقوقهم المغتصبة. عليه، فأن خوف النظام التركي من تمتع الكورد بحقوقهم القومية و الثقافية و الإنسانية في الإقليم الجنوبي من كوردستان الملحق بالدولة العراقية، هو أحد الأسباب الرئيسة للتدخل التركي في شئون الإقليم الجنوبي و العمل على إجهاض التجربة الديمقراطية الفتية في هذا الإقليم و منع الكورد من التمتع بحقوقهم القومية. كما أن المحاولات المستميتة للنظام التركي في العمل على حرمان الكورد في الإقليم الجنوبي و إتباع سياسة عدائية تجاههم، تعود أيضاً الى الإدعاء التركي بالعائدية التأريخية للإقليم الجنوبي من كورستان لتركيا و الذي يحوي على مخزون هائل من البترول، و خاصة في كركوك. مشكلة الترك تكمن في تمسكهم بالأفكار الكمالية العنصرية و تربية الشعب التركي على الأفكار العنصرية و النازية التي تقودهم بكل تأكيد الى التهلكة و الكوارث و تعزلهم عن العالم المتمدن، إذا إستمروا في سياستهم العنصرية تجاه الشعب الكوردي و الشعوب الأخرى المتعايشة معهم. القادة الأتراك، أعمتهم أفكارهم الشوفينية، التي تجعلهم لا يرون التغييرات العالمية الكبرى التي حصلت في السنين الأخيرة، من إنهيار الإتحاد السوفيتي وظهور نظام عالمي جديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و مروراً بالعولمة و ثورة المعلومات و الإتصالات و الحرب على الإرهاب و تحرير العراق و التواجد الأمريكي في كل من العراق و أفغانستان و إنخفاض الأهمية الإستراتيجية لتركيا لكل من الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا، بعد إنتهاء الحرب الباردة و إنتهاءً ببزوغ عصر الديمقراطية و التعددية و قبول الآخر. يتصرف القادة الأتراك و كأنهم يعيشون في فترة الحرب الباردة، مما تجعلهم غير قادرين على إستيعاب المستجدات الإقليمية و العالمية و المفاهيم و الأفكار و القيم الجديدة التي أخذت تفرض نفسها على المجتمع الإنساني. الإستمرار في هذا النهج الخاطئ الذي عفى عليه الزمن و تخطاه، سيقود الشعب التركي الى مزيد من إراقة الدماء و التخلف و الدمار. المستجدات الإقليمية و العالمية تحتم على الأتراك من إعادة النظر في سياساتهم العنصرية تجاه الشعب الكوردي و القيام بإصلاح سياسي و إقتصادي و فكري و ثقافي و تربوي و إجتماعي في المجتمع التركي ليكون مؤهلاً لمجاراة التطورات العالمية و التلاقح معها، و إلا سيتخلف الشعب التركي عن الركب الحضاري و يسير نحو الهاوية. يجب أن تتضمن هذه الإصلاحات الإعتراف الكامل بالشعب الكوردي و حقه في تقرير مصيره..

بالنسبة الى العراق، فأن الكورد قد حققوا مكاسب كبيرة بعد تحرير العراق و نص الدستور العراقي على النظام الفيدرالي و الإعتراف بإقليم كوردستان. إلا أن طريق الكورد سوف لا يكون مفروشاً بالورود في سعيهم لتحقيق طموحاتهم و إستعادة حقوقهم القومية المشروعة، حيث المجتمع العراقي بشيعته و سنته، مجتمع متخلف و متعصب، الذي يضع أمام الكورد صعوبات جمة في الوصول الى أهدافهم. يستغل النظام التركي هذه الثغرة في المجتمع العراقي للوقوف بوجه الإنجازات الكوردية و المحاولة في وأد التجربة الكوردستانية الوليدة في الإقليم الجنوبي من كوردستان. زيارة السيد إبراهيم الجعفري مرتين الى تركيا و زيارة القادة العراقيين السنة لتركيا و دعوة السيد مقتدى الصدر من قبل الحكومة التركية و التي لم يتم تلبيته، بعد فضح الدور التآمري للسيد الجعفري مع الحكومة التركية ضد شعب كوردستان و مكتسباته، كلها كان ضمن مخطط تركي – إيراني – سوري للعمل على إنشاء كتلة عرقية من العرب الشيعة و السنة للإلتفاف على الفيدرالية و تطبيع الأوضاع في كركوك و بذلك حرمان شعب كوردستان في الإقليم الجنوبي من حقوقه المشروعة. كما أن رفض السيد إبراهيم الجعفري أن تبدأ لجنة تطبيع أوضاع كركوك بعملها و الإمتناع عن إطلاق الأموال المخصصة لهذه العملية، كانت قد تمت بالتنسيق مع الحكومات الإيرانية و التركية. سيستمر النظام التركي العنصري بكل تأكيد، في مساعيه العنصرية لخلق تحالفات عراقية تقف حجر عثرة في طريق التجربة الكوردستانية الفتية. إلا أن الظروف العراقية و الدولية و الوقت هي لصالح شعب كوردستان و مستقبله، و عليه تحتاج هذه المرحلة أن يكون الكورد واعين لما يدور حولهم من أحداث و دسائس و يتخطون الصعاب بحكمة و روية و حنكة.

من أولويات الأهداف التركية هي زرع الشقاق في صفوف القوى الكوردية لخلق حرب أهلية في الإقليم، و بالتالي تقويض الإدارة الكورستانية. إن الأعداء يريدون بث الفرقة بين الأطراف الكوردية لتشتيت قواها وإضعافها و من ثم الإنقضاض عليها. لذلك على الكورد أن يعوا مثل هذه المؤامرة الخبثة و يعملوا على فشلها بأن يحرموا سفك دماء كوردية بأياد كوردية و يكونوا في مستوى المسئولية القومية التأريخية، ليثبتوا للعالم أجمع بأنهم أمة متحضرة حية تستحق الحياة و التقدم و الإزدهار.

تحاول تركيا بنشر رجال إسخباراتها و زرع عملائها في الإقليم للتزود بالمعلومات الإستخباراتية و الأمنية عن الكورد و القيام بالتخريبات و الإغتيالات إذا إقتضت الضرورة وإذا سمحت الظروف الدولية لها بذلك، و خاصة في حالة توصلها الى معرفة الموقف الذي يتخذه كل من الإدارة الأمريكية و الإتحاد الأوروبي، الذي تسعى تركيا الى الإنضمام إليه، اذا قامت بعمليات تخريب أو إجتياح عسكري للإقليم الجنوبي. من الصعب جداً أن تجازف تركيا القيام بفعاليات معادية و تخريبية في الإقليم و المؤدية الى تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة و حرمانها من الدخول في النادي الأوروبي، و إلا ستكون بمثابة عملية إنتحار لها. من جانب آخر، في حالة نشوب حرب أهلية في العراق، قد تستعين الولايات المتحدة الأمريكية بتركيا لمساعدتها في التصدي لإيران و السيطرة على الأوضاع في العراق. في هذه الحالة، ستحاول الحكومة التركية، بكل تأكيد تحقيق تواجد عسكري في الإقليم و محاولة السيطرة على آبار النفط في كركوك، إذا نجحت في إقناع الإدارة الأمريكية بذلك و التفاهم معها حول ذلك، و العمل على تقويض الإدارة الكوردستانية و إجهاض التجربة الديمقراطية في الإقليم. الكورد الجنوبيون يجب أن يهيئوا أنفسهم لمواجهة أسوأ الإحتمالات و أخذ العبر و الدروس من نكسة الثورة الكوردية في عام 1975، حيث ليست هناك ثوابت في السياسة، و إنما متغيرات، ترتسم خطوطها البيانية في صعود و هبوط و إنحناءات، تبعاً لمصالح الفرقاء الأقوياء التي لها الكلمة العليا في إتخاذ القرار و تحديد النتائج. الوضع السياسي العراقي الحالي مقلق و مفتوح على كل الإحتمالات، منها إنهيار الحكومة العراقية و الدخول في حرب أهلية مدمرة، تمتد نيراها الى الدول المجاورة، مؤدية الى إشعال حرب إقليمية تدميرية تحترق المنطقة بنيرانها، والتي قد تسبب في إشعال حرب كونية ثالثة. عليه، يجب أن يكون الكورد مستعدين لمواجهة كل الإحتمالات الكارثية، و منها الإجتياح التركي لكوردستان. على شعب كوردستان أن يتهيأ لمواجهة مثل هذه المشاكل العويصة و ذلك بالإسراع بترتيب البيت الكوردي، بتحديد مرجعية سياسية متماسكة و متفاعلة و تشكيل حكومة وحدة وطنية و بناء جيش وطني موحد، بعيداً عن الإنتماءات و الولاءات الحزبية و جمع الأسلحة من الأفراد و المجموعات غير المنتمية الى القوات المسلحة الكوردستانية و العمل على تحقيق الإكتفاء الذاتي للمواد الغذائية عن طريق الإنتاج الزراعي المحلي و تأمين المشتقات البترولية، و أن يتم إستثمار آبار النفط في الإقليم و بناء مصافي لتكرير البترول و وضع خطط جيدة لحماية هذه الآبار و المصافي في أوقات الحرب و تأمين الكهرباء للمواطنين بالحصول عليها من الطاقة المائية و البترولية. في حالة الإجتياح التركي، يجب على الكورد تجنب حرب جبهوية مباشرة غير متكافئة مع القوات التركية، و إنما إتباع حرب العصابات سواء في المدن أو الجبال لإستنزاف القوى المعادية و هزيمتها. كما على الكورد في الإقليم الجنوبي أن ينسقوا و يلتحموا مع إخوانهم الكورد في إقليم شمال كوردستان الملحق بتركيا لنقل الحرب الى الإقليم الشمالي، بل توسيعها لتصل نيرانها الى إسطنبول و أنقرة و إزمير و غيرها لتصبح حرباً شاملة تغطي تركيا كلها. نحن، الكورد نملك الكثير من وسائل النصر على أعدائنا، لو توحدنا و عملنا على ترصين جبهتنا الداخلية و وضع خطط إستراتيجية ناجحة. العالم قد تغير و آن الأوان أن نغيّر أساليبنا القديمة البالية، التي هي التخندق في كوردستان و الإلتجاء الى جبال كوردستان للإحتماء بها من حملات المحتلين و و تقبع في بيوتنا، ننتظر قدوم جحافل الأعداء لفرض حروبهم علينا على أرض كوردستان و زرع القتل و الدمار و المصائب فيها. علينا أن نتحرك و نخرج من قمقمنا و ننقل الدمار الى عقر دار الأعداء و أن نتحرك سياسياً لتحقيق تحالفات إستراتيجية مع القوى الإقليمية و العالمية من حكومات و منظمات و أحزاب و جمعيات، لضمان حريتنا و تحررنا.

تحاول تركيا من جعل الإقليم الجنوبي من كوردستان تابعاً إقتصادياً لها، عن طريق عمل شركاتها و فتح بنوك لها في الإقليم للتحكم بإقتصاد الإقليم و أسواقه، و الذي يؤدي الى تعاظم النفوذ الإقتصادي و السياسي التركي، مشكلاً خطراً كبيراً على التجربة الكوردستانية الديمقراطية في الإقليم الجنوبي و على مكتسبات الشعب الكوردستاني و حقوقه و طموحاته القومية، حيث لا يخفى على أحد، الموقف المعادي لتركيا تجاه القضية الكوردية و عملها المتواصل في حبك المؤامرات و الدسائس لمنع الشعب الكوردي من تحقيق طموحاته القومية. صرح السيد أحمد الجلبي، نائب رئيس الوزراء العراقي، بعد الزيارة الأخيرة للسيد إبراهيم الجعفري لتركيا، بأنه تم إتفاق بين الجعفري و الحكومة التركية لإقامة مشروع عملاق للطاقة في كركوك من قبل تركيا، الهدف منها بدون شك هو التدخل التركي في شئوون محافظة كركوك و الإبقاء على أوضاع كركوك كما هي، دون تطبيعها و عودتها الى إقليم كوردستان. لإفشال مثل هذه المؤمرات و الخطط التركية الخبيثة، ينبغي على الكورد أن يشجعوا شركات غربية و آسيوية متعددة الجنسيات، ذات كفاءة و خبرة عالمية، و تابعة لدول صديقة، للقيام بالإستثمار في الإقليم لقطع الطريق أمام إحتكار شركة معينة أو دولة محددة للإستثمار في الإقليم و بالتالي منع الهيمنة الإقتصادية من قبل دولة معادية مثل تركيا، على الإقتصاد الكوردستاني و ممارسة الضغوط الإقتصادية و السياسية لفرض شروطها و سياساتها على الإدارة الكوردستانية. كما أن زيادة المصالح الإقتصادية التركية تمنح تركيا فرصة ذهبية للتدخل في شئوون الإقليم بحجة حماية مصالحها.

تركيا تلعب بالورقة التركمانية في العراق، حيث قامت بإنشاء الجبهة التركمانية و تمويلها بأموال طائلة لشراء الذمم، و خاصة في كركوك، بالإضافة الى الدعم الإستخباراتي و الإعلامي و التخطيطي الذي تناله هذه الجبهة من الحكومة التركية. تركيا تعمل على خلق جبهة بين مؤيدي هذه الجبهة و العرب المستوطنين في كركوك و عن طريق الضغط على الحكومة العراقية أو الإتفاق مع بعض أركان الحكومة العراقية للحيلولة دون عودة كركوك الى أحضان كوردستان و أن يصبح جزء من الإقليم الكوردستاني. لإحباط المخطط التركي، يجب على الكورد أن يحتضنوا التركمان و يقدموا لهم المساعدة و الدعم و الخدمات و إشراكهم في إدارة كوردستان و تثبيت كامل حقوقهم القومية و الثقافية و الإقتصادية في الدستور الكوردستاني لخلق مجتمع كوردستاني متجانس متساو في الحقوق و الواجبات، و لتكن التجربة العراقية الفاشلة عبرة لنا، حيث لم يستطع العراقيون، خلال عيشهم المشترك لأكثر من ثمانين عاماً، أن يصبحوا شعباً متجانساً تجمعهم أهداف و مصالح مشتركة بسبب إنفراد طيف عراقي واحد بالسلطة و إخضاع الأطياف الأخرى لحكمه بالنار و الحديد.

لا يخفى علينا أن تركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية و أنها دولة قائمة منذ إنتهاء الحرب العالمية الأولى، لذلك أنها تفكر بكل الخطط و الوسائل الممكنة للتآمر على الشعب الكوردي. إحدى هذه الوسائل قد تكون ترويج المخدرات و المشروبات الكحولية و تشجيع التدخين بين الشباب الكوردستاني، عن طريق تهريب المخدرات الى الإقليم و غرق السوق الكوردستاني بالمشروبات الكحولية و السجائر الرخيصة الثمن لإدمان الشباب عليها و عزلهم و إبعادهم عن قاعات الدراسة و معامل و مصانع العمل و الإنتاج. قد يلجأ النظام التركي أيضاً الى نشر الفساد و تجارة الدعارة في الإقليم لإلهاء الرجال، و خاصة الشباب منهم و حرمان كوردستان من الطاقات و المواهب و الخبرات البشرية لشبابها في إدارة الإقليم و بنائه، خالقة مجتمعاً مريضاً خاملاً، غير قادر على الإبداع و التطوير و البناء.

تقول الأخبار بأن تركيا تفكر بإفتتاح جامعة تركية في إقليم جنوب كوردستان، حيث الهدف منها هو التدخل في شئوون الإقليم و زيادة النفوذ و التغلغل الى داخل الإقليم لشراء الذمم و خلق تكتل تركماني معاد للكورد، بالإضافة الى بث سمومها الثقافية و إطلاق العنان لمخابراتها و عملائها للقيام بالتجسس و التخريب و الإغتيالات و كيد المؤامرات و خلق الفتن. كما يبذل النظام التركي جهوداً كبيرة لتصدير الثقافة التركية و التأثير على الشباب الكوردي عن طريق التكثيف بتصدير كميات هائلة من الأفلام و الأغاني و الموسيقى التركية. هنا لا أنطلق من مفهوم عنصري أو كمحاولة لحرمان الكورد من الفن التركي، و إنما أحذّر من خطر طغيان هذا الفن و إحتكاره و هيمنته على الساحة الكوردستانية.