الرئيسية » اللغة » اللغة والآداب الكردية

اللغة والآداب الكردية

اللغة الكردية هي كسائر اللغات الآرية الشرقية متفرعة من البهلوية والسنسكريتية والميدية. وكانت هذه اللغة تكتب قبل الاسلام من الشمال الى اليمين بابجدية مستقلة، لها شبه عظيم بالأبجدية الآشورية والأرمنية. وقد تركت هذه الأبجدية بعد الاسلام اكتفاء بالأبجدية العربية التي هي لغة القرآن المبين.
واللغة الكردية الحالية تنقسم الى أربع لهجات مختلفة، وهي الكرمانجية والصورانية واللورية والكهلرية. فأقرب هذه اللهجات الى البهلوية هي اللورية، نظراً لقرب مكان الألوار من مركز البهلوية الأولى، ولعدم تأثرهم كثيراً من الكلدان والآشوريين. وتليها في القرب الكهلرية الصورانية ثم الكرمانجية، إلا أن الأخيرتين تأثرتا كثيراً من اللغتين الآشورية والكلدانية لمجاورتهما لهما.
ولتوضيح هذه المسألة، ننقل هنا خلاصة ما كتبه صاحب جغرافية ملطبرون منذ أكثر من مائة سنة في بيان معنى كلمة ـ ايران، يران، حسبما هو شائع في الشرق أو ” ايرانة، آريانة “، كما هو معروف في الغرب، وفي تطور اللغات الايرانية التي استعملت بين الأمم الايرانية ذات المدنيات الكبيرة فقال:
” ان الأقدمين كانوا يفرقون بين الآريين والاسقوثيين ” التتار ” كما كانوا يميزون بين كلمت ” توران وايران “، حيث وجد مكتوباً على مباني صخرية كلمة ” آريانة ” وهي عين اسم ” آريان ” الذي كان معروفاً لليونان. إلا أن بعض العلماء من اليونان لم يكونوا يطلقون هذا اللفظ إلا على شرقي ايران الحالية، خراسان وأفغان، ولكن هيرودوت نص على عموم اطلاق لفظ ايران على جميع البلاد الواقعة بين نهر السند، وبين وداي دجلة والفرات شرقيها وغربيها، لأن أهل ميدية ايضاً كانوا يسمون آريين بلا شك “.
وان أقدم لغات آريانة هذه هي لغتا الزند والبهلوان. أما اللغة الزندية فكانت لسان الكتب الايرانية القديمة المسماة بزنداوستا، حيث كانت تسود هذه اللغة المناطق الشمالية من هضبة ايران ابتداء من غربي بخارى الى أذربيجان، ولا تزال هذه اللغة مقدسة عند المجوس في هذه العصور الأخيرة كلغة السنسكريت التي هي مقدسة عند علماء الهنود. ويؤيد هذا بأن بين هاتين اللغتين القديمتين كثيراً من الأصول المشتركة.
وأما اللغة البهلوية أي لغة الأبطال والمحاربين، فالظاهر انها كانت مستعملة في العراق العجمي وميدية الكبرى وعند البرثة أيضاً ” مقاطعة فارس “، وذهب بعضهم الى ان هذه اللغة هي اللغة الوحيدة التي كانت تستعمل في قصور ودواوين الملوك الذين هم من نسل قيروش. نعم إن فيها كثيراً من الكلمات الكلدانية والآشورية بفعل الجوار والسلطان. ثم أن كتب المجوس ترجمت من القديم من الزندية الى البهلوية. وتوجد بهذه اللغات ايضاً كتابات منقوشة من عهد الساسانيين. وهذا دليل على انها كانت مستعملة في الدواوين بعدهم ايضاً، إلا انهم رفضوا تدريجياً ابتداءً من سنة 211 الى سنة 632م استعمال لغة البهلويين الذين ورثوهم في المجد والحضارة. فذهبوا الى جبل البرثة وادخلوا في جميع البلاد الايرانية الخاضعة لهم حينذاك بأوامر ملكية وقوانين صريحة اللغة الفارسية أي لهجة اقليم فارس ” مقاطعة شيراز الحالية “، وحقاً أن هذا أسهل من البهلوية كما ان هذه اسهل من الزندية.
ولما استولى العرب على البلاد الايرانية كلها وقضوا على دولة فارس بها في القرن السابع ميلادي، فقدت هذه اللغة بهجتها ورونقها. وفي سنة 977م في عهد الديالمة لما أرادوا احياء احدى اللغات الايرانية القديمة ذات المدنيات الزاهية، وقع اختيارهم على أقربها اليهم عهداً وأحدثها نشوءاً وهي لغة فارس السابق ذكرها، إلا أنهم وجدوها قد تغيرت احوالها واندسرت معالمها باختلاط كثير من الكلمات العربية وغيرها من اللغات المجاورة بها، ولكن الشعراء وأرباب الخطابة والبيان انتخبوا من هذه اللغة وغيرها من اللغات الايرانية القديمة مثل الزندية والبهلوية ـ الكردية القديمة ـ، لهجة سهلة الألفاظ كثيرة المعاني عذبة الأصوات فسموها باللغة الفارسية الحديثة وهي الشائعة الآن في بلاد فارس.
فيتخلص من هذا كله أن الأمة الكردية من أقدم الأمم الايرانية التي أسست حضارة زاهية في هضبة ايران الكبرى، فأمتد سلطانها من وادي السند شرقاً الى وادي دجلة والفرات غرباً، وأن لغتها الكردية سادت باسم اللغة البهلوية او البهلوانان، أي لغة الأبطال والمحاربين، في جميع الأمبراطورية الايرانية الأولى التي قضى عليها الاسكندر المكدوني، حيث عقبتها بعد مدة يسيرة دولة ملوك الطوائف، الذي يقال لهم في التواريخ الفارسية الاشكانيون، وهم الذين كانوا يتنازعون السيادة الايرانية العليا حيناً من الدهر، الى أن تغلب على الجميع ملك اقليم فارس، فأسس امبراطورية فارس ثانية دعيت فيما بعد بالساسانية. وأصبحت كلمة فارس مترادفة مع كلمة ايران، تطلق على كل ما هو ايراني قديماً كان أو حديثاً، مما أدى الى وصف الامبراطورية الايرانية الأولى ايضاً بالفارسية مع أنها كردية بهلوية. لأن الأمة الفارسية مع عراقتها في الحضارة الايرانية والمجد الفارسي أحدث عهداً من شقيقتها الأمة الكردية التي سبقتها في تأسيس الحضارة الايرانية الأولى.
هذا وقد كتب أكثر الأدباء والعلماء الأكراد مؤلفاتهم بعد الاسلام في الفنون والعلوم بغير لغتهم، كافارسية والعربية والتركية أخيراً. ومع هذا هناك عدد غير قليل منهم لم ينسوا لغتهم الوطنية ايضاً من ثمار قرائحهم ونتائج افكارهم فخلفوا لنا مخطوطات كردية كبيرة في مختلف الفنون والمعارف.
وهنا نكتفي بذكر اسماء بعض المشاهير من الأدباء الذين ألفوا باللغة الكردية:
على الحريري، من بلدة حرير القريبة من أربيل.
ملاي جزيري، من جزيرة بوطان.
فقيه طيران، من بلدة مكس.
فلاي باطي، من قرية باطة وهي من قرى حكاري.
أحمد خاني، من مدينة بايزيد.
اسماعيل خاني، من مدينة بايزيد.
شريف خان، وكان من امراء حكاري، وهو من بلدة جولمرك.
مراد خان، من قرية بايزيد.
على الترموكي، وهو من قرية واقعة بين حكاري ومكس.
ملا يونس الهلكاتيني، وهو من قرية هلكاتين.

إعداد رابطة كاوا للثقافة الكردية