لاشك ان الاكراد محاربون اشداء وذلك بشهادة جميع المؤرخين والمستشرقين والرحالة . الا ان التاريخ القديم لم يشهد دولة للكرد قط والكرد كانوا جنود ا لدى ملوك الرومان وبزنطية وفارس والعرب . بعد فتح العربي –الدولة الاموية –الدولة العباسية – وكذلك خدموا المغول والدولة
الصفوية والدولة التركية بعد انتقال الخلافة الاسلامية اليهم لقد شكل الاكراد دول وممالك في العهد الاسلامي .مثل سلالة بني شداد-وسلالة بني مروان-وسلالة بني عناز-والمملكة الايبوية.الا ان هذه الكيانات كانت تابعة لمركز الخلافة الاسلامية وذات طابع قبلي صرف .لقد تضائل دور الكرد وبشكل كبير بعد ظهور المغول على المسرح السياسي الاسلامي ولكن مع هذا لم يتقاعس الكرد عن خدمة الخليفة العربي ولقد تبنوا الحضارة الاسلامية واشتركوا عمليا في الحرب ضد الصليبين وتحرير القدس والكرد كانوا دائما مستعدين للمحاربة باسم الدين الاسلامي ونشره وبلا شك ان الاكراد قدموا الكثير للحضارة الاسلامية ويعود السبب في عدم قيام دولة كردية الى العقلية القبلية المتاصلة لدى الكردى اذ ان الكردي يضع مصلحة القبيلة التي ينتمي اليها فوق كل الاعتبارات بما فيه القومية والدينية ومع الاسف لم يتمكن الكردي الى هذا اليوم من التغلب على النزعة القبلية المسيطرة على كيانه بشكل كلي وتسود بين الاكراد العقلية الاقطاعية بشكل عنيف ويتعاملون مع قضاياهم السياسية ايضأ بتلك العقلية . قد يكون السبب في عدم قيام دولة كردية هو ان الاكراد ليسوا من دم واحد كما فسرها شيخ الدراسات الكردية العلامة مينوريسكي اذ يقول ان الاكراد هم مزيج من قبائل عديدة متنقلة وليسوا من دم واحد ولا اعلم اذا كان هذا الباحث المتضلع في شؤون الكرد منسفأ في قوله هذا ام لا علمأ ان في قوله الشيء الكثير من الحقيقة واعتقد ان السبب في تاخير نمو الشعور القومي لدى الكرد ناتج من ذلك ..0.وقد روى عنهم المستشرقون والرحالة قصص وامثال تطعن في سلوكهم واخلاقهم مثل حبهم العنيف للسلب والنهب والسرقة والقتل لاتفه الاسباب لسنا بصددها الان .وقد لعب الاكراد ادوارأ على جانب كبير من الخطورة في مصائر الخلافة واخصامها واذكر هنا دور ابو مسلم الخراساني في قيام الدولة العباسية هذا الشخص قد حطم الدولة الاموية وانتزع الخلافة من الامويين بقوة ساعديه ونصب ابو جعفر المنصور على الخلافة العباسية ومع كل هذا امر المنصور بقطع راس الخراساني وذلك خوفأ على عرش ال عباس منه ولقد وضع المنصور قدمه على دم المذكورقائلاً الان قد ثبت ملك العباسين ويقول الشاعر هوميل الملقب بابي الدلامة عن هذه الواقعة :
ابا مجرم افي دولة المنصور حاولت غدرها . الا ان اهل الغدر اباك الكرد
وكذلك قد تاسس مملكة هارون بن الرشيد على عاتق البرامكة واخص بالذكر يحيى البرمكي واولاده الثلاثة وتلقوا نفس مصير الخراساني على يد هارون الرشيد حيث امر هذا الاخير بقطع دابر البرامكة من التاريخ .وايضأ دور المقاتلين الكرد في تحرير القدس بقيادة البطل صلاح الدين
وفي القرن السادس عشر للميلاد احتل بلاد الكرد فاتحون اخرون من الغرب وهم الاتراك العثمانين وبعد قيام الامبراطورية العثمانية لقد شارك الاكراد
بكل الحروب التي وقعت بين الفرس والاتراك مصطفين تارة مع الفرس واخرى مع الاتراك علمأ ان الاكراد كانوا اكثر المتضررين في تلك الحروب حيث ان الاكراد استخدموا كوقود لتلك الحروب من الطرفين واستخدمت اراضي كردستان كساحة للقتال . لقد نجح سلاطين الاتراك في كسب الاكراد الى جانبهم وقد مثل هذا الدور حكيم ادريس وهو زعيم كردي من بدليس حيث لعب دورأ كبيرا في انجاح معاهدة التحالف والصداقة المعقودة بين تركيا وثلاث وعشرون امارة كردية وبانتصار الاتراك على الفرس بمشاركة الكرد في معركة جالديران الشهيرة في (1514م) لذا ارتبط مصير الكرد بالدولة التركية وبمو جب المعاهدة المذكورة انفأ لقد تتطوع الاكراد لخدمة السلاطين العثمانين مدة مائة وخمسون سنة واشتركوا في كل الحروب التركية التي كانت تسمى بالجهاد ولحرب المقدسة وقدموا للحروب العثمانية ما يفوق عشرات الالاف من الضحايا البشرية وبهذا اصبح الاكراد الة طيعة في ايدي الدولة التركية واداة عمياء تستخدمها تلك الدولة لضرب الارمن والنصارة وكانت النداء الى الحرب المقدسة من قبل الاتراك تلقى رضى وقبول كبيرين لدى امراء الكرد السذج .علما ان تلك الحروب بمجملها كانت ضد مصالح الكرد القومية والوطنية والاتراك لم يتوانوا عن استغلال المشاعر الدينية لدى الكرد لغاياتهم الاستعمارية . ولقد برهن الاكراد في كل العهود الاسلامية بان الاسلام او الدين الاسلامي فوق كل جنس وعصبية قومية وسلوك بعض الشخصيات الكردية التي حكمت خارج وطنها يؤكد ذلك مثل صلاح الدين الايوبي الذي حكم مصر وسوريا وفلسطين وكريم خان زند الذي حكم بلاد فارس وغيرهم كثيرون ولا شك ان الاكراد قدموا الشيء الكثير للحضارة الاسلامية وكانوا دائما في طليعة تلك الجيوش وحروبها باسم الجهاد والدفاع عن الاسلام ولم يتردد الكرد ابدا في نشر رسالة الاسلام وكانوا مستعدين دائما لتقديم الغالي والنفيس من اجل الدين الاسلامي الى ان جاء الضابط العثماني مصطفى كمال باشا ودق البسامير الاخيرة في نعش الامبراطورية العثمانية وقد اعلن قيام الجمهورية التركية الدولة القومية للترك الطورانين .ومع الاسف الشديد ان كل الشعوب الامبراطورية المذكورة قد حصلوا على استقلالهم عدا الشعب الكردي الذي استثنى من هذا الحق ومن ثم ابدلت الدولة التركية اسم الكرد باتراك الجبال وعند مطالبة الاكراد حقهم في الاستقلال من الدولة التركية اسوة بجميع الشعوب التي كانت في ظل الامبراطورية المذكورة كانت الدولة التركية تضربهم بكل قسوة ووحشية وكانت تقول للراى العام العالمي ان المدنية تكافح البربرية .اما بالنسبة لوضع الاكراد في ظل الدولة الفارسية لم يكن باحسن حال من وضع بني جلدتهم الكرد في تركيا وبالرغم من الانتماء الشعبين الفارسي والكردي الى سلالة عرقية واحدة (العرق الاري) مع ذلك ان الدولة الفارسية لم تتهاون ابدأ مع الاكراد كما انها لم تتردد في قمع حركاتها المطالبة بالاستقلال .ولا يخفى ان المشكلة الكردية قد طرحت على بساط البحث منذ الحرب العالمية الاولى وان هدف الاكراد هو انشاء وطن قومي لهم ولقد عقدوا الامال على عصبة الامم ولكن تخطيط الحدود في ذلك الوقت لم يلبي مطالبهم القومية اذ شتت شملهم بين عدة دول وكانت خيبة امل هذه سبب استيائهم الشديد الذي عبروا عنه بثورات دامية .وعندما نتناول القضية الكردية يتبادر الى اذهاننا الاسئلة التالية كما يقول الباحث المتضلع في شؤون الكرد باسيل نيكيتين هل الكردي جدير بخلق دولة خاصة به هل تدوم هذه الدولة هل تكون هذه الدولة عنصرللسلام وامان في المنطقة وهل ستكون ولادتها سببا لزيادة التعقيد الحالة في الشرق الاوسط .وبالرغم من كل السلبيات والاخطاء التي ارتكبها الكرد في تاريخهم يمكنني القول وبشكل جازم وانطلاقأ من حق الشعوب في تقرير مصيرها ان قيام دولة كردية سوف يكون عنصر سلام واستقرار ومن العسف القول بعكس هذا الكلام وبالتالي من حق هذا الشعب اسوة بجميع الشعوب العالم تشكيل دولة خاصة به . ومن الخطورة بمكان عدم الاقرار بحق هذا الشعب الذي يفوق تعداده الخمسون مليون نسمة مجزئين بين اربع دول.قدم الاكراد عشرات الالاف من الشهداء في سبيل تحرره واستقلاله وقلما نجد شعب يتوق الى الحرية ويعشقها مثل هذا الشعب واذا كان ترسيم الحدود بعد الحرب العالمية الاولى من قبل عصبة الامم والتي جاءت مخيبة لامال الكرد الا ان الظروف الموضوعية الحالية التي يتسم بها منطقتنا تسمح بتصحيح واصلاح ما ارتكبته عصبة الامم والدول المنتصرة بحق الكرد في ذلك الوقت ومن المستحيل ان يعم السلم منطقة الشرق الاوسط بدون حل للمشكلة الكردية .مع ان الاكراد سطروا صفحات سوداء ومشينة في تاريخهم في ظل الامبراطورية العثمانية عندما كانوا بمثابة الة طيعة بايدي الاتراك اذ استخدمتهم الدولة التركية في مذابح الارمن والنصارى وخصوصأ بعد تشكيل سلطان عبد الحميد الثاني افواج الخيالة الخفيفة من المسلمين الكرد و الالبان والعرب واطلق عليهم تسمية الفرسان الحميدية استخدمت تلك الافواج في حروب قذرة وفي مذابح المذكورة انفأ في اعوام 1896م -1905م التي حصدت رقاب ما يقارب المليون والنصف مليون من الارمن والنصارى ويجدر بالذكر ان الشعب الارمني له ارتباط عميق الجذور مع الشعب الكردي من الناحية التاريخية واقول هنا اذا كان الكرد فعلا يريدون قيام دولة كردية مبنية على اسس ديمقراطية صحيحة تحترم حقوق الاقليات الدينية والقومية الصغيرة في كردستان يجب علينا الاعتراف ونقد النقاط السوداء في تاريخنا وعلى راسها مذبحة الارمن الفظيعة بكل جرأة .وعلينا تثبيت حق الاقليات الدينية والقومية في دستورنا الاقليمي وفي الوقت الذي يمر فيه شعبنا بمرحلة حرجة وحساسة ومستقبل امتنا الكردية تلجها اختبارا صعبا ارى من الضرورة بمكان على حكومتنا الاقليمية اتخاذ وتبني خطوات جريئة لاقتلاع الجذور الفكر السلفي المتطرف من مجتمعنا الكردستاني وذلك من خلال عولمة المجتمع الكردستاني وتثبيت مبدا فصل الدين عن الدولة في دستورنا الاقليمي وذلك لضمان عدم تكرار ما حدث في نهاية القرن التاسع عشر مع التاكيد ضمان حق العبادة لكافة الجماعات الدينية والمذهبية في الاقليم وبهذا سوف نضمن تماسك الجبهة الداخلية في كردستان الحبيبة.بعد انهيار الامبراطورية العثمانية اعلن عن قيام دولة العراق بمساندة بريطانيا وعند تاسيس الجيش العراقي في 1924م بادر ضباط الكرد الذين كانوا في الجيش العثماني المنهار بالانضمام الى الجيش العراقي مثل الضابط محمد امين زكي بك الذي شغل منصب رئاسة الاركان والضابط بكر صديق عسكر الذي شغل نائب رئاسة الاركان و ضباط اخرين من الكرد وقد كان للضباط الكرد شرف الريادة في رفع العلم العراقي اول مرة وقدموا خدمات كبيرة لدولة العراق التي قد تاسست حديثأ بكل اخلاص وتفاني ولا شك بانهم كانوا يجهلون بان هذا الجيش سوف يتحول في المستقبل الى اداة قمع وتدمير وتطهير العرقي في ايدي الانظمة والحكومات العراقية المتعاقبة ويستخدم في ضرب بني جلدتهم الكرد ويتسبب في تدمير واحراق 4500 قرية وقصبة في كردستان و مقتل وافناء 182 الف مواطن كردي خلال حملات الانفال السيئة الصيت في الربع الاخير من القرن العشرين والجيش المذكور قد اتبع بحق سياسة الارض المحروقة في كردستان الجنوبية وضرب مدينة حلبجة الصغيرة بالاسلحة الكيماوية المحرمة دوليأ وبالرغم من كل هذه الجرائم الذي اقترفتها الحكومات المتعاقبة على دسة الحكم في العراق وبالاخص النظام البعثي الشوفيني المقبور بحق الشعب الكردي لم يصدر عن الدول والحكومات العربية والاسلامية حتى هذه اللحظة بيان استنكار تدين فيها الجرائم الذي ارتكبها النظام المقبور بحق شعبنا وكأن الشعب الكردي المسلم ليس له أي ارتباط ووشائج تاريخية ودينية مع الشعوب الاسلامية وبالاخص العربية منها .
شيخ مصطفى/مركز لالش شاريا