من هم الكورد الفيلية وأين يقطنون؟
الكورد الفيلية (او الفيليون) هم كورد، كما يدل على ذلك اسمهم، وهم قسم لا ينفصل عن الشعب الكردي في العراق*** وجزء لا يتجزأ من الامة الكردية المقسمة بين دول العراق وايران وسوريا وتركيا. لقد أثبت الكورد الفيلية هذه الحقيقة وهذا الواقع عبر السنين والاحداث ولحد الآن بالقول والفعل والعمل. يتكلم الكورد الفيلية لهجة فرعية تابعة للهجة اللورية التي ينطق بها الكورد في المناطق الجنوبية من كردستان، خاصة المناطق القريبة من الحدود بين العراق وايران.
جميع الناطقين باللهجة الفيلية لا يطلق عليهم اسم “الفيلية”. يمكن القول بان الكورد الناطقون بهذه اللهجة والذين يقطنون مناطق بغداد ووسط وجنوب العراق شرقي نهر الفرات يطلق عليهم اسم “الكورد الفيلية”. توجد تفسيرات واجتهادات عديدة ومتنوعة حول اصول واسباب اطلاق اسم “الفيلية” على هؤلاء الكورد ولكن الكاتب لم يعثر على تفسير موّثق ومقبول بشكل عام حول هذه المسألة.[1]
كانت غالبية الكورد الفيلية تقطن مدينة بغداد وخاصة قبل حملات التسفير المتكررة، وكانوا متمركزين في “حي الأكراد” (ﻋﮕﺪ الأكراد وبعض الأحياء الشعبية المجاورة لها) وفي “حي الأكراد” في مدينة “الصدر”، “الثورة” سابقا وعند تحسن حالتهم الاقتصادية كانوا ينتقلون الى اماكن اخرى من بغداد اكثر رفاها، مثل حي العطيفية وحي جميلة والاحياء الممتدة على طول شارع فلسطين وغيرها. كما كان الكورد الفيلية يقطنون باعداد أقل في المدن العراقية الواقعة بين الحدود مع ايران شرقا وحتى الضفاف الشرقية لنهر الفرات غربا، من جنوب المدينة الكردستانية كركوك شمالا حتى شمال مدينة البصرة جنوبا. من بين هذه المدن المدن الكردستانية خانقين ومندلي (مَنَلي باللهجة الفيلية) وزرباطية والسعدية وشهربان والمدن العراقية كوت والعمارة وبدره والجصان وكوميت وشيخ سعد والنعمانية والحي والرفاعي وعلي الغربي وعلي الشرقي وغيرها.[2] اما على الجانب الايراني من كردستان فان الكورد الفيلية (بالرغم من عدم اطلاق هذه التسمية عليهم هناك) يقطنون محافظات كرماشان وايلام وجنوبها، وبعد التسفيرات الجماعية للكورد الفيلية من العراق في السبعينيات والثمانينيات تقيم جالية كوردية فيلية كبيرة من اصول عراقية في طهران ايضا يطلق عليهم الايرانيون اسم “عرباها” (أي العرب).
وكأية مسألة اخرى في دولة البعث البوليسية فان عدد الكورد الفيلية غير معروف بالدقة وربما اعتبرتها من الامور السرية المتعلقة بامن دولة البعث. ولكن هناك تقديرات مختلفة تضع عددهم بين مئات الآلاف وثلاثة ملايين. الا ان الكثيرين يتكلمون عن اكثر من مليون كوردي فيلي كانوا يقطنون في بغداد قبل التسفيرات الجماعية.[3]
ألكورد الفيلية حكموا العراق من سنة 1523 حتى سنة 1529 ميلادية
الكورد الفيلية مواطنون عراقيون بالولادة أبا عن جد وقسم ضئيل منهم بالتجنس، سكنت غالبيتهم بغداد باعداد كبيرة منذ مئات السنين، وبدقة اكثر، منذ اربعة قرون ونيف. يشير البروفسور عز الدين مصطفى رسول الى ان كتاب “الشرفنامه” الذي يعتبر اول الاعمال المكتوبة عن تاريخ الكرد وجغرافية كردستان (الذي ألفه الامير شرفخان البدليسي عام 1005 هجرية المصادف لعام 1584 ميلادية، أي قبل 420 عاما) يشير الى مسألة استقرار الكورد (اللورية) الفيلية في بغداد بشكل دائم. كما يشير الاستاذ جرجيس فتح الله الى ان الكورد الفيلية بقيادة قائدهم ذوالفقار احمد سلطان فتحوا بغداد والمدن العراقية الاخرى من شمال سامراء حتى البصرة وحكموا العراق (كما كان معروفا آنذاك) لمدة ستة سنوات من عام 1523 حتى عام 1529 ميلادية (صفحات من تاريخ الكورد الفيلية، مجلة روﮊ عدد 8، نقلا عن مجلة ايلام الصادرة في غوتنبورغ في غرب السويد). ويضيف في مقالة له نشرت في مجلة روژ في عددها 8 بأن اول اشارة الى الكورد الفيلية في الكتب الانكليزية تعود الى عام 1744 في كتاب جيمس فريزرالمعنون “تاريخ نادر شاه” الصادر في لندن.. هاتان الاشارتان تؤكدان بان الكورد الفيلية قطنوا بغداد والمدن العراقية الاخرى من جنوب كركوك شمالا حتى البصرة جنوبا ومن الحدود الايرانية شرقا حتى السواحل الشرقية لنهر الفرات غربا لأكثر من اربعة قرون وقبل وقوع العراق تحت الحكم الصفوي ومن ثم غزوه من قبل العثمانيين.
ازداد عدد الكورد الفيلية في بغداد بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة بشكلها الحالي وجغرافيتها الحالية حسب اتفاقية سايكس-بيكو بين بريطانيا وفرنسا وتقسيم الشرق الاوسط بشكل اعتباطي بينهما لخدمة مصالحهما الخاصة. زيادة عدد نفوس الكورد الفيلية هذه كانت لاسباب كثيرة منها قابلية التحرك الاجتماعي والانتقال الجغرافي والحيوية الاقتصادية (الجرأة على أخذ المبادرة وتقبل المخاطرة الاقتصادية) والخصوبة السكانية (ارتفاع معدلات الولادة ).
عمل العديد من الكورد الفيلية في قطاعي المقاولات وتجارة الجملة والمفرد وخاصة في سوق الشورجة وفي القطاع الخاص بشكل عام في بغداد وغيرها بسبب مؤهلاتهم الاقتصادية المشار اليها اعلاه وبسبب سد فرص العمل والاستخدام امامهم خاصة في القطاع العام.[4] كما عملوا كنقالين (حمّالين) في سوق الشورجة خاصة عند التجار الكورد الفيلية وعرفت عنهم الامانة والاخلاص في العمل والقوة البدنية.
بدأ الكورد الفيلية في ارسال ابنائهم وبناتهم الى المدارس بشكل واسع بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي بعد سنوح الفرص لهم وتحسن اوضاعهم الاقتصادية. درس وتخرج وعمل الكثير منهم كأطباء ومهندسين ومعلمين وغيرهم من التكنوقراط وانشأوا مدارس خاصة بهم اشهرها المدرسة الفيلية في باب الشيخ (في منطقة جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني).
الاضطهاد والتمييز القومي والطائفي والتطهير العرقي
تعرض الكورد الفيلية لمختلف انواع التمييز والمظالم وسوء المعاملة على يد اجهزة الدولة العراقية والى الاهانات المختلفة على يد الشوفينيين بين موظفيها. من اشد هذه الاجراءات الغاء ونكران عراقيتهم وتسفيرهم الى الخارج بين فترة واخرى بشكل غير قانوني وبدون وجه حق وعلى نطاق واسع خاصة اعوام 1969 و1971-1973 وبشكل شبه شمولي ومنتظم وعدواني وفي مختلف مناطق العراق في بداية ثمانينيات القرن الماضي. قامت اجهزة الدولة العراقية بجمع الالآف بعد الالآف من الكورد الفيلية من بيوتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومحلات عملهم ودوائرهم ووحداتهم العسكرية واخذهم الى دوائر الامن العامة السيئة الصيت. بعد سلب ومصادرة جميع ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة ومحلاتهم التجارية ومصانعهم وسياراتهم وودائعهم في البنوك وجميع وثائقهم العراقية من شهادات ميلاد وجنسية وشهادة جنسية وجوازات ودفاتر خدمة عسكرية وعقود زواج وشهادات ووثائق دراسية ومستندات ملكية العقارات (الحجة) وغيرها واخذ نقودهم وحلاهم الذهبية وتفتيشهم واستجوابهم غالبا تحت الاهانات والضرب والشتائم والكلام البذئ الذي اشتهرت به سلطة البعث، ثم وضعهم في شاحنات وباصات اكثرها عسكرية دون السماح لهم بأخذ أي شيء معهم (الا في حالات نادرة جدا) سوى ملابسهم التي كانوا يلبسونها ومُنِعوا من اخذ الماء والاكل لهم ولاطفالهم (حتى الصغار منهم) واخذوهم، شبابا وشيوخا وكهلة، نساء وبناتا ورجالا، اطفالا ورضعا، الى الحدود (البوابة) الشرقية وأمروهم بالسير على الاقدام في مناطق جبلية وعرة احيانا كثيرة على ان لا يلتفتوا او ينظروا الى الوراء ابدا والا سيطلقون النار عليهم ويقتلوهم هناك.
جرت غالبية هذه العمليات المشينة تحت جنح الظلام مما سبب موت العديد من الشيوخ وكبيرات السن والاطفال الذين لم تبق عندهم القدرة والطاقة والقوة على الاستمرار في السير في الظلام وفي البرد في تلك المناطق الجبلية فانهاروا من التعب وتوفي عدد منهم هناك. كما قام قسم من حراسهم العراقيين الذين اخذوهم الى تلك المناطق الحدودية باطلاق النار على رؤوسهم لاجبارهم على الاستمرار على السير، كما وجه عدد من هؤلاء الحراس نيران اسلحتهم على المسفيرين واردوا عددا منهم بين قتيل وجريح.
بسبب كون النخبة بين الكورد الفيلية كانت تتمتع بقوة اقتصادية ملموسة في مجال تجارة الجملة فان حملة التسفيرات الواسعة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بدأت باسلوب الكذب والخداع والمكيدة والغدر البعثي المعروف (صفات ملازمة لقيادة البعث والتي ربت قواعد الحزب عليها منذ البداية) عن طريق دعوة التجار الكبار من الكورد الفيلية الى اجتماع في غرفة تجارة بغداد لمناقشة موضوع تصاريح واجازات استيراد جديدة ولبحث قضايا اقتصادية مهمة. عند حضور التجار الى مكان الاجتماع قامت قوات الامن بغلق كل ابواب ونوافذ المكان ثم تم اخذ جميع الاوراق والوثائق الرسمية وغير الرسمية منهم اضافة الى نقودهم وساعاتهم واختامهم وكل شيء آخر كان معهم وتم تفتيشهم للتأكد من عدم بقاء أي شيء بحوزتهم سوى الملابس التي كانوا يرتدوها. نقلوا من هناك الى مديرية الامن العامة في بغداد وبعد استجوابهم والتحقيق معهم اخذوا الى الحدود دون اخطار او اعلام عوائلهم او ذويهم بذلك. بعد معانات قصيرة او طويلة اصاب اغلب هؤلاء التجار الكآبة والوهن لما تعرضوا اليه على يد سلطات دولة البعث ومات الكثير منهم بالسكتة القلبية او الجلطة الدماغية. معانات المسفرين خلقت عند الكثير منهم الكآبة والقلق وغيرها بسبب المعاملة اللانسانية التي اخضعتهم اليها عناصر الاجهزة القمعية لدولة البعث التي صادرت وسلبت كل شيء منهم حتى حياة شبابهم دون وجه حق او قانون او عدالة او ضمير، سلبت منهم ثمرات عمل وجهد حياتهم والقتهم في حياة الفقر والفاقة والضياع.[5]
لقد اصدر نظام البعث عددا من “القوانين” اسقط بموجبها الجنسية العراقية عن الكورد الفيلية المسفرين وصادر بموجبها جميع بيوت سكناهم وممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة وجميع امواهم وودائعهم ومحلاتهم التجارية ومشاريعهم الزراعية والصناعية واعطى الكثير منها ان لم يكن كلها الى اعوانه ومرتزقته وخاصة عناصر امنه ومخابراته المجرمة بثمن بخس وكغنائم “حرب” أو “فرهود” على مستوى الدولة والافراد. [6]
المحتجزون من شباب الكورد الفيلية ومصيرهم المجهول
من اجل زيادة قسوة وآلام حملات التسفير الجماعية على الكورد الفيلية قامت الدولة العراقية بحجز اكبر عدد ممكن من الشابات والشباب منهم وخاصة الذين ادوا أو كانوا في سن الخدمة العسكرية. وبسبب عدم وجود وثائق واحصائيات رسمية عن عددهم فان التقديرات (أو التخمينات) المتداولة تتراوح بين 5.000 و10.000، ألا أن هناك تقديرات أو تخمينات أخرى أدناها 3.000 وأعلاها 30.000، من شبيبة الكورد الفيلية. ورغم مرور شهور عديدة على هزيمة النظام السابق لم يستطع أحد العثور على أي أثر لهم [7] سوى بعض وثائق دوائر الامن والمخابرات التي تشير الى اسماء بعض الذين تم اعدامهم دون ذكر التهم الموجهة اليهم او اسم المحكمة التي نظرت بالتهم الموجهة اليهم او تاريخ محاكمتهم او تاريخ صدور الاحكام بحقهم او قيامهم باستئناف تلك الاحكام ام لا. وبالنسبة للذين جرى اعدامهم، فهل دفنوا واين هي مقابرهم؟ القتل الجماعي لشباب عوائل المسفرين والتسفير الجماعي للكورد الفيلية وغيرهم ومصادرة اموالهم وممتلكاتهم ووثائقهم وكل شيء آخر عائد لهم كلها جرائم ضد الانسانية يجب ان يعاقب عليها كل الذين اصدروا اوامر القيام بها والذين شاركوا بتنفيذ عمليات القتل منها، بداً بالقيادات العليا وغيرهم من الذين اقترفوا جرائم القتل والتعذيب بحق المحجوزين وجرائم السطو وسرقة الاملاك العائدة للمسفرين، كل حسب جرمه وجنايته.
مخطط التطهير العرقي وتغيير الواقع القومي
كانت حملات التسفير الجماعي للكورد الفيلية في بداية الثمانينيات حملات مخططة ومدروسة وصارمة اقيمت لها هيكلية ادارية خاصة لها مخصصات مالية وكوادر بشرية كان يرأسها طه ياسين رمضان ويشرف على تنفيذها. كانت هذه الحملات مقدمة لحملات اكثر عنفا وقساوة ولا انسانية (حملات الانفال) نفذها نظام القتل والقبور الجماعية بحق سكان كردستان وخاصة كركوك في نهاية الثمانينيات والتي اشرف على تنفيذها مجرم الحرب الآخر علي حسن المجيد (علي كيمياوي). كان هدف المخطط ذو المرحلتين هو التطهير العرقي وتجريد الاكراد في العراق من قوتهم الاقتصادية[8] والبشرية والعسكرية وتفكيك وتحطيم وهدم بنيتهم الاجتماعية واخراجهم قسرا وبكل وسيلة غير قانونية وغير انسانية من كل مناطقهم ذات الثروات الطبيعية (كركوك على سبيل المثال) او الاماكن الاستراتيجية (مثل خانقين) والمواقع الحساسة (الكورد الفيلية بشكل عام والتجار منهم بشكل خاص من بغداد مركز الدولة العراقية). وكجزء من هذا المخطط بذل البعث جهودا من اجل التشكيك بالهوية الكردية وبمحاولة تغيير القومية لشرائح من الشعب الكردي مثل الأزيدية والشبك وغيرهم. قام نظام البعث بالاضافة الى حملات التسفير والتهجير القسري وتغيير الهوية القومية، قام بشكل منظم وبتخطيط بجلب مستوطنين من وسط وجنوب العراق وأَسكَنَهُم في البيوت والقرى مع جميع محتوياتها التي هجر منها سكانها الاكراد والتركمان الاصليين قسرا واقام لهم مستوطنات جديدة وقدم لهم كل التسهيلات المالية والاقتصادية واعطاهم الاراضي الزراعية التي سبق وان صادرها من اصحابها الشرعيين من الكورد والتركمان واعطى هؤلاء المستوطنين السلاح لكي يدافعوا عن نظامه.
الصـمت المـدوي
جرت عمليات تسفير وسلب الكورد الفيلية بشكل جماعي ومكشوف. كما ان عمليات التهجير القسري لمناطق واسعة من كردستان العراق وتدمير 4.000 قرية فيها وقتل مايقارب الـ 180.000 شخص من سكانها وقصف مدينة حلبجه بالاسلحة الكيمياوية قد اثارتها القوى السياسية الكردستانية والعراقية المعارضة في وسائل اعلامها المتواضعة وكشفت وسائل الاعلام الغربية جريمة قصف حلبجة في حين التزمت الحكومات والاحزاب والقوى ووسائل الاعلام العربية والاسلامية (باستثناء المعارضة العراقية بكل اطيافها وسورية وايران وليبيا) والتزم المثقفون العرب والمسلمون الصمت والسكوت ولم يشر أي منهم الى هذه الجرائم المروعة بحق هذا العدد الكبير من “العراقيين المسلمين”! لقد وصل الامر الى حد ان بعض هذه الحكومات والاحزاب والقوى السياسية والمثقفين من العرب والمسلمين دافع عن هذه الجرائم بحق الانسانية ودافع بحرارة واندفاع عن مقترفيها وعلى رأسهم الطاغية صدام او انكروا وقوع ما حصل وشككوا حتى بالتقارير المصورة من قِبَل اجهزة الاعلام التي صورت جريمة حلبجة (كتبوا انها من خدع هوليود) او حاولوا القاء تبعتها على الآخرين.
ويتسائل البعض بنوع من السخرية قائلا ماذا كنتم تتوقعون من هذه الحكومات والسياسيين والمثقفين والاعلاميين غير مجاملة نظام صدام آنذاك؟ صدام بطل الأمة والدين وحافظ بوابتها الشرقية؟ لقد كانوا يمولونه بالمال والسلاح والخبرة والمعلومات العسكرية والضباط العسكريين ويدعمونه اعلاميا وسخروا اقلامهم لمدحة حتى بدأوا انفسهم يصدقون ما يقولون ويكتبون بالرغم من انهم يعلمون بانه قاتل ومرتكب جرائم بحق الانسانية ضد ابناء الشعب العراقي وخاصة الكورد في الشمال والعرب في الجنوب. الا ان بعض هؤلاء غير رأيه حول صدام ونظامه بعد احتلاله للكويت وسلبها ونهبها ولكن الكثير من الاحزاب والساسة والاعلاميين والمثقفين العرب والمسلمين استمروا على مدحهم للطاغية ويُرجِع البعض ذلك الى “مكارم السيد الرئيس” عليهم من نقود وكوبونات نفط وغيرها.
كما ان العديد من الحكومات العربية والاسلامية والغربية و”الاشتراكية” سابقا دعمت الطاغية صدام ونظامه بالتسهيلات المالية والقروض والاسلحة والاجهزة والمواد الاولية لصنع اسلحة القتل الجماعي (الاسلحة الكيمياوية والجرثومية هي اسلحة قتل جماعي وليس دمار شامل لأنها تقتل اعداد كبيرة من البشر والكائنات الحية الاخرى والنبات في حين انها لا تسبب دمارا للبنايات او السيارات او غيرها من الجماد) مقابل النفط والدولار غير مبالين او مهتمين لما كان يقترفه بحق الشعب العراقي من جرائم ولا بالمآسي وويلات الحرب والحصار والموت والدمار الذي جلبه على شعبه والشعوب المجاوره. لقد كشفت القبور الجماعية ووثائق اجهزة الامن والمخابرات قسما من هول هذه المآسي والويلات في حين كان هو وعائلته وجلاوزته ينعمون بخيرات العراق ويتصرفون بها وكانها ملك شخصي لهم (شاهد بعضا من بذخهم واستهتارهم في افلام الفيديو المتوفرة في اسواق بغداد وغيرها).
الهجـرة الجماعية بعـد التســفير القسـري
بسبب صعوبة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية والسياسية التي كانت سائدة في ايران وخاصة اثناء الحرب العراقية-الايرانية والتقييدات الكثيرة المفروضة على نشاطاتهم وحرية حركتهم داخل ايران (وبسبب اعتبارهم رسميا مواطنيين عراقيين من قبل السلطات الايرانية وتسميتهم عربا “عَرَبَها” من قبل عامة الناس في ايران) اضطر عشرات الاالآف من الكورد الفيلية المسفرين الى مغادرة الاراضي الايرانية بكل الوسائل والاساليب الممكنة والمتاحة ورغم المخاطر التي انطوت عليها. لذا اصبح قسم منهم ضحايا المهربين الجشعين والموظفين المرتشين. ومن بين ابرز المآسي التي مر بها عدد منهم هي الكارثة التي وقعت عام 2001 خارج المياه الاندونيسية والتي ذهب ضحيتها 271 انسانا من بينهم العديد من الكورد الفيلية من الاطفال والنساء والرجال عندما غرقت السفينة الصغيرة التي كانت تنقلهم من اندونيسيا الى استراليا في المحيط. اما الذين بقوا منهم على قيد الحياة فانهم يعيشون في بؤس وألم. (الشخصان المسؤولان عن هذه المأساة هما الآن تحت المحاكمة في استراليا، الاول مصري والآخر عراقي).
نتيجة لذلك يقطن الكورد الفيلية باعداد كبيرة الآن في مناطق عديدة من العالم والعديد منهم لا زال في العراق، وخاصة بغداد، وايران. فالكورد الفيلية منتشرون في اوربا الغربية باعداد كبيرة (السويد والدانمارك والنرويج والمانيا وانكلترا وهولندا وفرنسا وغيرها) وفي الولايات المتحدة الامريكية وكندا واستراليا.
معاداة صدام ونظامه للكورد عامة وبضمنهم الكورد الفيلية
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا عامل نظام البعث الكورد عموما ومن بينهم الكورد الفيلية بهذه الدرجة من الحقد والقساوة؟ هنالك اسباب عديدة تلقي بمجموعها بعض الضوء وتجيب على هذا السؤال، من بينها الاسباب التالية:
1- تأتي اصول ايديولوجية البعث عند انشائه من الفكر النازي اثناء الحرب العالمية الثانية عندما كانت المانيا النازية في أوج عظمتها العسكرية وتوسعها العدواني.[9] كما ان للستالينية تأثير كبير على صدام شخصيا حيث كانت مكتبته الخاصة مليئة بالكتب المكتوبة من قبل ستالين او من قبل آخرين عنه. فالنازية وايديولوجيتها المبنية على عبادة الشخصية (القائد الاوحد) والدكتاتورية والشمولية والاستعلاء القومي والتوسع والعدوان، والستالينية الدكتاتورية والدولة البوليسية المنغلقة وممارساتها الصارمة والعنيفة ضد الاقليات حقائق تأريخية معروفة وموثقة وتأثيراتها على نظام البعث واضحة وجلية وفي سياسات وممارسات الطاغية صدام ايضا. اضافة الى ذلك هناك عامل آخر أثر على النظام وقائده وهو التزامه بالتقاليد والقيم القبلية-العشائرية والريفية الاقطاعية الصارمة من الولاء الكامل والتام الى الطاعة المطلقة وبعقلية الغزوات والغنائم و”الفرهود”.
2- كون الكورد الفيلية جزء من الشعب الكردي في العراق وجزء من الامة الكردية، لذا فان اضطهاد الكورد الفيلية من قبل نظام البعث المعادي للشعب الكردي ولتطلعاته المشروعة هو امتداد او جزء من اضطهاده لهذا الشعب ككل ويعبر عن الاستعلاء القومي والعدوانية التي ترفض او تنفي القوميات الاخرى وتطلعاتها وتبغي التوسع على حسابها.
3- وصل الكورد الفيلية بجهودهم الذاتية ومن بدايات متواضعة جدا الى مستويات ومراكز مرموقة ومؤثرة في قطاع التجارة الخاصة وخاصة في بغداد، مركز سلطة الدولة العراقية والى مراكز مسؤولية بارزة في الحركة التحررية الكردستانية. بسبب الاجندة الخفية لنظام البعث المعادية للشعب الكردي وتطلعاته المشروعة عمل ذلك النظام على تدمير المركز التجاري القوي للكورد الفيلية وتحطيم قوتهم الاقتصادية عن طريق سلب ومصادرة جميع اموالهم وممتلكاتهم وودائعهم ووثائقهم العراقية كجزء من اجندة النظام ضد البنية الاقتصادية للكرد وكردستان.
4- قام حزب البعث والقوميون العرب بانقلاب 8 شباط 1963 الدموي. لم يواجه الانقلابيون مقاومة جدية وعلى مدى ايام سوى في منطقتين في بغداد احداهما في حي الاكراد استخدمت فيها الوحدات الانقلابية الاسلحة الخفيفة والثقيلة (الدبابات) لفرض سيطرتها على الحي ثم قامت باعتقال جميع الرجال البالغين من العمر 16 عاما حتى الشيوخ. وهذه مسألة لم ينساها البعث وقادته ولم “يسامحوا” الكورد الفيلية عليها.
5- قانون الجنسية العراقي العتيق والبالي الموروث كثيرا منه من العهد العثماني والمطور من قبل الاستعمار البريطاني عند انشائه الدولة العراقية ليجعله في صالح الاقلية من المجتمع العراقي التي تعاونت معه وضد مصالح الاغلبية. وكان الكورد الفيلية من بين اكثر العراقيين تضررا من هذا القانون.
6- كجزء من تحضيرات نظام البعث التوسعية والعدوانية في الحرب ضد ايران عمل على تحقيق ما اعنقد انه سيزيد من الفوضى وعدم الاستقرار الاجتماعي والاعباء والاضطرابات الاقتصادية في ذلك البلد الذي شهد لتوه تغييرات كبيرة عن طريق تسفير مئات الآلاف من الكورد الفيلية وغيرهم من العراقيين اليها قبل بدأ الحرب. وقد سبق للنظام ان استخدم نفس الاسلوب مع الحركة التحررية الكردستانية عام 1974 قبيل بدأ حملته العسكرية الجديدة على شعب كردستان حيث دفع وارغم الآلاف من الكورد للذهاب الى المناطق المحررة لخلق مشاكل واعباء اقتصادية ومصاعب اجتماعية ومخاطر امنية للحركة.
7- كون الكورد الفيلية من المسلمين الشيعة كان سبابا اضافيا لملاحقتهم وتسفيرهم ومعاملتهم بشكل لا انساني من قبل نظام البعث الذي اتصف بالشوفينية والطائفية والمذهبية الضيقة.
الكورد الفيلية ودورهم في الحركة الكوردية في العراق
سيتم تقسيم دور الكورد الفيلية في الحركة التحررية الكردستانية على المراحل التاريخية الرئيسية التي مرت بها الحركة منذ تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد الحرب العالمية الثانية.
اولا- الفترة من الحرب العالمية الثانية حتى عام 1970
كان للكورد الفيلية حضورا في صفوف الحركة التحررية الكردستانية المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكردستاني منذ تاسيس الحزب عام 1946 كاعضاء وانصار ومؤازرين ومؤيدين ومتعاطفين. وصل اشخاص من بينهم الى مراكز المسؤولية والشهرة وخاصة بين الكورد الفيلية انفسهم، مثل الدكتور جعفر (جعفر محمد كريم) ومحمد حسن برزو وشعبان نور علي وغيرهم، مع العلم بان الحزب كان محظورا ونشاطاته ممنوعة وكان الحزب يعتبر في العهد الملكي من “العناصر الهدامة”.[10] وكانت هناك خلايا وتنظيمات حزبية في بغداد تضم في صفوفها الكورد الفيلية. اتسعت مشاركة الكورد الفيلية في نشاطات الحزب بعد 14 تموز 1958 وخاصة بعد عودة القائد التاريخي البارز للشعب الكردي مصطفى البارزاني من منفاه الى بغداد ثم الى كردستان وعندما اصبح الحزب يمارس نشاطاته بشكل شبه قانوني.
بعد شن الدولة العراقية وقواتها المسلحة الحرب من جديد على كردستان عام 1961 انحسرت لحد ما مشاركة الكورد الفيلية بسبب ظروف الملاحقة لكنها استمرت باشكال سرية مختلفة. وبعد انقلاب 8 شباط 1963 استمرت السياسة العدوانية للدولة العراقية تجاه شعب كردستان وحقوقه المشروعة واتهامها لهم بالتمرد والعصيان والعمالة تارة وبالانفصالية تارة اخرى وحاول البعث آنذاك اثارة رجال الدين عليهم الا ان مساعيهم باءت بالفشل حين اتصل السيد عبد الحسين فيلي (حسب مصدر موثوق) بمكتب المرجع اية الله العظمى السيد عبد المحسن الحكيم رحمه الله ورتّب لقاء بين سماحته ووفد كردي مؤلف من الاستاذ مام جلال الطالباني والسيد شاخاوان شوان والسيد عبد الحسين فيلي اصدر على أثرها سماحته فتوى فحواها عدم جواز سفك دماء الاكراد، كما اراد نظام البعث وشركائه من القوميين في حينه. بعدها بعث إليه القائد التاريخي البارز مصطفى البارزاني بيد نجله ألأستاذ مسعود البارزاني رسالة شكر على موقف سماحته هذا. وقامت “نقليات زيدان” في بغداد لصاحبها ألكوردي ألفيلي المرحوم “أَمرَلي زَيتَلي – أميرعلي زيتعلي” عام 1962 أو 1963 بنقل محطة إذاعة سرا إلى الحركة التحررية ألكوردستانية المسلحة من بغداد إلى السليمانية. استمر الكورد الفيلية على القيام بدورهم في الحركة التحررية الكوردية بمختلف الاساليب وتعرضوا للاضطهاد والملاحقة بسبب ذلك قبل التوقيع على اتفاقية 11 آذار 1970 بين الدولة العراقية ممثلة بالحكومة المركزية والحركة التحررية الكردستانية. وكان من بين الذين تعرضوا للاعتقال عدد من التجار الكبار من الكورد الفيلية في بغداد بتهمة ذات شقين (اساسها هو خرق الحصار الاقتصادي المفروض على كردستان والتعاون مع “الاكراد المتمردين قطاع الطرق”)، الاول هو شراء المنتجات الزراعية والحيوانية القادمة من كردستان وبيعها من قبلهم في بغداد، والثاني هو بيعهم لتجار من كردستان الشاي والسكر وغيره من المواد التي منعت حكومة بغداد بيعها او ارسالها الى كردستان. يمكن ذكر اسماء عدد من بين هؤلاء التجار وهم الحاج علي جان، جاسم نريمان واولاده وحيدر توفيق وغيرهم.
ثانيا- الفترة من 11 آذار 1970 حتى 11 آذار 1974
بعد التوقيع على الوثيقة الرسمية التي اطلق عليها اتفاقية 11 آذار 1970 بين الحكومة المركزية واقليم كردستان (سمي آنذاك منطقة كردستان للحكم الذاتي) والتي رحب بها الشعب العراقي وكل القوى السياسية ودول عديدة في الشرق الاوسط وخارجها والتي تم الاتفاق بموجبها على اعتبار الوية دهوك واربيل والسليمانية وحدة متكاملة وتأجيل قضية المناطق المختلف عليها (وهي لواء كركوك ومناطق خانقين ومندلي وغيرها في لواء ديالى وسنجار وشيخان وغيرها في لواء الموصل) الى مفاوضات لاحقة.
اصبحت الحركة التحررية الكردستانية بعد التوقيع على اتفاقية 11 آذار حركة موحدة تحت قيادة القائد التاريخي البارز مصطفى البارزاني. استبشر الكورد الفيلية خيرا وملئهم الفرح والابتهاج والاندفاع بعد هذين الحدثين المهمين (الاتفاقية وتوحيد الحركة). لذا انخرطوا باعداد كبيرة في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني وخاصة فرعه الخامس في بغداد وفي غيره من الاحزاب العراقية. الا ان نظام البعث استمر في تسفير الكورد الفيلية والذي بدأه عام 1969 حتى عام 1971 وبعده.
تقلد عدد من الكورد الفيلية مراكز مسؤولية عالية في صفوف الحزب ومنظماته الجماهيرية خلال هذه الفترة. من بين ابرز هؤلاء السيدة زكية اسماعيل حقي (اول قاضية في العراق) رئيسة اتحاد نساء كردستان، والسيد عادل مراد رئيس اتحاد طلبة كردستان، والسيد يد الله كريم العضو القيادي في اتحاد شبيبة كردستان العراق والسيد حبيب محمد كريم الامين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني حتى نكسة آذار 1975 بعد الغدر الايراني على يد الشاه السابق وخيانة ادارة نيكسون-كيسنجر وتنازلات نظام البعث عن وحدة الاراضي والسيادة العراقية باعطائه الشاه النصف الشرقي من شط العرب حسب اتفاقية الجزائر لعام 1975 بين الشاه وصدام. وينبغي هنا ذكر حقيقة ان اول امرأة يتم اعدامها في العراق لأسباب سياسية كانت الشهيدة ليلى قاسم الكوردية الفيلية التي اعدمها نظام البعث في أيار (مايس) 1974 مع اربع شبان اكراد. لقد كان اسناد القائد التاريخي البارز مصطفى البارزاني لحقوق الكورد الفيلية وتأكيده على عراقيتهم امام الحكومة العراقية هو تشجيعه لأنتخاب هؤلاء لمواقع المسؤولية المهمة هذه، كما انه مثَّل رد فعله على مواقف “اللاموقف” لقسم من قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني تجاه تسفير الكورد الفيلية قبيل وبعد التوقيع على اتفاقية 11 آذار 1970 والذي كان باحسن التفسيرات موقفا ضعيفا وفاترا حيث فضل هذا القسم السكوت وعدم الرد على اجراءات الحكومة من اجل “عدم اثارة المشاكل” معها و”تجنب ما قد يثير التوتر” معها بسبب هذه المسألة. وتجدر الاشارة هنا ايضا الى ان القائد التاريخي البارز مصطفى البارزاني أعاد تأكيد موقفه هذا من الكورد الفيلية وتجاه حكومة البعث وبعض قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني المترددين عندما رشح السيد حبيب محمد كريم (سكرتير الحزب وكوردي فيلي) لمنصب نائب رئيس الجمهورية الذي كان من حصة الاكراد حسب نصوص اتفاقية آذار 1970 واصر على هذا الترشيح رغم الرفض المتكرر من قبل نظام البعث ورغم محاولات بعض قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني أقناعه بترشيح شخص آخر بدلا عنه من اجل حل هذا الخلاف مع الحكومة المركزية. لقد رفض القائد التاريخي البارز مصطفى البارزاني المساومة على هذه القضية رغم الضغوطات التي مورست عليه من اكثر من جهة.[11] واستمر في اصراره على ترشيحه لحبيب محمد كريم لمنصب نائب رئيس جمهورية العراق حتى شن البعث عدوانه على شعب كردستان في آذار 1974 عندئذ اختار نظام البعث كرديا آخرا هو سفير العراق في روما آنذاك (طه محي الدين معروف) وعينه نائبا لرئيس الجمهوية والذي بقي في منصبه حتى سقوط نظام البعث في حرب تحرير العراق في 9 نيسان 2003 واعتقاله بعد ذاك.
اصدر نظام البعث قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان للحكم الذاتي في آذار 1974 من جانب واحد دون الالتزام بكل بنود اتفاقية 11 آذار 1970 وخاصة مسألة المناطق المتنازع عليها (كركوك وخانقين وسنجار وغيرها) ومسألة تنظيم العلاقة بين الاقليم (منطقة الحكم الذاتي) والمركز وكيفية حل الخلافات بينهما عند بروزها والجهة التي ستبت فيها. كانت حسابات النظام تقوم على اساس انه ضَمَنَ الجبهة الداخلية والخارجية لمصلحتة وعَزَلَ الحركة الكردستانية عن اصدقائها. لذا شَنَ ذلك النظام البعثي العبثي الحرب من جديد على شعب كردستان في آذار 1974 وكانت حربا شرسة وضروسا. التحق في هذه الفترة المئات والالآف من الكورد الفيلية من بغداد وغيره بالحركة التحررية الكردستانية وعملوا في صفوفها ككوادر علمية وادارية واعلامية وغيرها وانخرط العديد منهم في صفوف قوات البيشمركه.
استخدم النظام البعثي في حربه الشرسة ضد شعب كردستان كل قواته المسلحة لكسر مقاومتة دون ان ينجح في تحقيق اهدافه فلجأ الى التضحية بوحدة الاراضي العراقية وبسيادة العراق على جزء من اراضيه وخاصة ممر مائي استراتيجي بموجب اتفاقية الجزائر بدلا عن تلبية الحقوق المشروعة لجزء من الشعب العراقي وهو الشعب الكردستاني. (مزق رئيس النظام اتفاقية الجزائر بنفسه امام شاشات التلفزيون واستخدم نظام البعث والعبث تنازلاته عن وحدة الاراضي والسيادة العراقية واحدة من الحجج التي لجأ اليها لشن الحرب على ايران التي دامت ثماني سنوات والتي تسببت في مقتل مئات الآلاف من الشعبين الجارين العراقي والايراني وفي تخريب اقتصاديهما).
ثالثا- الفترة آذار 1975 حتى انتفاضة 1991
كما ذكرنا اعلاه، فمن جانب وبسبب غدر شاه ايران السابق (كان يتظاهر بشيء ويخفي نواياه الحقيقية المعادية لشعب كردستان العراق) ونكث الادارة الامريكية المتمثلة بنيكسون-كيسنجر بوعودها وبعهودها (حتى وصل الامر بكيسنجر ان صرح علانية، وبدون ندم او وازع من ضمير، اثناء استجوابه من قبل مجلس الشيوخ الامريكي بانه “يدير السياسة الخارجية ولا يقوم بالاحسان”) وخيانة نظام صدام (تنازله عن اراضي ومياه عراقية في شط العرب واماكن اخرى لدولة اجنبية من اجل كسر شوكة المقاومة الكردستانية بدلا عن تلبية حقوق شعب كردستان المشروعة). ومن جانب آخر، وبسبب عوامل داخل الحركة التحررية الكردستانية نفسها، اصيبت الحركة بنكسة موجعة ألمتّ بشعب كردستان العراق وبكل الشعب الكردي اينما كانوا وليس في العراق فقط. (جاء على ذكر هذه الاسباب الداخلية والخارجية اكثر من كراس وكتيب وكتاب صدر في اعقاب النكسة وصدرت عن العديد من الاشخاص الذين عايشوا الحركة وساهموا في قيادتها خلال فترة قيادة الحزب الديمراطي الكردستاني حاولوا تحليل تلك الحقبة واسباب النكسة وتبرير دورهم فيها كل حسب رأيه). ولكن بسبب حيوية وديناميكية شعب كردستان وبمساندة الامة الكردستانية عموما لها نهضت الحركة التحررية الكردستانية في العراق من جديد ووقفت على قدميها وتركت النكسة ورائها ولكنها انقسمت وتبادلت التهم المريرة (أمر شائع بعد وقوع نكسات سياسية أو عسكرية في العالم الثالث وفي اوربا وامريكا) لفترة من الزمن ولكنها تجاوزت تلك المرحلة من التطور.
تاسست بعد النكسة احزاب جديدة عديدة ولعب الكورد الفيلية ادوارا بارزة في العديد منها. فبالاضافة الى السيد مام جلال الطالباني وآخَرِين كان السيدان عادل مراد وعبد الرزاق ميرزا (رزاق فيلي) عضوين مؤسسين للأتحاد الوطني الكردستاني وكان كاتب هذه الدراسة مسئولا عن العلاقات الخارجية للحزب الديمقراطي الكردستاني-القيادة المؤقتة وعمل في مكتب الحزب في لندن برفقة القياديين البارزين المرحوم نوري شاويس وعلي عبد الله من سنة 1977 حتى 1980.
لذا شهدت حقبة ما بعد الانتكاسة فترات من الاقتتال الداخلي ذهب فيه من الضحيا اكثر من ضحايا القتال مع القوات المسلحة العراقية. كما ان هذه الحقبة شهدت ابشع هجمة شرسة على شعب كردستان وعلى الكورد الفيلية في بداية ثمانينيات القرن الماضي حيث بدأ نظام البعث الشوفيني حملته بتسفير اكثر من 500.000 كوردي فيلي بشكل اعتباطي لا قانوني ولا انساني واحتجز ما يناهز الـ 10.000 من شبيبة الكورد الفيلية وغَدَرَ بهم فيما بعد. وبدأ بعد منتصف الثمانينيات بتنفيذ عمليات الانفال السيئة الصيت بأسم “العروبة والاسلام” فقتل فيها اكثر من 180.000 من المواطنين العراقيين من ابناء كردستان العراق وسبى اهلها واعتدى على نسائها وبناتها واطفالها ودمّر حوالي 4.000 قرية في كردستان وصب الاسمنت في عيون وآبار المياه وشن حملة عنصرية من التطهير العرقي في لواء كركوك والمناطق الكردية في لوائي ديالى والموصل. وقام بجريمة قصف مدينة حلبجة في 16 آذار 1988 بالاسلحة الكيمياوية والتي قتل فيها حوالي 5.000 “مواطن عراقي كردي مسلم” وجرح اكثر من 10.000 من سكان المدينة المسالمة من الاطفال والنساء والشيوخ وغيرهم وقام خلال هذه الفترة “بتصفية” اكثر من 6.000 بارزاني تصفية جسدية دون ان يترك لهم اثرا، وقتل كل المحجوزين الذين يقدر عددهم بحوالي 10.000 من شباب الكورد الفيلية اعداما او بطرق اخرى. هذه الجرائم هي “وصمة عار” للبعث ومؤيدية والمدافعين عنه والمطبلين له ولسياساته الشوفينية والطائفية وعلى الذين يريدون الآن السير على خطاه.
رابعا- الفترة من انتفاضة 1991 حتى حرب تحرير العراق
دخلت قوات نظام البعث العدواني اراضي دولة الكويت واحتلتها واضطهدت شعبها وسرقت ما وقع تحت يدها من اموال واجهزة ومعدات وغيرها من “غنائم” الحرب والفتوحات والاغارة في 2 آب 1990. وبسبب رفض نظام البعث الالتزام بالشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن تشكل تحالف دولي من 32 دولة قام بتحرير الكويت في بداية عام 1991 انهزم في معركتها الجيش العراقي شر هزيمة (سماها ذلك النظام بـ “أم المعارك”!). على اثر ذلك وبتشجيع مباشر من رئيس جمهورية الولايات المتحدة الامريكية آنذاك (الرئيس جورج بوش الاب) انتفض الشعب العراقي بكورده في كردستان العراق وعربه في الوسط والجنوب. تم قمع الانتفاضتين الشعبيتين بالوحشية والضراوة البعثية المعهودة وقتل خلالها عشرات الآلاف (القبور الجماعية في شمال ووسط وجنوب العراق خير شاهد على ذلك) وقام حوالي المليونين من شعب كردستان بالنزوح الجماعي نحو الحدود الشرقية والشمالية تعبيرا عن رفضهم لنظام البعث وخوفا من استخدامه للأسلحة الكيمياوية والجرثومية ضدهم كما فعل مع سكان حلبجة وباليسان وجافايتي وغيرها.
قام الكورد الفيلية خاصة المتواجدين في اوربا الغربية وغيرها بالمشاركة الواسعة في التظاهرات والاعتصامات الكبيرة ضد السفارات والقنصليات العراقية وامام السفارات الامريكية دفاعا عن شعب كردستان العراق واحتجاجا على جرائم البعث بحقه وطلبا للحماية الدولية لهذا الشعب المضطهد والمظلوم. تعرض المتظاهرون في عدد من العواصم الاوربية (من بينها ستوكهولم وهلسنكي) للرمي بالرصاص الذي اطلقه جلاورة النظام “الدبلوماسيون” من داخل هذه السفارات والقنصليات. وقام الكورد ألفيليه الذين سبق لنظام صدام أن سفرهم إلى إيران في السبعينيات والثمانينيات بجمع المساعدات للاجئي الانتفاضة وكانت هذه من بين أولى المساعدات التي وصلت إليهم بالشاحنات. كما ورافق المرحوم د. علي باباخان السيدة ميتران عند زيارتها هؤلاء اللاجئين على الحدود العراقية-ألإيرانية في بداية تلك الفترة والاطلاع على أوضاعهم المأساوية، كما كان ضمن وفد كبير من “حماية الأطفال” السويدي، الذي سافر إلى تلك المنطقة في تلك الفترة أيضا لتقييم الوضع من اجل تحديد نوع المساعدات الممكن تقديمها لهم، كاتب هذه الدراسة (وصل حتى رواندوز ورأى مآسي ومعاناة ألاجئين داخل إيران وعلى طول الطريق، المكتظة بالسيارات المتوقفة والرجال والنساء والأطفال المنتشرين على قارعته وجانبيه في وضع مأساوي ومزري، حتى عمق كوردستان، ليفاجئ بخبر سفر وفد كوردستاني إلى بغداد لمقابلة الدكتاتور والتسابق على تقبيل وجنتيه!).
بسبب ردود الفعل القوية لدى الرأي العام الاوربي والامريكي تدخلت كل من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا (انسحبت فرنسا بعد تسنم جاك شيراك رئاسة الجمهوية بعد ميتران) باقامة منطقة آمنه في كردستان العراق وفرضت منطقة حظر الطيران على العراق شملت القسم الاكبر من كردستان العراق (وبعدها منطقة أخرى في الجنوب) وقامت بحراسة اجواء تلك المنطقة بطائرات انطلقت من مطار انجيرليك في شرق تركيا. واصبحت تلك المنطقة تحت سيطرة الاحزاب الكردستانية ولم تكن للبعث سلطة فيها منذ انتفاضة 1991 حتى سقوطه في 9 نيسان 2003.
ولكن بسبب كون القوى السياسية الكردستانية لم تكن متهيأة كما لم يكن شعب كردستان مهيأّ لمثل هذه الاوضاع ولم تكن لديهم خبرات في مجالات ادارة دوائر الدولة، عانى الوضع في بادئ الامر صعوبات جمة حيث لم تكن الادارات تعمل بشكل منتظم لتسيير امور الناس ومؤسسات الخدمات العامة او لتنظيم حياة المواطنين اليومية. ولكن الامور بدأت بالتحسن التدريجي حتى جرت انتخابات ناجحة وبشكل حر وديمقراطي وفي جزء محرر من بلد يعيش تحت الدكتاتورية والمركزية الصارمة وعبادة الشخصية لثلاثة عقود ونيف ومرَّ بظروف اقتصادية واجتماعية وجيوسياسية صعبة للغاية.
عاد عدد من الكورد الفيلية الى المناطق المحررة من بقية مناطق العراق ومن المهجر للمشاركة في الوضع الجديد وعملوا في اربيل والسليمانية وغيرها (مثل عادل مراد، حبيب محمد كريم، الذي اسندت اليه مهمة تحرير جريدة “التآخي”، ويد الله وغيرهم) الذي استمر مستقرا لفترة من الزمن حتى بدأت القوى الاقليمية التي تقطن ضمن حدود دولها اجزاء من الشعب الكردي وهي تركيا وايران وسوريا بالتدخل في شؤون الاقليم اضافة الى تدخلات نظام البعث في بغداد. كانت هذه الدول تتظاهر في العلانية بمساندة شعب كردستان ومعارضة سياسة بغداد تجاههم ولكن كان وزراء خارجيتها يعقدون في نفس الوقت اجتماعات دورية في انقرا تارة وفي طهران تارة وفي دمشق تارة اخرى مرة كل ستة أشهر وينسقون سياساتهم ونشاطات اجهزة مخابراتهم لتخريب تجربة اقليم كردستان في الديمقراطية والحكم الذاتي ولأثارة الخلافات بين الحزبين الكردستانيين الكبيرين نحو التخاصم والعداء حتى نجحوا في زرع الشكوك وبذور الفتنة واخيرا اشعال فتيل الاقتتال الداخلي بينهما عندئذ وبعد ان حققوا اهدافهم المعادية لشعب كردستان وتطلعاته توقفوا عن عقد اجتماعاتهم الدورية.
كان بين الكورد الفيلية مؤيدين للطرفين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) وبعد انشاء الادارتين في السليمانية واربيل عمل عدد من الكرد الفيلية في كلتيهما.
خامسا- منذ “حرب تحرير العراق”
أيد الكورد الفيلية حرب تحرير العراق كما فعل شعب كردستان العراق وقواه السياسية وقواته المسلحة تأييدا كاملا من اجل نيل حقوقهم وللتخلص من نظام الطاغية بشكل نهائي. كان دور الكورد الفيلية ضمن صفوف ونشاطات الاحزاب التي ينتمون اليها او يعملون فيها أو المشاركة في المظاهرات التي جرت في الخارج وعلى الانترنيت ضد نظام بغداد.
تعمل اعداد متزايدة من الكورد الفيلية في صفوف الاحزاب الكردستانية والعراقية، العلمانية والدينية، وعدد منهم يتسنم في صفوفها وفي ادارتي اربيل والسليمانية مراكز مسؤولية بمنصب وزير او نائب وزير او في صفوف قواتها المسلحة من بين المعروفين منهم عادل مراد (عضو مكتب سياسي) وعبد الرزاق ميرزا وسعدون فيلي (في ادارة السليمانية)، ويد الله كريم وجليل فيلى وحيدر شيخ علي (في ادارة اربيل).[12]
لم يقم الكورد الفيلية في العراق بانشاء احزاب سياسية[13] بل انخرطوا في صفوف الاحزاب الكردستانية والعراقية مفضلين تأسيس الجمعيات والمنظمات غير الحزبية للحفاظ على الروابط التي تجمعهم ولنشر ما لحق بهم من مآسي وويلات وظلم ولإظهار مشاكلهم وهمومهم وللدفاع عن حقوقهم وتطلعاتهم المشتركة. الا ان بعض الكورد الفيلية يشعرون ان الاحزاب الكردستانية تستطيع ان تعمل اكثر وان تذكر مشاكل ومظالم الكورد الفيلية ايضا عند التعامل مع المظالم التي تعرض لها شعب كردستان العراق والمشاكل التي تواجههم حاليا وخاصة في المحافل المهمة ذات العلاقة وفي وسائل الاعلام لأنهم، أي الكورد الفيلية، تَوَلَّدَ لديهم الانطباع بان هذه الاحزاب تغيبهم او تنساهم وتهمل مشاكلهم خاصة عند حسم الامور. ويرد بعض قادة هذه الاحزاب انهم يساندون الكورد الفيلية وحقوقهم وتطلعاتهم ولكن الكورد الفيلية هم انفسهم احسن المؤهلين لأثارة قضيتهم ونشرها في المحافل المناسبة وطرح مظالمهم ومطالبهم ومتابعتها بانفسهم. ولكن بعض الكورد الفيلية يردون قائلين انه ومع شديد الأسف فان بعض الشخصيات السياسية الكردستانية وبعض المثقفين الكورد ليست لديهم معلومات كافية عن الكورد الفيلية ومشاكلهم وما تعرضوا له من مآسي مما ادى الى عدم اكتراثهم وتغييبهم للكورد الفيلية ومشاكلهم.[14]
هناك البعض من الكورد الفيلية الذين يقولون ويتحاججون بان تغييبهم او اهمال قضيتهم يظهر من عدم تمثيلهم في مجلس الحكم او في المحافل الاخرى. ويرد آخرون بان الكورد الفيلية بحاجة الى تمثيل في هذه المحافل ضمن المجموعة الكردية وليس بشكل منفصل عنها، سواء كان ضمن المؤسسات القائمة الآن او التي ستنبثق في المستقبل. ان ذلك سيؤكد هويتهم الكوردية ويثبت مواطنتهم العراقية.
الاســــتنتاجات
الكورد الفيلية هم قسم من الشعب الكردي في العراق وجزء من الامة الكردية وهم سياسيا شريحة من الحركة التحررية الكردستانية في العراق وهم عراقيو المواطنة والجنسية. وهذه حقائق موضوعية لا يمكن انكارها. احداث وتطورات نصف القرن الماضي تظهر وتؤكد ذلك. الا ان للكورد الفيلية خصوصية بالنسبة لوضعهم العام وللمظالم التي تعرضوا لها على يد الدولة العراقية وللمشاكل التي تواجههم ألآن. المشاكل التي يعاني منها الكورد الفيلية هي مشاكل عديدة ومعقدة وصعبة الحل في ظل الظروف الحالية. يمكن ذكر اهم هذه المشاكل بشكل مختصر في النقاط التالية:
1- مشاكل الجنسية والمواطنة: لقد نظرت الدولة العراقية منذ تاسيسها وتبنيها قانون الجنسية نظرة غير عادلة فيها الكثير من الغبن والاجحاف بحقهم وكأنهم غرباء ومن اصول غير عراقية رغم انهم وآبائهم واجدادهم مواطنون عراقيون بالولادة وخدموا في الجيش العراقي وارسلوا الى جبهات القتال. لقد حكم الكورد الفيلية، كما جاء اعلاه، العراق من سامراء حتى البصرة من سنة 1523 الى سنة 1529 ميلادية واغلبيتهم بقوا وقطنوا العراق منذ تلك الحقبة كما أشارت الى ذلك الشرفنامه الصادرة عام 1584 ميلادية. الا أن نظام البعث قد اسقط عن مئات الآلاف منهم جنسيتهم العراقية ورماهم عند الحدود.[15] وفي ايران اعتبرتهم السلطات الايرانية غرباء ومواطنين عراقيي الجنسية وكانت الناس تطلق عليهم اسم “عَرَبَها” (اي العرب). مشكلة المواطنة والجنسية تحتاج الى حل جذري عن طريق سن قانون جديد للجنسية واعادة الجنسية الى كل المسفرين الراغبين في استعادتها.
2- مشاكل الاملاك والممتلكات المصادرة: لقد صادر نظام البعث جميع املاك وممتلكات واموال الكورد الفيلية، المنقولة منها وغير المنقولة والسائلة (النقود والذهب وارصدة البنوك وغيرها) بقرارات كيفية واعتباطية غير قانونية اتخذت بدون ادنى وازع من دين او ضمير او انسانية. اعادة هذه الاملاك والممتلكات الى اصحابها الشرعيين هي من ابسط متطلبات الحق والعدل والقانون. هذه ليست املاك وممتلكات “متنازع” عليها بل هي اعادة الحق الى اصحابه. وهذه المشاكل شبيهة بمشاكل المهجرين من الكورد والتركمان وغيرهم من كركوك وخانقين ومندلي وغيرها من المناطق الكردستانية.
3- مصير المحتجزين من الكورد الفيلية: كما ذكرنا اعلاه احتجز نظام البعث الآلاف من شبيبة الكورد الفيلية خلال عمليات التسفير الجماعية في بداية الثمانينيات من القرن الماضي. وبعد حرب تحرير العراق لم يعثر احد على أثر لهم سوى بعض وثائق الأمن والمخابرات التي تشير الى اعدام المذكورة اسمائهم في هذه الوثائق. اما مصير البقية والتي هي الاغلبية بينهم فلا احد يعلم علم اليقين ما جرى لهم. فبعض التقارير يقول انهم استخدموا في فتح حقول الالغام اثناء الحرب مع ايران وتقارير اخرى تقول ان النظام البعثي الاجرامي اجرى تجارب اسلحته الكيمياوية والجرثومية عليهم. اهالي هؤلاء المحتجزين يريدون ان يعرفوا ما جرى لاولادهم وبناتهم. واذا اعدموا وقتلوا هل تم دفنهم؟ واين هي مقابرهم؟
4- مشاكل العودة: يتسائل الكثير من الكورد الفيلية عن العودة الى وطنهم العراق الذي سُفّروا منه ظلما وعدوانا وعن الجهة المسؤولة عن ادارة هذه العودة وكيفية تنظيمها من قبل السفارات والقنصليات العراقية في الخارج ومدى صلاحياتها في اصدار وثائق سفر عراقية للراغبين منهم في العودة وهل سيعودون الى بيوتهم المغتصبة أم الى أين؟ ان قرار مجلس الحكم هو “تأسيس الهيئة العليا المختصة بحل منازعات الملكية العقارية” في حين ان الموضوع لا يتعلق بمنازعات بل باعادة الحقوق المصادرة اعتباطا من قبل نظام دكتاتوري جائر الى اصحابه، بقدر تعلق الامر بالكورد الفيلية وبشعب كردستان العراق من الكورد والتركمان وغيرهم المهجرين قسرا.
5- مسألة التعويضـات: اذا لم يكن من الممكن اعادة الحق الى اصحابه الشرعيين فهل ستقوم الدولة العراقية بتعويض اصحاب هذا الحق؟ ومتى؟ وكيف؟ أم هل سيضيع منهم حقهم هذاٍ؟ هل سيغبن الكورد الفيلية كبقية ابناء كردستان الآن كما غبنوا دائما من قبل الدولة العراقية منذ تأسيسها ولحد الآن؟ هل سيطلب منهم الانتظار بهدف التسويف والنسيان من اجل هضم هذه الحقوق كما كان يجري دائما في السابق؟
مسألة الكورد الفيلية وحل قضية كردستان العراق
يعتقد الكورد الفيلية ان حقوقهم يمكن ان تعاد اليهم اذا تم حل القضية الكردية في العراق بشكل جذري ونهائي على أساس الحل الفيدرالي الجغرافي القائم على اساس توحيد مناطق اقليم كردستان العراق في وحدة ادارية واحدة من أجل تقوية الوحدة العراقية وتلبية لرغبة الاغلبية الساحقة من سكان هذا الاقليم ووضع ضوابط كافية واضحة وصريحة لهذا الحل في الدستور العراقي وفي القوانين العراقية وبضمانات دولية من الامم المتحدة كطرف ثالث من اجل قطع الطريق على اية محاولات من اية جهة كانت قد تحاول ان تجرب السياسات القمعية السابقة بحق شعب كردستان العراق ومنع اتخاذ اجراءات وقرارات اعتباطية وكيفية من قبل المركز كما كان يجري حتى 9 نيسان 2003. هذا الحل للقضية الكردية في العراق هو شرط اساسي لحل قضية الكورد الفيلية ولكنه ليس شرطا كافيا ما لم تقم القيادة الكردية بايجاد حلول جذرية لقضية الكورد الفيلية وضمان هذه الحقوق ووضع الضوابط الدستورية والقانونية لها وتجنب تكرار اخطاء السبعينات مع المركز الذي بدأ بضرب الكورد الفيلية ليختبر كيفية ومدى ردود فعل القيادة الكردية تجاها وعندما اكتشف ان ردود الفعل هذه كانت واهية وفاترة تمادى النظام في مواقفه الشوفينية وسياسته في التطهير العرقي. تجربة السبعينيات والثمانينيات تبين بوضوح ان هناك تداخلا عضويا متشابكا في سياسات المركز (الدولة العراقية) تجاه اقليم كردستان العراق وتجاه الكورد الفيلية وكركوك وخانقين ومندلي وسنجار والشبك والأزيديين.
يعرف الكورد الفيلية وابناء شعب كردستان العراق كما يعرف خصومهم واعدائهم ان وحدة صفوف قواهم السياسة وشرائحهم الاجتماعية واطيافهم الدينية والمذهبية هي قوة للحركة التحررية الكردستانية في العراق ككل ولكل واحد منهم ايضا وبان فُرقتهم هي ضعف لجميعهم. وهذه بديهية يعرفها الكل ولكن المهم ان يلتزم الجميع بها قولا وفعلا وان لا يسمحوا للخصوم والاعداء النجاج في خلق الفرقة والخلافات والخصامات بينهم كما فعلوا سابقا ونجحوا في ذلك احيانا.
مَــن المســـؤول: تعرض الكورد الفيلية كبقية سكان كردستان العراق الى جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وابادة جماعية وتطهير عرقي وسلب ونهب (فرهود وسبي) وسرقة من قبل الدولة العراقية خاصة في زمن حكم الطاغية صدام. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل قام صدام بكل هذه الجرائم بنفسه شخصيا ولوحده؟ وهل قام بقتل كل هذه المئات من الآلاف من الضحايا بيديه فقط؟ الجواب هو طبعا لا. اذن تتطلب العدالة ويتطلب القانون معاقبة الذين شاركوا في اصدار وتنفيذ قرارات عمليات الانفال والقصف الكيمياوي والتهجير القسري والتسفير وقتل سكان حلبجه وشبيبة الكورد الفيلية والبارزانيين وغيرها من الجرائم بدأً بالطاغية صدام حسين وانتهاء بالمسؤولين من المستويات التي تشملها قرارات اجتثاث البعث كل حسب الجرم الذي اقترفه [16] مع عدم التضحية بالجهود الرامية الى تحقيق المصالحة الوطنية وطي صفحات الماضي وفتح صفحة جديدة تتطلع الى المستقبل وأخذ الدروس والعبر من تجارب الماضي دون الوقوع سجينا لهذا الماضي.
مـا العمـــــل؟
ماذا يستطيع الكورد الفيلية عمله لاعادة الاعتبار لهم ولاستعادة مواطنتهم وحقوقهم المهدورة؟
1- توحيد صفوفهم وتنسيق نشاطات منظاتهم داخل العراق وخارجه ودرء كل محاولات استعمالهم في اية لعب سياسية تضر بهم ككورد في المدى البعيد وخاصة سد الطريق امام محاولات استغلالهم ضد شعب كردستان وتطلعاته وحقوقه المشروعة على اسس طائفية او غيرها. التعددية ظاهرة صحية في النظم الديمقراطية بسبب تباين الآراء واختلاف المصالح الا ان الاحتراب والتراشق هو ظاهرة سلبية قد تتحول الى ممارسة خطرة تضر بجميع الاطراف المشاركة فيها. وحدة الصفوف شرط اساسي لاستعادة الحقوق اما الاحتراب والتراشق فهما يؤديان الى فشل كل المشاركين فيه وضياع حقوق الكورد الفيلية.
2- تشكيل لجنة تنسيق تتمتع بقبول عام لدى الكورد الفيلية تتولى عرض مظالم ومطالب الكورد الفيلية وتكون الصوت الموحد لهم في مختلف المحافل السياسية (وغيرها) الداخلية والخارجية.
3- اقامة وتقوية العلاقات مع كل الاطراف الكردستانية والعراقية بمختلف اطيافها وميولها السياسية خاصة داخل العراق مع الابتعاد عن اية صراعات قد تنشأ بين هذه الاطياف ومع الادارة المدنية والمنظمات الدولية وغيرها، مع عدم نسيان مسألة مركزية وهي ان حل قضية الكورد الفيلية مرتبطة عضويا مع حل قضية كردستان العراق.
4- قيام لجنة التنسيق المشار اليها اعلاه، بالتشاور مع المنظمات والشخصيات الكوردية الفيلية، بتحديد المطالب الكوردية الفيلية في مختلف المجالات لامكان عرضها على الجهات والمحافل المختصة بهدف تحقيقها.
إِضـــافـــــــات
بعد كتابة هذا البحث باللغة الانكليزية وترجمتة الحالية الى العربية ظهرت بعض المعلومات وحصلت بعض التطورات في الموقف من الكورد الفيلية ومواقع المسؤولية التي تسنموها في الوضع الجديد في العراق.
اولا: تعيين كورد فيلية في مراكز مسؤولية.
1- السيدة زكية اسماعيل حقي تعمل مستشارة في وزارتين عراقيتين ود. سعيد اسماعيل، ود. فؤاد حسين، وفيصل درويش، يعملون مستشارين في وزارات عراقية مختلفة ويعملون منذ سقوط نظام البعث.
2- نقلا عن موقع “النهرين” الالكتروني في 11/2/2004 وحسب جريدة بغداد الصادرة في بغداد فقد صدر قرار عن مجلس الحكم عيّن أو رشّح بموجبه 80 (حسب بعض المصادر) او 84 (حسب مصادر اخرى) وكيل وزارة[17] من بينهم 6 من الكورد الفيلية هم:
السيدة حمدية احمد نجف، وزارة المهجرين والمهاجرين
السيد اراس حبيب محمد كريم، وزارة الداخلية
السيد حميد ميرزا، وزارة البيئة
الدكتور كمال قيتولي، وزارة حقوق الانسان
السيد ضياء حسين علي فيلي، وزارة المهجرين والمهاجرين
السيد جابر محمد الجابري، وزارة الثقافة
مع العلم بانهم رُشِّحوا لمواقع المسؤولية هذه من قبل المجموعة الكردية في مجلس الحكم ومن قبل قوى سياسية عراقية اسلامية وعلمانية (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية، حزب الدعوة، المؤتمر الوطني العراقي). ليس واضحا لحد كتابة هذه الدراسة مَن من هؤلاء المعينين او المرشحين قد بدأوا فعلا بمزاولة عملهم.
ثانيا: صدور قرار عن حكومة اقليم كردستان العراق، ادارة السليمانية، في نهاية سنة 2003 بمنح راتب تقاعدي لعوائل (أي للزوجة او للاطفال القاصرين) المحجوزين الذين استشهدوا على يد سلطات نظام البعث.
ثالثا: صدور “قانون تأسيس الهيئة العليا المختصة بحل منازعات الملكية العقارية” (المنشور نصه في جريدة الصباح البغدادية في 15/1/2004). يبدو ان مشرعي القانون ينظرون الى مشكلة الاملاك والممتلكات التي صودرت من الكورد الفيلية ومن مواطني كردستان العراق هي مشكلة حول “منازعات الملكية العقارية” وليس حول اعادة حقوق مسلوبة الى اصحابها الشرعيين الاصليين التي صودرت منهم هذه الاملاك والممتلكات بدون وجه حق او قانون وبقرارات واجراءات اعتباطية تعسفية. والقانون هذا يتعلق فقط بـ “الملكية العقارية” ولا يجئ على ذكر الاموال المنقولة المصادرة بنفس الاسلوب اللاقانوني، مثل المحتويات المختلفة التي كانت موجودة في الممتلكات العقارية (مثل الاثاث والحلي والاجهزة والادوات والمكائن وغيرها في العقارات السكنية والصناعية) والسيارات وودائع البنوك والممتلكات الزراعية وغيرها التي صادرتها منهم الدولة العراقية المتمثلة بالحكومة واجهزتها القمعية والتنفيذية والقضائية والتشريعية (مجلس قيادة الثورة والمجلس الوطني ومجلس الوزراء واجهزة الامن والمخابرات والشرطة والقوات المسلحة) التي شاركت في عمليات التهجير والتسفير والمصادرة بشكل أو بآخر.
عنوان البريد الالكتروني: majeed.jafar@maxima.se
————————————————————————–
ملاحظة مهمة: كما يدل عنوان البحث فان إطاره يتحدد بدور الكورد الفيلية في الحركة التحررية ألكوردستانية ولا يشمل دورهم في بقية قوى المعارضة العراقية، الشيوعية والديمقراطية والوطنية والإسلامية، حيث كان للكورد الفيلية دورا بارزا جدا في صفوفها وتسنموا ولا يزالون يتسنمون مراكز مسؤولية عالية في قياداتها، قسم منهم انتشرت أسمائهم في وسائل الإعلام وآخرون بقيت أسمائهم محصورة ضمن نطاق تنظيماتهم وبين الكورد الفيلية أنفسهم وقدم قسم منهم خدمات كبيرة وكثيرة للكورد الفيلية ولأحزابهم وللمعارضة العراقية بشكل عام.
* قدمت هذه الدراسة ياللغة الانكليزية الى الكونفرانس الاكاديمي “قضايا تتعلق بالكورد وكردستان” الذي عقد في بوزنان في بولندا، 20-21 تشرين الاول 2003 والذي نظمه قسم الدراسات العربية والاسلامية في جامعة آدم ميكيفيش وبمبادرة من رئيس القسم البروفيسور دكتور عدنان عباس. الترجمة الحالية تختلف عن النص الانكليزي الاصلي في التبويب والاخراج والتجديد.
** حصل المؤلف على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد (التخطيط الإقليمي واقتصاديات البلدان المتخلفة أو النامية) من جامعة هلسنكي، فنلندا، عام 1976 ومن ثم درس كطالب ابحاث في مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية لمدة ثلاثة سنوات. تمت ترجمة اطروحة الدكتوراه الى اللغتين التركية والعربية اذ ان القسم العملي منها كان حول كردستان تركيا.
عضواتحاد الكتاب السويدي منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
عمل حزبيا في صفوف الحركة التحررية الكردستانية منذ عام 1970 (1970-1980 في الحزب الديمقراطي ألكوردستاني، 1982-1992 في حزب الشعب الديمقراطي ألكوردستاني، والى عام 1993 في حزب الوحدة ألكوردستاني – الذي تشكل من اتحاد حزب الشعب الديمقراطي ألكوردستاني والحزب الاشتراكي ألكوردستاني وپاسوك) وتسنم فيها مختلف المسؤوليات الحزبية والسياسية حتى عام 1993 حين ترك النشاط الحزبي لأسباب سياسية عديدة ولم يشترك في أي مؤتمر حزبي بعد مؤتمر تشكيل حزب الوحدة ألكوردستاني في أعقاب انتخابات عام 1992.
*** الكورد الفيلية هم جزء من الشعب الكردي في العراق ولكن لكون غالبيتهم يقطنون او سكنوا في مناطق تقع خارج حدود اقليم كردستان العراق، مثل بغداد وغيرها من مدن وسط وجنوب العراق، لذا لا يمكن اعتبار هذه الاغلبية جزء من شعب كردستان العراق ، في حين ان الكورد الفيلية من خانقين ومندلي والمناطق القريبة هم جزء من الشعب الكردي ومن شعب كردستان العراق ايضا اذ ان هذه المناطق هي قسم من كردستان العراق.
[1] ينبغي التفريق بين حالة الكورد الفيلية من المدن الكردستانية مثل خانقين ومندلي الخ والتي تشكل الجزء الجنوبي من كردستان العراق وحالة الكورد الفيلية من مدن بغداد ووسط وجنوب العراق ذات الاغلبية العربية. كورد هذه المدن تعرضوا مرارا وتكرارا الى حملات تسفير الى خارج الحدود في حين ان الكورد الفيلية من المدن الكردستانية هم ضحايا التهجير القسري داخل العراق.
[2] في بعض المناطق التي يقطنها الكورد الفيلية ضمن الاماكن العربية في العراق يرتدي البعض من هؤلاء الزي العربي ولكنهم يتكلمون اللغة الكردية ويعتبرون انفسهم كوردا، مثل الريواري والكوردلي. ويلاحظ نفس الشئ بين الكورد من بعض مناطق كردستان القريبة من الاماكن العربية مثل الأزيديين والشبك وكورد سنجار.
[3] حسب تقديرات امريكية فان عدد الكورد الفيلية في بغداد الآن يتراوح بين 700.000 و 750.000 شخص (المصدر: حميد نوروز بعد زيارة الى بغداد في النصف الثاني من عام 2003). ويذكر آية الله هادي المدرسي في بيان له ان هناك 3.000.000 كوردي فيلي في العراق (بيان صدر عنه بتاريخ 24/9/2003 بعنوان “استمرار الظلم ضد الاكراد الفيلية”). تنبغي ألإشارة هنا إلى أن كل هذه الأرقام هي تقديرات أو ألأصح “تخمينات”.
[4] فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعاقد عدد من الكورد الفيلية مع السلطات المحلية والبريطانية على تسوية وتعبيد الطرق جنوب العاصمة بغداد في الثلاثينيات والاربعينيات من القرن الماضي واستخدموا فقط كوردا فيليين في هذه النشاطات الاقتصادية.
[5] عند تسفير الكورد الفيلية من العراق قامت الدولة العراقية ممثلة بالحكومة” بمصادرة” جميع اموالهم واملاكهم المنقولة وغير المنقولة وودائعهم في البنوك ومحلاتهم التجارية ومصانعهم وغيرها دون اعطائهم اية فرصة لبيعها في حين ان نفس الدولة قامت “بتجميد” اموال وممتلكات اليهود المهاجرين او الذين اسقطوا جنسيتهم العراقية وسمحت لهم السلطات العراقية ببيع ما استطاعوا من ممتلكاتهم قبل مغادرة العراق. وهذا معناه انهم يستطيعون قانونيا ونظريا المطالبة بهذه الممتلكات اذا عادوا الى العراق في حين ان الكورد الفيلية لا يستطيعون ذلك لأن اموالهم وممتلكاتهم تمت مصادرتها وليس تجميدها.
[6] يشير أحد الاصدقاء الى انتشار ثقافة أوعقلية “الفرهود والسَبي” في مجتمعات الشرق الاوسط التي عبّرت عن نفسها مرارا عند غياب السلطة وانعدام الامن عند وقوع تغييرات سياسية كبيرة (كما حصل في العراق مثلا يوم 14 تموز 1958 وخلال عمليات الانفال (التي اباح فيها نظام البعث لقواته المسلحة “الغازية” سلب ونهب اموال وحيوانات الكرد وقتل المدنيين العزل وسبي نسائهم وبناتهم بعد تحقيق “النصرالمؤزر” عليهم من قبل “القوات المسلحة الباسلة” واثناء عمليات التسفير والتهجير القسري للكرد) واثناء انتفاضات 1991 وعند سقوط نظام البعث في 9 نيسان 2003 وبعدها) وعند احتلال الجيش العراقي للكويت عام 1991 وعند نهب نفط الشعب العراقي من قبل بعض حكومات الجوار وسياسيين وصحفيين …الخ من الدول العربية والاسلامية، والتي ذكرت اسمائهم صحف بغدادية. ويُرجع البعض اصول هذه الممارسات الى الثقافة العشائرية ـ البدوية والغزوات القبلية ونهب وسلب القبيلة المغلوبة واعتبار كل شيئ عائد لها (من الاموال المنقولة والابل والاغنام والنساء…الخ) غنائم يحق للقبيلة المنتصرة اخذها عنوة اذا تطلب الأمر. هذه الظاهرة تحتاج الى دراسة خاصة.
[7] تشير بعض التقارير شبه المؤكدة بان المحجوزين قد تمت “تصفيتهم” بمختلف الطرق والاساليب. فقسم منهم جرى اعدامه وقسم اجبر على السير في حقول الالغام لفتح الطريق امام وحدات “الجيش العراقي” خلال الحرب مع ايران وقسم جرى استخدامه في تجارب الاسلحة الكيمياوية والجرثومية التي اجراها النظام. واذا تأكدت هذه التقارير فهذا يدل على ان الجيش قد اجرى تجارب هذه الاسلحة على شباب الكورد الفيلية ثم استخدمها ضد اكراد كردستان وخاصة في جريمة قصف مدينة حلبجه وغيرها بالغازات السامة عام 1988.
[8] لقد أكد نائب رئيس وزراء البعث طارق عزيز حقيقة نوايا نظام البعث بتجريد الكورد من قوتهم الاقتصادية عندما أخبر الوفد الكردي المفاوض الذي ذهب الى بغداد في نهاية فترة الانتفاضة عام 1992 قائلا “لن نسمح ابدا بقيام قاعدة اقتصادية في المنطقة الكردية”. (نقلا عن عضو في الوفد الكردي حضر تلك الاجتماعات).
[9] جرى خلال هذه الفترة انقلاب (انقلاب رشيد عالي الكيلاني) في بغداد موال لألمانيا النازية و للمحور (المانيا-ايطاليا-اليابان) ومعاد للحلفاء، تم القضاء عليه من قبل الجيش البريطاني الذي دخل العراق من الاردن. وفي رأي البعث فأن هذا الانقلاب هو حدث بارز في تاريخ العراق القومي.
[10] بسبب نشاطاته في الحزب المذكور قامت السلطات في العهد الملكي باعتقاله مرات عديدة وسفرته الى ايران بحجة “التبعية”.
[11] كانت هناك اسباب سياسية أخرى جعلت القائد التاريخي البارز مصطفى البارزاني يتخذ هذا الموقف الثابت.
[12] ذكر السيدات والسادة الواردة اسمائهم اعلاه هو الألتزام بالوقائع التأريخية التي حصلت خلال الحقبة الزمنية موضوعة البحث على ضوء المعلومات المتوفرة حاليا ولا يعني اتخاذ موقف معين تجاه ارائهم ومواقفهم ومماراستهم خلال تلك الحقبة الزمنية من تطور الحركة التحررية الكردستانية في العراق.
[13] من مصلحة الاحزاب الكردستانية نفسها ان تعير اهتماما اكبر لقضية الكورد الفيلية ومشاكلهم وان تدافع عنهم وعن مصالحهم في المحافل ذات الاهمية لأن العراق من المؤمل ان يصبح ديمقراطيا وعندئذ ستجري الانتخابات البرلمانية وربما الاستفتاءات وعندها سيكون لأصوات الكورد الفيلية وزنا لا يستهان به (مليون كوردي فيلي أو أكثر اذا استطاع المسفّرون العودة الى ديارهم المغتصبة). مع العلم ان الاحزاب العراقية الاخرى، من علمانية واسلامية، تعمل منذ الآن على كسب اكبر عدد منهم بوسائل الترغيب المختلفة.
[14] هنالك اخبار تشير الى محاولات يقوم بها عدد من الكورد الفيلية يقال انها بمساندة ودعم اطراف عراقية غير كردية لتشكيل تنظيمات اجتماعية وسياسية وغيرها جديدة ذات اتجاهات متباينة اضافة الى اقامة مواقع الكترونية جديدة على الانترنيت.
[15] تنبغي الاشارة هنا الى ان نظام البعث الشوفيني كان يعطي الجنسية العراقية مباشرة الى كل بعثي يأتي الى العراق من أي مكان والى كل عربي موال للبعث وافكاره بعد وقت قصير.
[16] أم هل يُطَبَّق البيت الشعري الآتي للشاعر الجواهري على الكورد الفيلية وعلى شعب كردستان وغيرهم من ضحايا جرائم نظام البعث؟
قتل امرأ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمنِّ مسألة فيها نظر
[17] حسب ايلاف في 12/2/2004 فقد “رفض رئيس سلطة التحالف قائمة وكلاء الوزارات الجدد في العراق التي اصدرها مجلس الحكم امس وقرر تعليق العمل بها” لأن الاختيار جاء على اساس “المحاصصة والتوفيقية وليس على اساس الكفاءة والامكانية” وبأن الاسماء اعتبرت بمثابة ترشيح لمناصب الوكلاء عند صدور قائمة جديدة من دون الألتزام بها جميعها، كما أبلغت مصادر مقربة من سلطة التحالف راديو سوى الليلة.
بعض المصـــــادر
فيما يلي عينة من اسماء الكتب والمقالات والمؤلفين الذين كتبوا حول الكورد الفيلية بمختلف اللغات وفي مختلف البلدان والمحافل الاكاديمية والسياسية وغيرها والمواقع الالكترونية المهتمة بقضيتهم.
Dr. Kadhim Habib, Dr. Qasim al-Mandelawi, Dr. Ismail Kamandar, Dr. Kamal Ketuly, Judge Zuhair Kadhim Abbod, Karzan Khanaqini, Dr. Mu’aiyad Abd al-Sattar, Dr. Abd al-Rahim al-Rifa’I, Dr. Adnan Abbas and many others. A comprehensive list of articles, papers and other sources on Fayli Kurds is found at http://www.9neesan.com site.
1- Najm S. Mehdi, al-Fayli, Stockholm 2001.
2- Dr. Adnan Abbas, Poznan University, Issues Concerning the Kurds and Kurdistan, 2003.
3- Middle East Watch, The Forgotten mass deportations in Iraq, Middle East International, Nov. 20, 1992.
4- Judge Zekia I. Hakki, The Iraqi Fayli Kurds and their catastrophic case, National Press Club, Washington DC, Oct 4, 2002.
5- Dr. Kadhum Habib, The plight of Fayli Kurds in Iraq, June 15, 2003.
6- Dr. Munther al-Fadhel, Fayli Kurds and their rights in the future of Iraq.
7- Abdul Rahman Ghassemlou, Kurdistan and the Kurds, London, 1965
8- M Jafar, 1976, Under-underdevelopment, A Regional Case Study of the Kurdish Area in Turkey, in English (Helsinki), Turkish (Istanbul) and Arabic (Beirut).
9- Muhammad A Zeki, History of the Kurds and Kurdistan, Baghdad, 1961 (Arabic).
10- The late Dr. Ali Babakhan, The Fayli issue in Iraq: origins and solutions, London, Dec. 2002.
11- Wittfogel, K.A., Oriental Despotism, A Comparative Study in Total Power, New Haven, 1967.
12-The internet, the following among many other sites:
http://www.fkgc.com/
http://www.9neesan.com/
http://www.afka.com/
http://biphome.spray.se/faili.kurd/
http://www.sotaliraq.com/feli.htm