الرئيسية » مقالات » الأنفال الكوردية

الأنفال الكوردية

ان جريمة الأنفال جريمة بشعة بحق الانسانية وجريمة ابادة للجنس البشري لانها قضت على الجنس البشري لمجموعة اثنية مسالمة تعمل في الزراعة وتحرث ارضها ولم تكن متورطة باية اعمال عسكرية وان الضحايا كلهم كانوا من المدنيين المسالمين الذين لم يشتركوا باي اعمال مسلحة ، والأنكى من ذلك ان البعض منهم كان يعمل مع النظام وفي مؤسساته المدنية والخدمية والتعليمية وفي دوائر الدولة المدنية

ان استغلال الدين الأسلامي في ارتكاب جرائم ضد الانسانية يعتبر من الاعمال المشينة تجاه الشعب الكوردي المسلم وان البحث عن ايات قرانية لتبرير العمل الوحشي تجاه الكورد هو عمل قبيح وكفر من الناحية الدينية وجريمة من الناحية القانونية وكان النظام دائما يردد في جرائمه الأيات القرانية التالية من سورة الأنفال

بسم الله الرحمن الرحيم
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
صدق الله العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
صدق الله العظيم
كان هذا اليوم اشبه بيوم القيامة وانت واقف امام الله ، بهذا القول بكى وهو ينطق هذا القول احد الناجين من القصف الكيمياوي بالغازات السامة على مدينة حلبجة ، نعم ان يوم القيامة يعتبر تعبيرا مجازيا بسيطا لما حدث في حملات الأنفال الثمانية ضد شعب آمن دمرت اكثر من اربعة آلاف قرية من قراه المبنية بالطين وتم ابادة اكثر من مائة وثمانين الف نسمة من شعبه في عام 1988
من هذا الشعب الذي تم ابادته ولماذا ، ان القانون يعرفهم بمجموعة اثنية مميزة بلغتهم الخاصة وعاداتهم وتقاليدهم التي تختلف عن العشائر العربية التي تسكن في العراق وقد تم استهدافهم وقتلهم بسبب كونهم ينتمون الى القومية الكردية ، ان جريمة ابادتهم شملت كل مناطق سكناهم وهي مناطق ريفية وليست فيها اي مظاهر عسكرية
ان سياسة تدمير القرى والارياف والبشر والحيوانات والنباتات وكل كائن حي في المناطق الكردية هي عملية مكملة لسياسة التعريب والتهجير القسري التي حدثت في بقية المناطق الكردية المكتظة بالسكان الاصليين من الكورد ، كما ان حملات الأنفال جاءت مكملة لتدمير مدينة حلبجة بالغازات الكيماوية وابادة سكان المدينة من المدنيين جميعهم
لقد جمعت منظمة مراقبة حقوق الأنسان في الشرق الاوسط ما مجموعه ثمانية عشر طن متري من المعلومات والوثائق وهي حصيلة عمل دؤوب لمدة اربعة سنوات جمعت هذه المعلومات من شهود العيان ومن الأرشيف الوطني في واشنطن ومن ادلة بعثات الطب العدلي وكذلك من خلال التقاءها بالعديد من الناجين ومن دراساتها وزياراتها الميدانية لمناطق الأبادة الجماعية وكانت هذه الحصيلة من المعلومات قد استغرقت عملا دؤوبا دام أربعة اعوام من سنة 1991 ولغاية 1994
لقد قتلوا ما بين شهري شباط وايلول في سنة 1988 ما مجموعه اكثر من مائة و ثمانين الفا من النساء والأطفال حسب تقديرات منظمة مراقبة حقوق الأنسان حيث قتلوا بشكل منظم وباعداد كبيرة وباوامر من الحكومة المركزية التي كان يراسها المجرم صدام حسين وكان علي حسن المجيد الملقب بعلي الكيمياوي هو الأمر الفعلي للعمليات العسكرية في المنطقة
كان القتل يتم بعد ان يتم جمعهم من قراهم ليقتلوا بشكل جماعي في مقابر جماعية في جنوب العراق وغربه ، وبعد ذلك تدمر قراهم ويتم ملاحقة الهاربين والفارين من مجازر الموت الى ان يتم القبض عليهم وقتلهم وابادتهم وتسوى قراهم بالارض وتنهب ممتلكاتهم وتعتبر تلك المناطق بعد ذلك مناطق عسكرية محرمة على ساكنيها من الرجوع اليها ويعدم كل من يخالف هذه الأوامر الصادرة من الحكومة المركزية في بغداد
من الناحية القانونية لم تكن هناك فرصة سانحة ان تشكل محاكم وطنية في نفس زمن وقوع الجريمة للتحقيق والبحث في هذه الجريمة البشعة لكون الحكومة العراقية هي التي قامت بالجريمة وان السلطات العراقية قد اطبقت السرية التامة من الناحية الاعلامية على جرائمها وكانت تصرف الملايين من الدولارات في كم الأفواة والدعاية الأعلامية لحملاتها والتشوية بسمعة الكورد وشعبهم ومحاولة تغطية جرائمها البشعة من خلال تلميع صورتها بواسطة الاعلام الشوفيني العربي المرتشي كما وان الحكومة المركزية استغلت اسم آية كريمة من سورة الأنفال في القران الكريم بشكل بشع وسخرت القران واياتها وسوره لاستغلال عمل جرائمها وجعلت من حملاتها الهمجية ان يطلق عليها اسم الأنفال
بسم الله الرحمن الرحيم
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
صدق الله العظيم

وعلى الرغم من كل المحاولات الفاشية للنظام في قمع وكم الافواه الا انه كانت هناك محاولات قانونية ودولية لكشف الجريمة وفضح النظام واعوانه ورموز جرائمه واخيرا تشكلت محكمة الجنايات العراقية الكبرى لتعقد اول جلساتها في 21 من شهر آب / اغسطس من سنة 2006 لجلب راس النظام المجرم صدام حسين ومثوله امام القضاء وبحضور الشهود وحضور منظمة مراقبة حقوق الأنسان بصفة مراقب والتي كان لها دور كبير في جمع الأدلة الثبوتية وملاحقة المجرمين دوليا وفضحهم
سيمثل العديد من اعوان النظام العفلقي البائد من امثال المجرم علي حسن الكيمياوي ولا نعرف هل سيحضر علي حسن المجيد وبيده نسخة من القران الكريم لكي يلقي على مسامعنا ايات من سورة الأنفال مرة اخرى وهل ستسمح المحكمة باستغلال طهارة الدين من قبل هؤلاء المجرمين العتاة كما سيمثل امام المحكمة المجرم طاهر توفيق العاني الذي كان يشغل منصب محافظ الموصل ومجموعة اخرى من العسكريين ، ومن الجدير بالذكر ان الشرطة الدولية الأنتربول تلاحق المجرم نزار الخزرجي الذي كان يقود الفيلق الاول المسؤول عن الحملات العسكرية في وقتها والذي هو هاربا من وجه العدالة ويختبئ في احدى دول الخليج العربي
لم تفلح المحاولات الدولية في السابق في محاكمة النظام العراقي على ما ارتكبه من جرائم ولم تفلح المحاولات في ايصال القضية الى محكمة العدل الدولية بسبب النفاق السياسي الدولي والمصالح الدولية المتشابكة وكانت محاولة ادارة حكومة بيل كلنتون الرئيس الاميركي في سنة 1993 من وضع مقترح في جدول اعمال مجلس الأمن في شهر تموز كانت غير جدية ومحاولة تنفيذها شابتها الشكوك نتيجة ضعف القائمين على اثارة الدعوة القضائية وعدم جديتهم الكاملة ونقص موارد التمويل مما جعل من هذه القضية ليست ذات اولوية كبيرة وكان هناك امل بان تحال القضية الى محكمة العدل الدولية في هايغ ولكن هذه المحاولة ايضا لم تكن موفقة بسبب النشاط الفعال للحكومة العراقية وصرفها الملايين وكوبونات النفط لرشوة كبار المسؤولين الدوليين وبذلك اهملت حقوق المؤنفلين ولكن نجحت المحاولات في ايجاد حماية دولية للكورد من جريمة الأبادة الجماعية لهم

بالنسبة للادلة والوثائق تم الحصول عليها من سجلات مديريات الأمن العامة ومن مديريات الأستخبارات العسكرية العامة ومن سجلات حزب البعث ومراسلاته ، كما ان الشهادات الشفهية والتي بدات منظمة مراقبة حقوق الأنسان بجمعها في نيسان من عام 1992 ونيسان عام 1993 هي من الادلة المهمة وقد استطاعت المنظمة من استجواب وتسجيل شهادات اكثر من 350 شخص من الناجين من حملات الأبادة الجماعية
كما ان هناك تصريحا للمجرم علي حسن المجيد امام الاعضاء المشاركين في المفاوضات الفاشلة مع الحكومة العراقية عام 1991 وبحضور علي حسن المجيد حيث اعترف امامهم بانه قتل واباد مائة الف شخص وكان بذلك يحدد حجم العدد المباد وليس اعترافا منه بذنبه في ابادة الشعب الكوردي

ان المحققين الدوليين الذين اشتركوا في تحديد الجريمة يتكونون من ثلاثة تخصصات تترابط في عملها الجماعي والذي يكمل احدهما الأخر وهذه المجموعات هي مجموعة المحققين العدليين في مجال الأنثروبولوجيا وكذلك مجموعة المحققيين الأركولوجيين والمحققيين القانونيين ، لقد عملت هذه الفرق على فتح المقابر الجماعية واخراج الجثث من القبور وقد نبشوا القبور في اكثر من موقع وتعرفوا على الجثث وطابقوا ما وجدوه مع الملاحظات المسجلة من شهادات الشهود