الكورد من الشعوب العريقة والشجاعة، ومنذ القدم فإن الإعداد البدني والقتالي كان جزءاً لا يتجزأ من إسلوب حياتهم في طبيعة وتضاريس ومناخ كوردستان إلى جانب الإستعداد من أجل الدفاع عن النفس والأرض ضد الأعداء من الجوار، يقول المؤرخ اليوناني الشهير (كان نيقون) في كتابه الشهير (أناباس) سنة (401ق.م) عن شجاعة الكورد الخوريين، أي الكورد الذين يعيشون في الجبال بأنهم أناس شجعان وأقوياء البنية لن يرضخوا لسلطة الملك (كركس) ولا لحكم الأرمن ثم يصف هذا المؤرخ بالتفصيل الحرب التي خاضها معهم وهو على رأس عشرة آلاف جندي يوناني كان يقودهم في طريق العودة من بلاد فارس إلى اليونان وعندما شعر الكورد بأن عدداً من مقاتلينا عبروا النهر فإنهم زحفوا إلينا وهاجمونا وهم يغنون. تذكر بعض المصادر أن كلمة (كورد) هي تحوير لكمة (غوردين) أي الشجاعة بالفارسية القديمة، وقد إستوطنت قبائل (غوردين الكوردية) في منطقة (زاكروس) منذ أقدم عصور التاريخ. يقول الكاتب (درايفر) في كتابه الكورد في المصادر القديمة، ترجمة (د. فؤاد حمه خورشيد 1986 بغداد) إلى الكلمة الفارسية (كورد) التي تبدو منحدرة من أصل الكلمة البابلية (كاردو) تعطي معنى الشجاع الباسل أو المحارب، كما أشرنا سابقاً وأن البطولة وحب القتال هي من سمات الكورد الظاهرة، ومن الفرس إنتقلت الكلمة (كورد) وأصبحت الإسم الأوروبي الشائع للشعب الكوردي.
يقول (لوقان (ودو) أن الشعب الكوردي يرجع في أصالته الأنثولوجية إلى القبائل المعروفة تاريخياً بالميتانيين والكاسيين والماديين وغيرهم من القبائل التي عاشت في تاريخ قبل الميلاد، واليوم تعرف خطأ بالدولة أو الأمة الفارسية (جوزيف كليما- مجتمعات وادي الرافدين قديماً، براغ 1962) ومهما إختلفت الآراء وتضاربت الأدلة فإن الكورد هم من أصل آري كالإيرانيين وغيرهم من شعوب آسيا الصغرى.. يقول الكاتب (باسيل نيكتين) نستطيع أن نطلق على الكورد فرسان الشرق لكل مافي الكلمة من مدلول فيما إذا كانوا يعيشون حياة أكثر تحضراً ذلك أن الصفات المشتركة لهذا الشعب إستعداد دائم للقتال وإستقامة وتفان مطلق في خدمة أمرائهم، ووفاء للعهد وحسن للنساء والضيافة وحب للفروسية وإحترام فائق (جلال الطالباني- كوردستان والحركة القومية الكوردية- بيروت 1971). يقول السيد حسن مصطفى: الكورد يعرفون جيداً طبيعة أراضيهم معرفة تامة وهم يحسنون الإستفادة من عوارضها ولديهم قابلية بدنية جيدة على التنقل فيها وتحمل مشاقها، ولعل أكبر دليل قاطع على شجاعة وأصالة وقوة الشعب الكوردي الحملة العسكرية التي قادها البطل والقائد الكوردي (صلاح الدين الأيوبي) والذي ينتمي إلى قبيلة (راوند) الكوردية التي إستوطنت منطقة (يفين) في إقليم (يريفان) ضد الحملة الصليبيية الأوروبية، وقد أقم إمبراطورية ضمت مصر وسوريا ووادي الرافدين، ودام الحكم الأيوبي (1169-1250م)، ويعتبر صلاح الدين الأيوبي من بين الأبطال والشخصيات اللامعة في التاريخ وهو ينتمي إلى أسرة أيوبية. والواقع |أن هذه الأسرة أقامت دولة إسلامية وليس دولة خاصة بالكورد. كان صلاح الدين الأيوبي شجاعاً قوياً وفارساً يتميز بالروح الإنسانية وعالماً في الدين. كان القائد صلاح الدين يمارس أيضاً بعض الألعاب الرياضية مثل الرماية والفروسية وكان يمارس أيضاً لعبة (بولو) كما كان يدرب جيشه على تلك الفعاليات وغيرها من الأدوات التي أستعملت في الحروب آنذاك. كما إستطاع توحيد المسلمين من الكورد والعرب تحت راية إسلامية، ومن الجدير بالذكر أن هذا نظام القائد إستطاع فتح (القدس) سنة 1178 وكان نظام الإعداد البدني والقتالي والعسكري لجنود صلاح الدين في الكثير من التدريبات العنيفة وكان لفرق الكورد دور كبير في محاربة الصليبيين نظراً للمزايا القتالية العالية التي كانوا يتمتعون بها وكان يقال عنهم (فرسان الشرق) لأنهم فضلاً عن شجاعتهم الفائقة عرفوا أصول إستعمال السيف ويذكر أن الناصر صلاح الدين بعد توليه الوزارة المصرية سنة (1169) حل الجيش المصري المكون من البربر وا{من والعبيد السود وإتخذ عساكر من الكورد. وهكذا فإن التاريخ الكوردي القديم حافل بالإثباتات والأدلة القاطعة على ماقدمه الشعب الكوردي في الحضارات القديمة من بطولات وشجاعة وقدرة قتالية، وإن هذا الشعب قد إتبع منهجاً منظماً وأصولياً في الإعداد البدني رفيع المستوى، وأن الأمة الكوردية فخورة بهذه الحضارة العريقة والغنية والمشرقة
جريدة آفاق الكورد: العدد 41 -23 /5 /2006